والشعب العراقي بين كفّي عفريت ..احتلال وتفجيرات ودهس بالدبّابات عمليّات عسكريّة لمطاردة “القاعدة”.. الدجاجة التائهة.. المطرقة الحديديّة الخ من أسماء لعمليّات عسكريّة اشتهر بها جيش أميركا أتلفت الحرث والنسل وأهلكت مزارع القمح والشعير وأحرقت البساتين في كربلاء وفي بعقوبة وفي السماوة ودمّرت نخيل البصرة وبساتين بغداد ,وهاجر الناس طلبًا للنجاة في سوريّا ومصر والأردن ولبنان ودبيّ وأوروبّا واشتغلت الطائفيّة تقتيل وتهديم ودمار واختطاف ..ولوعة الشعب الّذي جلّ متعته كرة قدم يتابعها بشغف وعَلَم العُراق يرفرف داخل عقل رأسه ,بشعاره الملكي أو بنجمة آشور أو بعلم الثلاث نجمات أو بألله أكبر بالخطّ الكوفي وريث الخطوط المسماريّة ..والدماء والتفجيرات توزّع جثث العراقيين على مساحات العراق بالتساوي تسقيها من دمائها ..وسط هذا المهرجان الدموي الّذي جاء بعد حروب وحصار ,جاء يونس بكأس آسيا ,بضربة رأس تاريخيّة ,ليهزّ العراقيين هزًّا ويوقظ فيهم الحماس من جديد في مشارق الأرض ومغاربها أغاضوا “بالنصر” ذاك بعض الدول “الشقيقة” فطاردتهم شرطتها في عزّ النشوة والابتهاج ,بالهراوات ,لتوجع فيهم الفجيعة نفسها ,هالهم يجدوا العراقي يبتسم ..يونس زرع الابتسامة والضحكة والفرح ,وحورب ..حاربه ربّ الفساد ,معتوه له زبانية من أتفه ما خلق الله , زرع اليأس في قلوب العراقيين أفرغ خزينتهم داس على ما تبقّى من كرامتهم ,وكأنّ يونس ليس عراقي, يوم انتفخ صاحبنا كالطاووس فلم ير أو يبصر طيلة سنوات حكمه الحمراء الدمويّة من وراء كرشه ومن بين انتفاخ خدوده الّتي احمرّت كثيرًا سوى طائفته ,حتّى طائرة استخسرها على من أتوا بكأس آسيا وهم موجوعون يحملون آلام الأهل وهموم المهمّة ..دمّر صاحبنا تشكيلة أبطال آسيا بكلّ السبل ..ستّة ملايين دولار سرقها فلان ابن فلان رئيس تّحاد الكرة ..أصله فلسطيني.. إنّه يتآمر على الكرة العراقيّة ..ثبّط معنويّات فريق أبهج العراقيين وأضحكهم والشعب والثكالا في عزّ هستيريا البكاء والعويل ..هل بعد هذا فساد؟ ..إنّه الحوت.. فما هو شكل ظلام بطن حوت في ظلمة بحر أجاج ؟.. قصّ الله على الشعب “أحسن القصص” ليخفّف عنهم.. قال في يونس: “هو من خلقي يهدّف للجميع فيسجّل فيهزج الشعب ,كما كرّار وكما نور وكما عدنان” ..وفي أحلك ظروف, الشعب ,يُشتَم جهارًا نهارًا يهان يُحبس يُعتقل يُخطف تحت أعظم نُصب نحتي للحريّة والتحرّر في العالم ..وإذا بيونس يصنع “هدف” ثمّ يسجّل هدف بزّ به الرائع كريستيانو.. فمن “وضع ثابت” ومن مسافة أبعد من جميع ما سجّله النجم الريالي ولا حتّى “مسّي” هدفًا يُطرِب.. أنقذ سمعة العراق في فيتنام ..وها هو يهزّ العراقيين أينما كانوا ..وصل بيتي اليوم ,في أوروبّا ,أحد الأكراد طالبي اللجوء ..أودعه صديق عندي ليلًا, لساعتين ,لا يعرف اللاجئ الجديد من اللغة العربيّة سوى بضع كلمات مكسّرات ..مُتعب ,مُنهك من مسافات السير الطويلة الّتي قطعها على الأقدام ما بين اليونان وصربيا والنمسا حتى حصل على “وثيقة مرور” إلى فنلندا ..وبعدما أجلسته ورحّبت به بادرني فورً ,وبعد ان اعتصر ما يعرف من “كلمات عربي مكسّرة جدًّا”: ما نتيجة منتخبنا مع تايوان؟! أخبرته.. بدا عليه وكأنّه هرب عنه الانهاك فور سماعه النتيجة فدفع بظهره مبتسمًا باسترخاء على الأريكة ليرتاح!.. يونس ..صنع هدفًا ..وسجّل هدفًا ,بهدفين ..