لايستطيع احد من السياسيين مهما بلغ من الدهاء والمكر ان يدعي بعد الان امكانية النهوض بالعملية السياسية التي ولدت ميتة سريرياً بعد الاحتلال بسبب المحاصصة وهيمنة احزاب نفعية طائفية وعشائرية عليها وما عاد لاحد الادعاء بانها تمثل المواطن الذي عبر عن رفضه لها في اكثر من تظاهرة توجت بانتفاضة تشرين في 2019 .. من المؤلم والمحزن ان يصل واقعنا العراقي الى حالة من التدهور والانحطاط بسبب ما افرزه الاحتلال من سلطات فاسدة لاتمتلك رؤى سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية ، بل نستطيع القول بان من ابرز واول مهام من امسك بزمام هذه السلطات عرقلة اي خطوة لاستعادة العراق عافيته واختلاق الازمات ونشر الفوضى وضياع هيبة القانون والنظام .. واقع مرير نعيشه يومياً وانقسم المجتمع الى قلة ممثلة بطبقة تسمى جزافاً سياسيه ومعها حاشيتها من المنتفعين اثروا ونهبوا وانتهكوا الحقوق وغالبية بالملايين تعاني الفقر والتشرد والبطالة وشظف العيش والمرض وفقدان الامن والامان .. لذا كان من الطبيعي وبعد صبر طوبل ان يعبر الشعب عن رفضه للعملية السياسية وتتصاعد مطالباته بالتغيير الجذري وانقاذ العراق من الاحزاب الفاسدة بتظاهرات شعبية سلمية تطورت الى انتفاضة واسعة في تشرين 2019 انطلقت في بغداد والمحافظات وجوبهت بالقمع من قبل احزاب السلطة وادواتها ..
اليوم ونحن نقترب من ذكرى انتفاضة تشرين نتساءل كمواطنين كيف سيحيي التشرينيون هذه المناسبة وفاءً لارواح الشهداء الابرار ؟ وهل يمكن ان تتطور لاحقاً الى عصيان مدني ؟ وماهي البرامج التي تتناسب والتضحيات التي قدمت من الشعب على طريق التغيير الجذري المنشود ؟
قد نجد جواب هذه التساؤلات وغيرها في بيانات نشطاء تشرين وفي مقدمتهم الشباب الواعي منهم وحددوا ما بعد اربعينية الامام الحسين عليه السلام مهلة للاحزاب للتخلى عن عنجهيتها واصرارها على تحدي الشعب وواضحوا بشكل صريح ان ردهم هذه المرة سيكون منظم وفاعل باتجاه تحقيق تطلعات المواطنين وانقاذ العراق مما هو فيه .. لانتوقع من احزاب السلطة التنازل عن ما تحقق لها من مغانم وامتيازات خياليه بسهولة ومن السذاجة عدم توقع تحضيرات هذه الاحزاب الفاسدة لقمع انتفاضة تشرين وحملة الاعتقالات للمعارضين واغتيال الناشطين خطوة استباقية باتجاه وأد تشرين او منع تطورها لتصل الى مستوى يهدد وجودها .. هذه هي طبيعة الطغاة استمرار نهج القمع المفرط ضد المعارضين لهم ، غير ان تجارب الشعوب ومنها شعبنا تؤكد ان مثل هذه الممارسات القمعية تعجل نهايتهم المحتومة وان النصر حليف الشعوب .. ما نقوله ليس ضرباً من الخيال ولا انشاء بل يمكن تلمسه في احاديث المواطنين التي تدلل ان تشرين خلقت واقعاً جدبداً وانها مرحلة جديدة ومتطورة باتجاه تحقيق التغيير من دون ان نتجاهل ان امام التشرينيون الكثير لتحقيق هدفهم الكبير واول خطوة بهذا الاتجاه لضمان النجاح هو توحيد جهود ابطال تشرين ووضع خطة للانطلاق بفاعليه في الاول من تشرين من دون ان نسبح في الخيال فنتوقع حدوث التغيير مباشرة بعد الاربعينية لان هذا الامر يتطلب توفر مستلزمات في مقدمتها وحدة صف الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية وتشكيل جبهة واسعة .. ولنا عودة في مقال اخر للحديث عن هذا الموضوع .