23 ديسمبر، 2024 9:22 ص

وانقلب السحر على الساحر

وانقلب السحر على الساحر

مرة بعد اخرى وقانون يتبع اخر وتثبت الحوادث ومجريات السياسة ان أغلب من تقدموا لتمثيل الشعب العراقي سواء في البرلمان خاصه والحكومة بشكل عام انما هم اناس ليسوا بسياسيين وليسوا ممن يتعلّم من تجاربه او تجارب من سبقهم. ماقام به مجلس النواب العراقي وتصويته بالاغلبيه على قانون التقاعد الخاص بهم والذي يعطيهم امتيازات اكثر من اي مواطن اخر انما هو واحد من القرارات والخطوات التي راهن فيها هذا المجلس على معطيات خاسرة وقراءات غير واقعية مراهنين بذلك على “ذاكرة” شعبيه يحسبون انها ضعيفة.

اقدام هذا المجلس على التصويت على امتيازاته في هذا الوقت الحرج من اقتراب الوقت على الانتخابات البرلمانية انما يؤكد انهم اناس غير مسؤولون هم وقادة كتلهم على حد سواء في ذلك خصوصا لو علمنا ان قادة الكتل حصرا هم من يوجّه الاعضاء نحو التصويت على القرارات والقوانين ومشاريعها سلبا وايجابا. بيد ان امتناع بعض النواب على التصويت فهو لاينبع من قناعة بعدم احقيتهم لنيل تلك الامتيازات بقدر ماهو تكتيك كتلوي باتجاهين، الاول “ذر الرماد في العيون” اذا ماحصل في الامور امور وهو ماحصل فعلا من ردة الفعل الشعبية الغاضبة. اما الاتجاه الثاني فيتلخّص في وصول الممتنعين الى قناعة ان القانون سيمرر وذلك لحصوله على الاغلبية وان تصويتهم بالرفض والقبول لن يغيّر من المعادلة شئ وهذا ماكشف عنه احد البرلمانيين.

لقد اثبت تصويت مجلس النواب على هذه المادة عدة امور منها ان هذا المجلس الذي طالما تغنّى باتباع توصيات المرجعية الدينية انما هو ابعد عنها بكثير وهي التي حذّرت من قبل في مناسبات عديدة من مغبة الاقدام على خطوة من هذا القبيل انما هي بمثابه فساد واضح بل واجرام بحق الشعب العراقي واستنزاف لثرواته. الامر الاخر في هذا السياق هو محاولة “استغفال” الشعب العراقي وذلك من خلال التصويت على الحد الادنى للتقاعد (400 الف دينار عراقي) وحشر مادة امتيازات النواب من ضمنها والتصويت على القانون جملة واحدة. هذا بحد ذاته اثار نقمة الجماهير وأثبت بما لايقبل الشك ان المتصدّين للمشهد السياسي انما هم ثلّة من الفاسدين والمراوغين والدجالين.

الامر الاخر وهو الاهم في بلد طالما تغنّت جميع الكتل السياسية فيه بضرورة اللجوء الى القانون والدستور والقضاء المستقل وغير المسيّس لحل كل المشاكل وهاهي الشعارات تتكسّر عند اخر اختبار لها. لقد صوّتت تلك الكتل جميعا وبدون استثناء على قانون امتيازاتها رغم رفضه من قبل المحكمة الاتحادية في محاوله سابقة! هذا الامر بحد ذاته يعطينا فكرة وتصوّر عن كيفية ادارة الدولة وتمشية القوانين فيها والكيفية التي يريد غالبيتهم ادارة العراق الجديد من خلالها.

اذا ما أعيد التصويت على المادة (38) من قانون التقاعد حصرا وليس كل القانون الذي يريد البعض منهم اعادة التصويت عليه مجتمعا ليكون بمثابة عقوبة لجميع المتقاعدين (قانون شمشون)! نقول اذا مااعيد التصويت عليها من غير التفاف واتفاقات خلف الكواليس فعندها يكون قد انتصر الشعب العراقي لقضاياه ويكون اغلب اعضاء البرلمان العراقي الحاليين قد خسروا الانتخابات النيابه المقبلة مسبقا، لان وصول الشعب الى مبتغاه في هذا الطرف والوقت يجعل من مخطط بعض الكتل السياسية للاستحواذ على الاغلبية امر غايه في الصعوبة ان لم يكن مستحيلا ليؤكد المثل القائل “انقلب السحر على الساحر”.
www.zaqorah.com