7 أبريل، 2024 6:45 م
Search
Close this search box.

واقع الندوات الالكترونية في العراق تحت مظلة الحجر الصحي

Facebook
Twitter
LinkedIn

بلا شك ان الازمة التي سببها انتشار جائحة كورونا غير المسبوقة كانت عابرة للقارات والحدود والاجناس والاعراق, وحدت العالم تحت مظلة الخوف من العدوى والموت, وعزز ذلك الاعلام الذي سلط الضوء على الجوانب السلبية والسوداوية للازمة وتداعياتها, لاسيما وان الحل الوحيد المتاح كان وقائيا وليس علاجيا, فكان خيار الحجر الصحي الاجباري السلاح الوحيد امام الحكومات لحماية ارواح شعوبها التي لم تدرك خطورة اللازمة وفداحة النتائج الا بعد ان ظهرت الارقام المفزعة لأعداد المصابين والضحايا, وكان من حسنات هذا الوضع القليلة حتمية اللجوء الى اعادة منظومة الحياة التي حجرت في البيوت الى الدوران, فكان خيار التواصل الالكتروني في انجاز الأعمال التي يمكن ان تستوعبها التقنية , واهمها على الاطلاق تبادل المعلومات والأفكار حول الجائحة, ثم برزت الحاجة الى حلول ناجعة للتواصل مع طلبة العلم في الجامعات والمدارس التي وجدت نفسها امام خطر ايقاف الدراسة وضياع عام ثمين من عمر الاجيال, فكان خيار اللجوء الى التعليم عن بعد امرا لابد منه, لم يؤخذ الامر على محمل الجد سوى من قبل نفر قليل من المختصين الذين استشعروا حقيقة ان الازمة ستطول اكثر مما نتصور, من هنا امسك هؤلاء بزمام المبادرة التي واجهت معارضة كبيرة من مجتمعات اعتادت الكسل والتواكل والعيش بطريقة تقليدية , هناك دول لم تعاني صعوبة البدايات لأنها مارست هذا الخيار لأسباب تتعلق بدرجة التطور التي وصلتها وأفرزتها طبيعة حركة المجتمعات على غرار كوريا الجنوبية, في حين نجد ان المجتمعات العربية والشرق اوسطية عاش افرادها رهبة التجربة وضغط الكثيرون باتجاه افشال هذه التجربة, إلى أن اصبح تقبلها امرا واقعا بمرور الوقت وعدم وجود ضوء في نفق كورونا الطويل, وعلى هامش تطبيق هذه التجربة في التعليم عاش العراق ايقاعا متسارعا متذبذبا بين الرضى والممانعة من قبل طلبة اعتادوا العيش على قرارات مرتجلة وغير مدروسة ولدت من رحم الازمات لتهدئة شارع منفلت لا يحترم دولة ولا قانون, ولا يقدس علما ولا يستشرف مستقبلا , مجتمع تحكمه فكرة (التعيين ) بعد التخرج لا اكثر, وهو محق في ذلك بسبب شيوع ثقافة الوظيفة وليس الانتاج في بلد فرط بخياراته رغم توافر البدائل الناجحة والمقومات الكفيلة بنجاحه, حتى فقدنا في جامعاتنا خيرة العقول والكفاءات التي استكانت لهذا الوضع الخطير, وزاد الطين بلة توجهات باعتماد معايير التعليم الالكتروني في تقييم اداء الاستاذ الجامعي, في خطوة نراها ذات ذات وجهين: ايجابي يتمثل في دفع افواج من اميي التكنولوجيا من حملة صفة استاذ جامعي الى اقتحام ميدان لطالما كانوا عازفين عنه, حتى بدأت تطل علينا منذ اسابيع اعلانات الندوات والورش الافتراضية التي تقام على برامج متنوعة مجانية متاحة مثل video conference call و Google meet وغيرها التي يمكن الحصول عليها بسهولة على الاجهزة الذكية, وهنا يتبدى الوجه السلبي, وشيئا فشيئا زحفت الى هذه الممارسة المتقدمة جيوش الباحثين عن ورقة مشاركة او حضور يتم بالتسجيل ثم الهروب في اغلب الاحيان للتسجيل في ورش اخرى, وصار الجميع يتباهى بالشهادات التي حصل عليها من جهات ومنظمات بل وحتى جامعات عالمية بمسميات وهمية, ولا بأس, فلطالما كنا بارعين كمجتمع اكاديمي هجين بتخريب افضل الفرص للتطور وتفريغها من محتواها الايجابي, فنحن في النهاية جيش جرار من الكفاءآت اللاكفوءة إلا ما رحم ربي, فقد اختفت مسميات البحوث التي نشرت في المجلات الرصينة لاقسام علمية لطالما تباهت بنتاجها البحثي في (سكوبس وكلاريفيت وثومسون رويترز) التي افرغت هي الاخرى من قيمتها العلمية حين اصبحت حين اصبحت سلعا معروضة لمن يدفع بالعملة الصعبة!
وعن تجربة شخصية يتيمة شاركت كاتبة هذه السطور بتقديم ندوة ذات طابع ادبي يبحث في موضوع الادب في ظل ازمة كورونا, وما طفا عندي من ملاحظات على طريقة الحضور والمشاركة اصابني بالكآبة والاحباط, مع اني كنت على يقين انني لن اجد عالما مثاليا, فهمت عندها كيف يجمع الكثير من الناس الشهادات , فهي لا تستوجب سوى الحضور بإدخال رمز النشاط والتسجيل ثم المغادرة بلا علم ولا فهم ولا حضور عقلي!!
نحن امتلكنا التقنية والمهارة اللازمة للاستفادة منها لكن نبقى بحاجة ماسة لتعلم ثقافة الاصغاء والتعلم , وان نتخلص من عقدة تقييم الاداء واللقب العلمي التي تؤرقنا لمليء جداول بمتطلبات علمية حقيقية , افرغت من قيمتها وحورت اهدافها وتحولنا من البحث العلمي الرصين الى زراعة شتلات الورد في عز الحر , لنيل درجات اضافية , ثم ما نقوم به هذه الايام من اللهاث وراء ورقة مشاركة لا تغني ولا تسمن فكر صاحبها , لا نقول انها تجربة فاشلة لكن اذا تحولت بلا اهداف وفقدت اصولها العلمية صارت بلا جدوى,نحن بحاجة للتخلص من التنافس غير المجدي الذي يستنفذ حتى كرامتنا في بعض الاحيان لنضيف حرفا الى اسمنا قد لا يساوي اكثر من رقم في قائمة المخصصات التي تضمها صفحة رواتبنا التي اسرتنا هي الاخرى واصبحنا تابعين لها وليس كما يفترض بها ان تكون تابعة لنا, وقد تختفي من حياتنا وتصبح الالقاب والمسميات شيئا من الماضي عندما ينهار اقتصادنا المصاب بالكساح المزمن في بلد يأكل ولا ينتج, يشبه حاله حال من يبيع كل يوم قطعة من أثاث بيته ليشتري الطعام حتى وصلت به الحال الى بيع جدرانه, وقد لا يجد ما يبيعه في نهاية المطاف!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب