23 ديسمبر، 2024 8:36 ص

والاسلام .. تناقض ونفاق المسلمين مهزلة حقيقية. (8)

والاسلام .. تناقض ونفاق المسلمين مهزلة حقيقية. (8)

يقال ان احد السنة ذكر لسني آخر بان يهودياً استسلم ولكن اصبح شيعياً فرد عليه الاول بقوله لو باقي يهودي احسن له. هذه اللطيفة مشهورة ويتناقلها اتباع المذاهب على سبيل التندر ولكنها في الحقيقة تجسد الازمة الواقعية التي يعيشها ما يسمى “المسلمون” اي اتباع المذاهب بشكل مؤكد كما سيتبين لاحقاً.

ولكن قبل البدء بتبيان الغرض وجب توضيح موضوع ذكري باعتبار تحديد بداية الرافضة زمن معاوية بن ابي سفيان. صحيح ان هذا المصطلح ظهر قبل ذلك وقد اطلق ايضاً زمن زيد بن علي وقد اطلق بن تيمية على من رفض نهج زيد بالرافضة والاخرون بالزيدية ولكن هذا التقسيم لايستقيم عملياً لان الرفض يعني عدم القبول بامر معين وعلى هذا فان توفر حالة الرفض موجودة فعلاً قبل زمن زيد بن علي اي في زمن زيد كانت تحصيل حاصل انما فقط يمكن ان نسمي من نهج منهج زيد بالزيدية هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى مادام الرفض يعني عدم قبول امر ما وهنا نعني بالامر هو الحكم او المنهج السياسي المعترض عليه فبالامكان اطلاق مصطلح الرافضة على كل اصحاب السقيفة ايضاً ومنهم الخلفاء الراشدين الثلاثة حيث يمكن لنا ان نعتبرهم قد رفضوا امر الرسول بتعيين الامام علي بناءً على بيعة الغدير حسب راي الشيعة.
ثم ان معاوية نفسه اطلق مصطلح الرافضة على شيعة عثمان بن عفان الذين لم يخضعوا لحكومة الامام علي وهو ما يتماشى والتحليل الذي ذكرناه مع جماعة السقيفة اعلاه.
ولكن اطلاق هذا التوصيف في ازمان مختلفه وبمصاديق لاتعتمد ارضية عقائدية تستند على مدلول فكري عقائدي يمثل ظاهره جماهيرية كمذهب معتمد له تاريخه وليس كحالة او مجموعة معينة لمجرد انها كانت معترضة لايجسد ولايحقق الغرض من مصطلح الرافضة الملاصق للشيعة كما يعنيه هذا المصطلح واقعاً.
فلا يمكن قبوله بواقعه التاريخي زمن الامام علي لان الامام نفسه رضى بالعيش مع الخلفاء الثلاثة وتعاون معهم وارتبط بصلات رحم وهكذا الى ان وصل الامر اليه واصبح الخليفة الرابع. نعم قد يكن غير راضٍ على الوضع ويعلم بانه مغبون الحق ولكن لم يشهر حالة الاعتراض والجلوس في البيت مثلاً والانعزال عنهم بحيث يعتبر رافضاً للوضع بشكل عملي. لهذا فمن كان يدعي انه مع الامام علي فهذا خط الامام علي في تلك الحقبة وعليه ان يرضى بهذا الواقع الا اذا كان كما يقولون ( ملكياً اكثر من الملك ) فيعلن رفضه لواقع قد ذهب وانتهى فسيكون هذا الرفض لاقيمة له لانه لايمثل المنهج الذي اتخذه الامام علي اولاً ولا يرتب اي اثر تاريخي كونه متاخر عن الزمن الذي يعنيه ثانياً.
وعليه فاننا نرى ان مصطلح الرافضة ينطبق تاريخياً وقولاً وفعلاً على اتباع الامام علي زمن معاوية ابن ابي سفيان كونهم جسدوا مبدأ الرفض كصيغة ومنهج عقائدي لرفضهم منهج معاوية بعد ان خرج على الامام رغم انه كان ولي امر المسلمين وحسب المنهج الذي اتبعه كل الخلفاء الراشدون السابقون بناءً على منهج الشورى، وثانياً حاربه حرباً لاهوادة فيها، وثالثاً سن سنة بلعن علي ، ورابعاً نقظ العهد الذي ابرمه مع الامام الحسن بل قال ان هذه الوعود تحت قدمي وكما نعلم ( ان العهد كان مسؤولا )، وخامساً سلم الراية الى ابنه فجعلها وراثة، وسادساً لم يراعي حرمة للاسلام والمسلمين حيث سلط عليهم حاكماً فاسقاً رغم علمه بذلك (ومن يعلم يكن علمه حجةً عليه).
