18 ديسمبر، 2024 9:18 م

وإنْ وهبَ ترامب مالا يملك فالقدس عربية

وإنْ وهبَ ترامب مالا يملك فالقدس عربية

وهب الأمير ما لا يملك. مثل يُضرب لكل منْ يَهِبُ شيئاً لا حق له فيه ولا يمتلكه. ولكنها هبةٌ تستند للقوة والغطرسة وإستضعاف أصحاب الحق من جهة وتخاذل أصحاب الحق وتراخيهم من جهة أخرى.
منذ أن إنتهت الخلافة الأسلامية الراشدة في بلاد العرب سادَ السيف على الحق والقوة الغاشمة على المستكينين والمستضعفين. فسادت شريعةُ وهب الأمير ما لا يملك.
وسرى هذا على فلسطين وشعبها وعلى العرب والمسلمين عامة .فكان وعد بلفور وزير خارجية بر يطانيا فوهب أرض فلسطين لليهود وطناً لهم بعد أن ضعفت دولة العثمانيين وإضمحلت, لفساد سلاطينها وظلمهم وتعسفهم مع الشعوب والأوطان التي تملكوها بقوة السيف والمدفع ,وإستكانة الأمم والشعوب لهم.ولم يكن بلفور ولا بريطانياً يمتلكان فلسطين. ولم يكن الفلسطينيون إنكليزاً ولا من ذوي العيون الزرقاء. وكانت الهبة الثانية للسلطان عبد العزيز بن سعود سلطان نجد ,عندما تعهد وأعلن عدم إعتراضه على منح بريطانيا أرض فلسطين للمساكين اليهود كما نَعَتَهم. فأرسل رسالة للسير برسي كوكس هذا نصها (بسم الله الرحمن الرحيم أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظماء لا مانع عندي من اعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة )
ولم يكن عبد العزيز بن سعود يمتلك أرض فلسطين ولا حاكماً لها .وهو كما يدعي خادم الحرمين الشريفين .والقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهي ملك لكل المسلمين والمسيحيين والعرب .ولا يحق لأحد أن يهبها لكائنٍ من كان. ولكن كيف للأعراب وهم أشد كفراً ونفاقاً أن تكون للقدس وفلسطين قدسية عندهم.
وظهرَ التحالف الأسرائيلي الخليجي المستتر للعلن فباتت إيران العدوة وإسرائيل الصديقة.حتى قال مسؤولٌ إسرائيلي كبير ((ما نقوله بالعبرية يقوله حكامٌ عرب بالعربية)) والقنابل تسقط على فقراء اليمن فتقتل شيوخهم وأطفالهم وتجوعهم بحصارٍ جائر.والأرهاب يضرب العراق وسوريا .ويهدد لبنان بأموالٍ وسلاح عربي.
ويُكْمِل ترامب المهمة المرسومة ويعلن إعتبار القدس عاصمة لأسرائيل ولم يحدد لها القدس الغربية فقط. ولم يقل إن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية .بل إعتبر القدس جميعها عاصمة لأسرائيل.وتغافل كل حق للفلسطيين والعرب فيها. وطلب من وزارة الخارجية الأمريكية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس ضارباً عرض الحائط كل القرارات الأممية بإعتبار القدس أرضاً محتلة .ولكن أين المسلمون والعرب من هذا الأجراء التعسفي الخطر الذي يهدد السلام في المنطقة والعالم؟ ولكنه منطق الغطرسة والقوة والأستخفاف يقابله منطق الضعف والذل .قوة إسرائيل ومن يساندها بالباطل, وضعف العرب والمسلمين رغم قوة حقهم بأرض فلسطين والقدس . كنّا نتوقع من الشعوب التحرك الجاد تحركاً أقوى من التظاهرات المليونية لأسباب كانت أقل مساساً بكرامة العرب وحقوقهم.ولكنها حسابات الربح و الخسارة لدى الأحزاب والزعامات السياسية. فربح هذه القيادات أهم من خسارة الشعوب لأوطانها ومقدساتها .نحن لم ولن ننتظر شيئاً من الحكام فهم لا إنتماء يربطهم بأوطان شعوبهم فالأنتماء للجيوب والسلطنة والتسلط هي المهم.
