22 ديسمبر، 2024 1:29 م

عندما كنا طلابا صغار في السن كانت أحداث التاريخ المصاغة كمنهج دراسي تذهلنا وكم تمنينا ان يعيد التاريخ نفسه ومعه اؤلئك الابطال الذين صنعتهم الحكايات المدرسية ليحكموا من جديد فمن منا في وقتها لم يعجب بدهاء معاوية وبناءه دولة قوية على حدود الروم ومن منا لم يحفظ نداء ( قتل رستم) ومن منا لم يحسد ابن أبي سرح يوم وهبه الخليفة كل غنائم أفريقيا بعد غزوه لها ومن منا لم يتمنى ان يكون هو صلاح الدين ليحمي القدس من غزوات الصليبيين بل من منا نسى صرخة تلك المرأة العربية على أطراف عمورية ( وا معتصماه) وتمنى ان يكون هو قائد تلك الخيل البلق لاجابة ذلك النداء البعيد ولما كبرنا اكتشفنا ان كل ذلك زيفا ولم يكن معاوية غير شخصا طامحا للحكم وعميلا للروم وان الخليفة وهب بن أبي سرح الغنائم لأنها خالية من الجواري ذات العيون الملونة والاجساد البضة وكلهن افريقيات وان صلاح الدين لم يكن صالحا وارتكب جرائم يندى لها الجبين خجلا واباد الفاطميين عن بكرة ابيهم وان المعتصم لا يعرف أين تقع عمورية ولم يسمع صرخة تلك العربية الموهومة إذ لايوجد عربا هناك ولو كان المعتصم عربي الهوى لما سلط بغا ووصيف وغيرهم من الأتراك على رقاب العباد يعيثون فسادا في بغداد يستحلون المحارم ويأخذون الاتاوات ويذلون العرب ويقتلون من يعترض طريقهم وان تاريخنا عبارة عن قمامة نتجت عن شراء الحاكم المتجبر لذمم كتبة التاريخ واغراهم بالمال ليستعيروا له حسنات غيره ويسلبوا اعدائه حتى محاسنهم والا كيف يكون الجبان فاتحا ومن يلاط به اميرا وضعيف الارادة حاكما والكذاب مصلحا والوضاع وبائع الذمة مؤرخا والصحابة كلهم عدول؟
ان تاريخا مثل هذا يجب أن لايعتد به ولايعتمد عليه وإنما يجب أن يعامل بالطمر والحرق مثل اية نفايات أخرى والا سنظل اسري تاريخ مكذوب نختلف ونحترب عليه كل يوم ونتهم بعضنا بعضا بالطائفية التي تحولت إلى تهمة تلصق بكل من يؤشر زيف وخداع في تاريخ أمة لم يكن سوى أكاذيب وضعها حاكم فاسد ودونها من باع ذمته له..