نجح الاعلام المغرض من عزل أذهان العراقيين عن الأصل في كلّ ما يخصّ الجيش العراقي الّذي تمّ حلّه مع بزوغ فجر الاحتلال وبأمر من اللص الدولي بريمر بإرادة من غالبيّة من يتباكى عليه اليوم , كان هدفهم محو ذاكرة العراقي فلا يستقبل إلاّ ما سيُقدّمه له مستقبلاً أصدقاء العراق من جيش بمواصفات يرضى عنها “المجتمع الدولي” ونعرف ما هي أهداف متزعّمو هذا المجتمع , فاختلط على المواطن العراقي النوعيّة في جيش أمس مع ما عليه جيش اليوم , وهذا المواطن في غالبه اليوم لم يعد يمتلك تصوّراً واضحاً عن المهنيّة العالية الّتي كان يتمتّع بها جيش العراق السابق رغم ما استغلّ من حروب هو في غنىً عنها والّتي بقيت مهنيّته يتعكّز على قاعدتها رغم ظروف تعرّضه لأقسى حصار دولي طوّقه به “المجتمع الدولي” استمرّ ثلاثة عشر عاماً ومع ذلك لم تجرؤ جيوش أميركا بكلّ ما تملك من مواجهة الجيش 2003 إلاّ بحشد دولي عسكري مرافق لجيوشها , ولم يدر في بال الكثير من عراقيّو اليوم أنّ جيش الأمس أعظم مهنيّة وسعةً من الجيش السوري الحالي نفسه الّذي رآه العالم اليوم بعينيه كيف قهر داعش وقهر أمثال داعش مجتمعين فما بالك بجيش العراق السابق .. فجيش العراق السابق لمن فاته التصوّر ولم يعاصره أو يطّلع على نمطيّته ووطنيّته , فهي كنمطيّة ووطنيّة الجيش السوري الحالي والّذي يحاول الفاشلون من أعراب صحراء وامتدادهم الطائفي العراقي الغبيّ مع الأسف يلصقوه برئيس سوريّا مستغلّين دكتاتوريّته المتوحّشة ويشخّصون الجيش بمسمّاه , ولو كانوا دقّقوا في تركيبة هذا الجيش لوجدوا وزير دفاعه “سًنّي” وأفراد الجيش السوري كلّه “سنّي” تقريباً عدا ما يمتلئ بالعناصر المسيحيّة واليزيديّة رغم المحنة المصيريّة الّتي يتعرّض لها جيش سوريّا وسوريّا نفسها وهما على شفير هاوية باتّجاه الخيار الليبي أو العراقي , في حين لم يكونا لا جيش سوريّا ولا جيش العراق لهما علاقة بشخص أو بحزب بل تأسيسهما كان تأسيس وطني صرف في وقت كان تأسيسهما حاجة وطنيّة للغاية , ولم يعلم شباب اليوم على وجه التحديد أنّ الجيش العراقي السابق أسّس مع بدايات القرن الماضي على أسس وطنيّة وإسلاميّة ولحين ما تمّ حلّه بقرار إعرابي صهيوني ملؤه الحقد والكراهيّة “أُثلجت صدورهم بحلّه” كما عبّر وزير خارجيّة مملكة جلّ وجودها حوك المؤامرات , ولا علاقة لقرار حلّه بجحوش الاحتلال ولا علاقة لحلّه لا بالجلبي ولا بغيره لكن ألصقت بهم هذه الجريمة بمثابة شرارة أولى لإطلاق الطائفيّة من عقالها , فلم يكن جيشنا السابق في أجندته الوطنيّة الخالصة مانع لأن يكون رئيس أركانه من أصول كورديّة منذ أوّل تأسيسه في حين كان أوّل فوج منه بمسمّى “موسى الكاظم” التفّ حوله وتحت رايته السُنّة قبل الشيعة فمن من العراقيين لا يقشعرّ بدنه لذكر اسم هذا الإمام الزاهد العابد المظلوم وتدمع عيناه .. لذلك جاءت عمليّة حلّه عمداً ألصقت بالشيعة لينالوا منهم أنفسهم بأنفسهم إن قيست التسمية وفق المنظور الطائفي الحالي المغرض .. ما ذنب العراقيين أن يكون جيشهم بهذا البؤس الّذي عليه اليوم بحيث لا يستطيع الدفاع عن البلد ضدّ تنظيم لو نفخت عليه فرقة واحدة من الفرق العسكريّة للجيش السابق بنفخة واحدة لاقتلعته ولطوّحت به وبأسلحته في الهواء ولحشرته في جحور جميع من أسّس هذا التنظيم المجرم وفي جحور من موّله وهم معروفون لم تنجب البشريّة قذارة ووساخة بشريّة مثلهم ولا نذالة , فجيش اليوم رغم قلوب جميع العراقيين تخفق لأجله وتنبض قلوبهم مع نبضه غير قادر بجميع ما يملك من تجهيز بأحدث الأسلحة وتدريب كلّفت بمجملها مئات المليارات يسانده ثلاثة جيوش أخرى رديفة ومدعوم ب “اتفاقيّات أمنيّة” وبجيوش حلفاء وأصدقاء هم خلاصة أثرياء العالم وبطائراتهم الخارقة هي الأحدث وبتأييد جميع دول العالم وإعلام عالمي مساند فهو غير قادر على استعادة قرية من بين أنياب داعش لولا قصف “الأصدقاء” .. يبقى إن تحجّج المتحجّجون , وزعموا أنّ جيش سوريّا مدعوم من روسيا وإيران , فحججهم ومزاعمهم ولنقل صحيحة , فها هو جيش العراق ثروات ميزانيّة مفتوحة وجميع جيوش العالم والعالم معه لكنّه هذا حاله .. الجيوش المبنيّة على أسس صحيحة لا طائفيّة تغمز فيه أو تلمز وبني على أسس وطنيّة لا حزبيّة لن تستطيع أقوى جيوش العالم قهره أو هزيمته وليست عصابات متخلّفة وقطّاع طرق , ولنا في الجيش الفنلندي نموذج صارخ .