17 نوفمبر، 2024 1:36 م
Search
Close this search box.

وانتهت حكاية اسمها داعش

وانتهت حكاية اسمها داعش

هكذا كتب للعراق, أن يكون على مر التاريخ, تنتهي فيه أساطير الدول والإمبراطوريات, ففيه انتهت الإمبراطورية الفارسية, ومنه انطلقت نهاية الدولة العثمانية, وأفل نجم المملكة التي لا تغيب عن أرضها الشمس.
    قدر للعراق؛ أن يكون مسرحا للصراعات, وتكالب الدول الغازية, وحكام الجور عليه, فمن ظلم الأمويين والعباسيين, الى غزو التتار وسيطرة الأتراك, والاحتلال الانكليزي وسطوة البعث الظالم, الى الاحتلال الأمريكي, واجتياح القاعدة ومن بعدها داعش, وقدر للعراقيين أن يكونوا أدوات للصراع مرة, ومقاتلون ضد هذه الغزوات, يدافعون عن أرضهم وأعراضهم, مرات كثيرة .
    لم يتعرض هذا البلد, لهجمة في تاريخه الحديث, مثلما ما تعرض له عند منتصف عام 2014, حيث اجتاحته داعش بعد سقوط الموصل, ثم تبعتها محافظة صلاح الدين, ومحافظة الانبار وقسم من محافظتي ديالى وكركوك, وبات الإرهاب يطوق بغداد ويضرب في إطرافها, وسط انهيار المؤسسة العسكرية, وغياب القيادة التي كانت غير قادرة, على مواجهة التحديات.
     وكما هو العادة, في كل ما تعرض له العراق من خطوب وفتن, كانت تنبري لها المؤسسة الدينية, ومراجع وعلماء دين, وليس المنعمون بالسلطة والمال, كثورة العشرين ومقاومة نظام البعث والاحتلال الأمريكي, فقد انبرى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني, وأعلن فتواه المباركة, فهب رجال العراق شيبا وشبابا, ليجسدوا معاني البطولة والفداء والتضحية, ويعيدوا أمجاد تاريخهم الناصع, بمقاومة المحتلين والغزاة .
    وهكذا بدء رجال العراق وأبطاله, من جيش وشرطة وحشد شعبي, يخوضون المعركة تلو الأخرى, ويحققون النصر تلو النصر, ويحرروا ارض العراق شبرا بعد شبر, ليرفعوا الظلمة عن أهله, ويبعدوا الشر الذي استباح الأرض والعرض, واهلك الحرث والنسل, ليصلوا اليوم في موضع انطلاقته, في الموصل الحدباء, التي لاحت تباشير النصر فيها, بتحرير الجانب الأيسر منها .
     وبتحرير الجانب الأيسر, تكون معركة الموصل قد حسمت, وأصبحت داعش ميتة سريريا, فهو ضعف الساحل الأيمن, من حيث المساحة وعدد السكان, إضافة الى إن الدواعش قد استنزفت معظم قوتهم, في هذه المعارك, التي تكبدوا فيها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل, ونفاذ ذخيرتهم وتموينهم, وتراكم الخبرة لدى القوات المحررة, التي تجاوزت أصعب الظروف, لتحول شتاء الموصل, الى ربيع مبكر هذا العام .
     ومثلما انتهت كل الحكايات السابقة, فها نحن اليوم, نشهد نهاية حكاية ظن البعض أنها لن تنتهي, وأنها ستلتهم العراق وتغير تاريخه, ولكنها انتهت من حيث بدأت, سطر خلالها أبطال العراق الغيارى أروع البطولات, ورسموا روائع الصور في التعامل الإنساني, كشف فيها زيف الكثير, وظهرت معادن الرجال الحقيقيين .

أحدث المقالات