23 ديسمبر، 2024 5:28 ص

واقع المصارف الاهلية في العراق

واقع المصارف الاهلية في العراق

لابد من تعريف المصارف الاهلية حتى يتسنى لنا الوقوف على ابرز وظائفها؟ وهل تُمارس هذه الوظائف فعلياً على ارض الواقع؟
فالمصرف الأهلي هو مؤسسة مالية يهدف إلى تسهيل المعاملات المالية للعملاء وحفظ الأموال وتشغيلها.
ونجد هذا التعريف يحتوي ثلاث ركائز اساسية: تسهيل المعاملات، وحفظ الاموال ،وتشغيل الامول، ان العمل المصرفي في العراق نجده ابتعد عن تلك الوظائف الثلاث كثيراً ،لأن تسهيل المعاملات التجارية متردي جداً قياساً بالمصارف في الدول المجاورة على الاقل.
وان حفظ الاموال في المصارف الاهلية لا نجد له تأثير كبير بسبب ابتعاد العملاء عن توفير اموالهم في هذه المصارف لأنها تتسم بعدم الشفافية والوضوح فضلاً عن سعر الفائدة البنكي المنخفض الذي يمنحه المصرف للوديعة، وغيرها من الاسباب قد يكون الوضع الامني المتردي احد الاسباب الرئيسية لتوفير الاموال.
اما الركيزة الثالثة والمهمة تتمثل في تشغيل الاموال ، اذ ان من اهم وظائف المصرف التجاري هي تشغيل الاموال المودعة لديه ،لأنه يعتبر وسيطاً مالياً بين المقرض والمقترض، فمن المفترض ان يقوم البنك بأستثمار الاموال وتشغيلها بشكل يخدم الاقتصاد الوطني، لذلك ومن خلال ما سبق من شرح للجانب النظري للمصرف وكيفية عمله بشكل متكامل اقول:
بأمكان المصارف الاهلية ان تلعب دوراً مهماً في تنشيط الاقتصاد الوطني عبر ادواتها المتعددة ،ومن اهم هذه الادوات هي القروض طويلة الاجل، ،والقروض تُعتبر رافداً مهماً لأستثمار الاموال، لذلك نجد ان سعر الفائدة على القروض في العراق منخفض للمستثمر الاجنبي ،وبالتالي يبتعد المصرف عن هذه الوظيفة تدريجياً تبعاً لتفضيل المستثمر الاجنبي لتشغيل امواله في الخارج، وان احد مقومات الاقتصاد الوطني هو ان يكون دور المصارف الاهلية متكامل من جميع النواحي ،اي يجب ان يأخذ دوره في استثمار الاموال المعطلة بشكل امثل ،لكننا لو نظرنا للواقع المصرفي في العراق نجده متخلفاً في اغلب الجوانب وانحصر دوره في اعتماده على مزاد العملة الذي يطرحه البنك المركزي يومياً لهذه المصارف على امل ان المصرف الاهلي يبيع الدولار لكل مواطن 5000 دولار ، لكن هذه المصارف ابتعدت عن هذه الوظيفة واخذت تقوم ببيع الدولار بالسوق السوداء لتجني من ذلك ارباحاً غير شرعية في نظر القانون الذي الزم هذه المصارف!
كما ان المصارف الاهلية اتجهت الى عامل المرابحة وهي حالة يتعاقد المصرف بموجبها مع المستثمر بشراء سلع او خدمات معينة بناء على طلب العميل ثم يقوم المصرف ببيعها الى العميل بسعر يتم من خلاله تقديم التمويل من قبل المصرف وهذه من المقومات الجيدة بالنسبة للمستثمر والسوق، لكنها لا تلبي طموح الاقتصاد الوطني ،مثال ذلك بيع المركبات التي تقوم الشركات الخاصة بتجهيزها ليقوم المصرف بضمان تسديد مبالغها على شكل اقصاد شهرية ولمدد محددة.
في الختام اقول يجب ان تكون هناك رقابة حقيقية على عمل هذه المصارف الذي بلغ تعدادها 48 مصرفاً اهلياً ،ولابد ان يعمل البنك المركزي العراقي على وضع الوصاية على كل مصرف يخالف تعليماته بأعتباره بنك البنوك ،واعلى سلطة في الجهاز المصرفي ،لأن عمل هذه المصارف نادراً جداً في دعم الاقتصاد الوطني (والنادر كالمعدوم) ،لذا نشد على يد الادارة الجديدة للبنك المركزي في تشديد الرقابة على كل عمل يخالف قوانين البنك المركزي العراقي وعلى منع المصارف التي تخالف تعليمات البنك في ما يخص مزاد العملة ،لأن الاموال التي تجنيها هذه المصارف يومياً من خلال ثغرات مزاد العملة تقدر بملايين الدنانير ،وان هذه المصارف صار همها الوحيد هو الارباح التي تجنيها من مزاد العملة التي يطرحها البنك المركزي ،وابتعدت تماماً عن العامل المهم وهو الاستثمار المصرفي ،لذا اقترح نقطتين مهمتين أضعها بين يدي ادارة البنك المركزي العراقي:
اولاً: ان تحجب حصة المصارف الاهلية عن مزاد العملة الاجنبية، ويتم بيع الدولار بشفافية ووضوح عبر المزاد العلني للبنك يومياً وكل من يريد الدولار يشتري من البنك حصراً ،لنتخلص من التذبذبات الحاصلة بين الدولار والدينار وبالتالي الحفاظ عن قيمة العملة الوطنية.
ثانياً: ان يقوم البنك المركزي ببيع جزء من مزاد العملة لوزارة المالية ،وهي بدورها تقوم بتحويل هذا الجزء من الدولار مناصفة مع الدينار العراقي لموظفي ومتقاعدي الدولة ،وبالتالي نتخلص من عامل مهم يؤثر على المستوى المعاشي للفرد العراقي وهو ارتفاع المستوى العام للأسعار نتيجة ارتفاع قيمة الدولار مقابل الدينار.

*[email protected]