وبهذا يصبح معاوية بحق العلة التي دمرت الاسلام بشكل عملي لذلك وجبت عليه اللعنة من كل المسلمين لما فعله بهم وباسلامهم.
والان لنعود الى اصل الموضوع فالمتتبع للواقع ” الاسلامي ” يرى العجب العجاب وهو يلمس حالة النفاق والتناقض الذي يمارسه اتباع المذاهب وبشكل جلي واضح وخلال كل العقود المنصرمة. فلا ادري على من يضحك هؤلاء ؟، هل على انفسهم ام على ربهم ام على بعضهم البعض ام ماذا؟؟!.
انها لحالة محيرة ومستغربة فعلاً ان يستمر اتباع المذاهب بهذا التدليس والنفاق الذي لاخير يرتجى من وراءه ولم يجنوا منه الا المزيد من التباعد وضعف اللحمة والخيبة والخسران.
هذا التدليس على واقعهم المريض اوصلهم الى الخنوع والركوع الى المناهج السياسية الفاشلة واصبحوا تحت رحمتها مثل المحاصصة السياسية في حين كان الاولى ان يكون الخطاب السياسي طوع الخطاب الديني وليس العكس وهي الحالة التي اوصلنا اليها من يهمهم الامر من رجالات الدين وهم لم يفقهوا شيئاً لما يجري فقد اصبح الوقف الاسلامي وقفان (الوقف الشيعي) و (الوقف السني)، وها هم ازلام البعث بلباسهم الداعشي حولوا المشهد السني الى فلم جنسي من الدرجة الاولى وكأننا نعيش في هوليود بحيث ان المحارب معهم يجعل زوجته تنام مع العديد منهم في يوم واحد وبكل رضا وممنونية منه كما شرحت زوجة احد المتطوعين التوانسه في سوريا التي كان ينام معها ما معدله اربعة افراد يومياً فالمذاهب “الاسلامية ” المصطنعة الجديدة قد شرّعت ذلك بفتوى السعدي وحارث الهاري ومن لف لفهم فمبروك عليهم هذا الاسلام اسلام الجنس والسلطة والنكاح الذي يجب اطلاق مصطلح (اسلام رغوده) عليه بكل حق.
لقد لاحظت الذين يرتقون المنابر يوم صلاة العيد وهم يرددون الكلام المعسول عن وحدة المسلمين وانهم يجتمعون في بيت الله وان ربهم واحد ونبيهم واحد وقرآنهم واحد وهكذا الامر الذي يصور لمن لم يعش الواقع الاسلامي المريض بانهم يعيشون في جنةٍ حقيقية لاتسودها الا الاخوة والمحبة وسيغبطهم على ذلك.
اما انا فتراني اسخر واضحك واتألم وتعتريني كل الاحايسي المتناقضة التي تجسدها هذه الحالة الاسلامية المنافقة والغريبة. وقد اوضحنا حالة التناقض التي يجسدها اصحاب المذاهب هؤلاء حتى في بيت الله الحرام في الحلقة الاولى.
وكما اشرنا في اللطيفة المشهورة في بداية الحديث لا يكاد احد اتباع اي مذهب ان يتحول الى مذهب آخر الا وقد بدأت اللعنات تنصب عليه ولايبقى امام اتباع مذهبه الذي كان ينتمي اليه الا هو، فهو يصبح حديث ساعتهم ليلعن ليل نهار ويقذف بالزندقة ويبشر بالهلاك وكأنه خرج من الدين هذا ان لم يتم تصفيته.
والسؤوال الكبير المؤلم ، الا يجب على هؤلاء ان يباركوا او على الاقل يؤيدوا او يستفيدوا من هذا المتحول باعتباره ذهب الى اخوانهم ان كانوا صادقين كما يدعون في خطبهم كما اسلفنا ؟؟!.
