وردتني، مؤخراً، العديد من الرسائل المتداولة، عبر وسائل الاتصالات المختلفة، تتضمن معلومات عن تورط عديد من العاملين في الحلقات المتقدمة من قطاع الكهرباء بممارسات خاطئة معيبة، وإذا صحّ ذلك (لا سمح الله) فإن ذلك يعد مؤشراً على أن الأمور تسير نحو الانهيار، في مرحلة استثنائية تتسم بالكثير من المعوقات الفنية والمالية تمر بها المنظومة الكهربائية الوطنية لا يعالجها إلا العمل النزيه والدؤوب لانتشال هذه المنظومة من واقعها المتردي.
عادت بي هذه الرسائل إلى ما حدث، قبل عشرين عاماً مضت، عندما تأكدت التهم الموجهة إلى عديد قليل من موظفي هيئة الكهرباء بتعاملات غير مشروعة مع بعض الشركات الأجنبية، عبر وسطاء ومقاولين عراقيين، فصدرت بحقهم أحكام عقابية على وفق القوانين السائدة، آنذاك، وكان لذلك وقع نفسي قاس عانى منه العاملون في قطاع الكهرباء والذي سوف يؤدي حتماً إلى انخفاض مستوى الأداء العام المتصل بمهماتهم، فكان لزاماً عليّ، شخصياً، نقل هذه الحالة وعرضها أمام أنظار الرئيس الراحل صدام حسين (رحمه الله)، بعد ان تمت تسميتي وزيراً لهيئة الكهرباء، وهنا كان التوجيه حاسماً، عندما بدأ حديثه بما نصت عليه الآية القرآنية الكريمة (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، إذ تضمن حديث الرئيس الراحل عبارات المديح للعاملين في قطاع الكهرباء حيث ورد فيه ما نصه: (همة أهل الكهرباء همة عراقية)، وكان الهدف من إطلاق هذه العبارة استنهاض همم العاملين وإشعارهم أن عليهم تجاوز ما حصل لأنه حالة عابرة ليس إلا، فكانت هذه معالجة سريعة حققت، على أثرها، إنجازات متتالية على صعيد العمل بالرغم من الظروف الاستثنائية، التي كانت تمر بها البلاد إثر تداعيات الحصار الاقتصادي المختلفة.
هنا لابد (إن تأكدت معلومات الرسائل المتداولة) من وضع قيادة قطاع الكهرباء معالجات لنتائج الحادثة على وفق رؤية عملية سليمة لمنع تداعياتها في التأثير على عموم منتسبي القطاع، وكذلك المواطنين، للحفاظ على ما تبقي من علاقات الثقة والاحترام، التي تربط المواطنين بموظفي الكهرباء مع تفعيل الضوابط المطلوبة لمنع تكرار حصول مثل هذه الانحرافات مستقبلاً، وكان للإعلام دور مؤثرً ومهم في عرض الحقائق واجراءات المعالجة المتخذة، بحيادية، ليسهم في تخطي الكثير من التداعيات، التي تعقب مثل هذه الحالات.