مسلسلهم يسير وفق المخطط المرسوم فلا قدس للمسلمين والعرب ولا لفلسطين وجود والتعويل على عوامل تقادم الزمن هو المعتمد حتى ينسى المسلمون والعرب وطناً إسمه فلسطين .وما مناورات ومسرحيات المفاوضات إلا تسويفاً ومماطلة وذر رمادٍ في العيون ,ثبت عدم جدواها. ومخادعة إسرائيل وتهربها من إعطاء أية حقوق فهي لن تعترف بدولة لفلسطين بحدود واضحة لها, ولا حقوق مدنية لشعبها ولا إنسحاب من الضفة الغربية ولا إزالة للمستوطنات من القدس والضفة ولا إنسحاب من الجولان السورية .إنما هي إسرائيل الكبرى من النيل للفرات. ويعتقدون إن الأجيال ستنسى أمراً ووطناً إسمه فلسطين.
المسلمون والعرب نيام في شغل شاغل بين سنة وشيعة والذبح والتقتيل وتفجير منازل الفقراء .وترميل النساء وتيتيم الأطفال.وشراء قاذفات قنابل ومدافع لتمويل مصانع سلاح دول التآمر والغدر.لتُمرر الخطة الماسونية الصهيونية العالمية وتُدمر وتستنزف الوطن العربي .وتُهدم كل معالمه الحضارية وتُشوَّه العقيدة الأسلامية المتسامحة .حتى يعتقد العالم بأن دين الأسلام ديناً عدواً للسلام وليس دين سلامٍ ومحبة.وبهذا ينتشر الألحاد في جامعاته وبين شبابه كما يجري اليوم . وهذا هو المطلوب.
لقد نسوا أنَّ هناك واقعٌ وتأريخ لا بدَّ من تذكره وهو أين الحكومتين العنصريتين في جنوب أفر يقيا وروديسيا؟ وأين الأستعمار الفرنسي في الجزائر؟. لقد حققت تلك الشعوب إستقلالها ونالت حريتها .فالواقعٌ الذي تسعى له قوى الشرالمعادي للعرب هو واقعٌ مزيف. ففلسطين عربية والقدس عربية للأبد .مهما وَعَدَ بلفور وعبد العزيز بن سعود وترامب.والتأريخ يشهد إن العرب الكنعانيين سكنوا فلسطين قبل 7 آلاف سنة.وجذور القدس عر بية لا يهودية إسرائيلية.
خطوة ترامب هذه سيكون لها مردود عكسي حتماً. فهي الصعقة التي ستعقبها الصحوة و النخوة العربية الأسلامية حتماً وسيتحرك الشباب العربي ويقلبون الطاولة ويرغمون الحكام على مواقف عملية تجبر ترامب وإسرائيل للأعتراف بالحقوق المشروعة للعرب في القدس وفلسطين.وسينقلب السحر على الساحر.وأول المنتفضين هم المسيحيين العرب الذين تجمعوا بتظاهرات صاخبة في القدس وبيت لحم دفاعاً عن عروبة العرب وفلسطين وهي بداية الأنتفاضة المباركة .وستفضي خطوة ترامب الى عزل أميركا دولياً وإبعادها عن رعاية عملية السلام الوهمية. فلم تكن محايدة, ولا منصفة. بل منحازة بالكامل لأسرائيل. وستعم الإضطرابات في أمن المنطقة والعالم كله, نتيجتها عواقب وخيمة أقلها إرتفاعٌ كبير بأسعار النفط ,وترنح الأقتصاد الأمريكي.
وهذه صورة رسالة عبد العزيزآل سعود برسي كوكس التي نشرتها مجلة الحرس السعودية المعارضة وأصدرها مجمع علماء الحجاز في 21 تموز /1991