زرت رجل دين من ابناء عمومتي، كان حديثنا هو حديث الساعة، السياسية والكتل والطائفية الذي اخذت الوقت الاطول في حديثنا، حيث قال لي الشيخ: ياعزيزي كل احداث التاريخ في العراق لصالح الشيعة من حيث الوطنية والاعتدال على خلافنا نحن الذي نلقلق بالوطنية ونبذ الطائفية في اللسان دون وجود لها في واقعنا الماضي والمضارع، حقيقة استفزني كلام الشيخ وانا العلماني المعتدل الذي طالما هاجمت كبار طائفتي وعوامها بحضورهم.
هممت بالانصراف؛ لكن الشيخ قال دعني اكمل وبعدها نتفق اما اخضع لرأيك؛ الذي يوعز مايمر به العراق والسنة الى غياب الممثل السني المخلص للطائفة والى الصراع الاقليمي الذي يدفع ايران ودول الخليح الى التدخل بالشأن المحلي الذي يحرض العراقيين على بعضهم، ردت بأمتعاض: اكمل.
قال : في تاريخ العراق الحديث خضع العراق لحكم الدولة العثمانية حوالي ٤٠٠ سنة، ذاق الشعب على ايدي خلفائهم الويل والثبور بكل طوائفه اما الشيعة فكان العذاب والحرمان والتهميش عليهم مضاعف والسبب اضافة للطائفية فان الفقه الشيعي يقول ان الخليفة يجب ان يكون عربي، بالاستناد الى قول ينقل عن رسول الله(ص):(الحكم في قريش)، وهذا الحديث تجمع عليه كل المذاهب الاسلامية، بحيث ان محافظات الشيعة حرمت من المدارس ومنع ابناء الطائفة من الوظائف الحكومية الا للضرورة القصوى لمن لم يكن متدين او يؤدي العبادات، اما ممارسة الشعائر فكانت تقام في سراديب الدور وسط ممارسات عديدة تمنع وصول الاصوات الى الشارع!
كل هذا لكن عندما اراد الانكليز احتلال العراق واسقاط حكم الدولة العثمانية افتى مراجع الشيعة بالجهاد ضد الانكليز لصالح الدولة العثمانية والمبرر الانكليز ليس مسلمين بينما الدولة العثمانية مهما تكن مسلمة!
بالمقابل علماء السنة التفوا من خلف الدولة العثمانية بواسطة عبدالرحمن النقيب وامثالة ليتعاونوا مع الانكليز، بعدها حصلت ثورة العشرين في محافظات وسط وجنوب العراق بفتوى مراجع الشيعة وبقيادة شيوخ القبائل بالمقابل تعاون شيوخنا مع المحتل واستولوا على مقاولات الاطعام وحماية معسكرات الانكليز كالشيخ ضاري المحمود،الذي سجن بسبب هجوم بعض القبائل في الانبار على احد طرق امداد الجيش الانكليزي لغرض التحريض ضد المحمود الذي لم يخصص له حصة من الاموال التي تعود عليه من حماية واطعام الجيش الانكليزي! من الوطني في كل ماسبق ردد الشيخ:سكتت مشككا.
تشكلت الدولة العراقية عام ١٩٢٠، بسبب ثورات الشيعة وتضحياتهم دون ان يكون للشيعة في الحكومات مذ ذاك الحين الى عام ٢٠٠٣، تأثير واضح، اما ظلمهم واستهدافهم فكان يصعد وينزل حسب الحاكم والظروف، تصاعد الويل والثبور ضد الشيعة في حقبة البعث بشكل كبير، وتشكلت لديهم معارضة ضد الحكم، اتخذت من محافظات الجنوب الاهوار تحديد مقرات لها، اسئلك والحديث للشيخ كم محطة كهرباء فجرتها هذه المعارضة؟! كم محطة معالجة مياة؟! كم مستشفى ومدرسة ودائرة حكومية بل كم معسكر؟! كم سني استهدف لطائفته؟!الجواب لايوجد، رددت كمن وجد متنفسا وفرصة للانقضاض على الشيخ، ومن كان يسلب ويؤذي الجنود على الطريق العام بين بغداد والبصرة! ضحك الشيخ وقال اذهب واسئل”…”يجيبك اذا انصف كم كان يدفع لمن يقوموا بهذه الممارسات، ومن قام بكل التخريب والتدمير في صفحة الغدر والخيانة كما تحب تسميتها، واشار بأصبعه بأتجاهي،شعرت بدوران بسبب الشد العصبي وانا اشعر بعمق الهزيمة، واصل الشيخ هكذا عارض الشيعة نظام الرئيس المرحوم صدام بوطنية نادرة فالوطن ليس الحاكم كما علمهم شرعهم الاسلامي.
انت عشت وتعيش وستعيش معارضتنا للحكم الذي تشترك فيه كل مكونات الشعب العراقي، هل فعل مافعل من يدعي الانتماء لنا البربر او البوذيين او عبدة الشيطان ليس بالشيعة والاديان والمذاهب الاخرى بل بأبناء مذهبهم وماخفي وسيظهر لايعادل معشار ما اعلن، هل لك ايها المتعصب الذي تدعي العلمانية والاعتدال ان تدلني اين الاسلام واين الوطنية واين الاعتدال في كل هذا؟ الشيخ يوجه صواعقه الى رأسي بلارحمة.!
بالمقابل مرجعية الشيعة تقول لساستهم لاتقولوا”اخوتنا السنة بل قولوا انفسنا”، وتجسد ذلك بملايين الاطنان من المواد الغذائية التي ترسلها للنازحين من اهلنا ونحن نستجدي بأسمهم ونسرق مايتصدق به الجوار الخليجي بل حتى الترليون الذي خصصته حكومة المالكي للنازحين كثمن لولاية ثالثة سرقه المطلك ومجالس محافظات السنة! هل ازيد كم مليون سني هجر ليتخذ من محافظات وسط وجنوب العراق ملجأ، حشدهم يحرر محافظاتنا ويحمي اعراضنا ونحن نبحث خلفه عن ثغره وان لم نجد نسكت عن الاعراض التي انتهكت ونثور لاجل فرية الثلاجة!
الشيخ اصبح يتصبب عرقا واغروقت دموعة وجسده يرتجف، يا ابا انس موجها كلامه لي، اذهب لمناطق ومحافظات الشيعة، ستجد مساجد السنة عامرة الا التي حصلت فيها مواجهات طائفية فالمساجد بين مغلق او اتخذته القوات الامنية مقرا لها، وستجد سكان من السنة يعيشون بأمان منذ سنوات بين الشيعة وفي عز الطائفية لم يطرق ابوابهم بشر احد!
هل لك ان تدلني على بقايا لمسجد شيعي في الانبار او مركز صلاح الدين او سامراء، حتى الامام العسكري، كان الاذان في مسجده للسنة! ماذكرته يا ابا انس غيض من فيض من احداث ووقائع مازالت ماثلة، ابا انس تعرف ان اهل الفلوجة في معركتها الاولى مع الامريكان اسكنا نحن من قصد مناطقنا منهم في المساجد، اهل الشيعة افرغوا لهم بيوتهم، استرجع وحوقل الشيخ وتناول قدح ماء، وتوجه بكامل جسده بأتجاهي، بعد هذا للانصاف ماذا تقول؟ تلعثمت وقلت له:اعترف بأني طائفي وادعي الوطنية ولا املك منها الا الاسم، تبسم الشيخ واصر على ان اتناول الغداء معه، ربما ليؤمن جانبي حتى لا انقل مادار بيننا لمن (يسكته) بطلقة طائشة او سيارة مسرعة.!