لقد توالت اللعنات وشنت هجمات شعواء وتم رمي الذين تكلموا لصالح المذهب الآخر الذي لاينتمون اليه بشكل غير معقول ولا زال هذا الامر يمارس من قبل المستويات الهمجية التي لاتفقه من الاسلام الا لغة المذهبية والغلبة المتخلفة التي اصبحت عالة على الاسلام متناسين ان الله نص على انه (لا اكراه في الدين) فكيف بالتحول من مذهب الى مذهب؟.
هذا بلحاظ الواقع، علماً بانني شخصياً لا اكترث بهذا الامر جملةً وتفصيلاً حيث التحول الصحيح يجب ان يكون الى الاسلام الاصيل اسلام محمد (ص) وترك كل مابعده الا اذا ثبت بالدليل القاطع ان احد المذاهب هو اسلام محمد وهو امر ليس بالهين لهذا اوصينا باتباع (المبادرة التي لاتموت) المذكورة في الحلقة الرابعة لتلمس حل المعظلة بين المذاهب ووضع حد لهذا التناحر والتحارب بشكل حضاري يحقق احترام ادمية الانسان كبشر بغض النظر عن هويته الاسلامية.
هذا ما واجهه محمد مهدي الخالصي ومحمد فضل الله وحسين المؤيد وكمال الحيدري واحمد الكبيسي ومحمد التيجاني السماوي… وغيرهم.
ولنا ان نذكر قرينة واحدة هنا وهو موضوع التغير الذي حصل لمحمد التيجاني السماوي عندما يكتب كتاباً بعنوان ( ثم اهتديت ) وهو يقصد تحوله الى المذهب الشيعي، فقد يعتبر البعض هذه الهداية هداية تصحيحية ان صح التعبير ولكن مهما عللت الا انها بمنطوقها المطلق تعني هداية من الكفر او الظلال الى النور وهو امر يوضح ان المهتدي يعني ظلال الجانب الآخر بكل الاحوال، فكيف يجوز لنا ان نوصف الجميع بالاخوة المسلمين؟.
هكذا هي الحالة الحقيقية المعاشة بين اتباع المذاهب الاسلامية وليس كما يصرح في منابر الاعياد وغيرها.
ان اصحاب المذاهب مالك والشافعي وابي حنيفة واحمد بن حنبل وحتى سفيان الثوري قد اكدوا انهم لم يدعوا الى تكوين مذاهب لكل منهم انما ابرزوا اجتهاداتهم وآرائهم في القضايا الاسلامية غير ان تسخير ولاة بنوا امية وبنوا العباس لبعضهم والتزامهم للاستفادة منهم عزز ظهور هذه المذاهب، اي ان اللغة السياسية سيطرة على الخطاب الديني والى يومنا هذا كما بينا مع الاسف الشديد.
والا فهم كانوا اناس لايرتضون الا مرضاة الله في جهودهم وليس ادل على ذلك قول الشافعي المشهور :
ان كان رفضاً حب آل محمد فاليشهد الثقلان اني رافضي
وقد وصف ابن حزم في كتابه (الاحكام في اصول الاحكام) ظهور المذاهب وموضوع التقليد بالبدعة العظيمة.
اخيراً ارى لزاماً علي ان اوصي بامر بسيط ولكني اعتقد بانه غاية في الاهمية لاقول،
لو تخلى المعممون عن عمائمهم وتقلدوا جميعاً الغترة تماماً كما يفعل الحيدري رئيس الوقف الشيعي واحمد الكبيس لتخلصنا من امر لايضيف للاسلام شيئاً الا دلالة على التفرقة وزيادة فيها بين اصحاب المذاهب وان لم نستطع ان نقوى على اهوائنا ونتخلص من هذا الامر البسيط فالنخرس ولانتحدث بامر التآخي والتشدق بالاخوة الاسلامية.
هذا وارجو كذلك الغاء موضوع الوقفين وجعلهما وقفاً اسلامياً واحداً تحقيقاً لحفظ ماء وجهنا واحتراماً لرسالة الرسول الموحدة على اقل تقدير فقد اصبحنا نوغل شيئاً فشيئاً في الشكليات الدالة على التفرقة بشكل واضح ودون اكتراث مما جعلنا عرضة للسخرية مع الاسف الشديد.
والله تعالى من وراء القصد.