19 ديسمبر، 2024 2:07 ص

وأما بنعمة الكتل فإنتخب

وأما بنعمة الكتل فإنتخب

“الإختلاف في أمتي رحمة”
آليات تكوين الكتل الإنتخابية، تقوم على توافق الأعضاء المنتدبين للإنصهار في بوتقة تفاعل التجربة الفئوية، مع الإيمان بالله والولاء للوطن، فهل تتشكل الكتل على أسس منطقية تمثل إيديولوجيا تكرس جهدها لخدمة القضايا العامة وليست الشؤون الداخلية لها؟
نقترب من الإجابة، إذا تأملنا بحديث الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله: “الإختلاف في أمتي رحمة” الذي حلل المفسرون معنى أولاً له، لخصوه باللإختلاف، تنقلاً بين الناس والأمم، وعرّف آخرون دلالته على جمع النقائض وتوحيد جهود الأضداد؛ للسير معاً في خدمة القضايا الكبرى، كل على طريقته، من دون تضاد ولا تقاطع ولا تعطيل لعمل السائرين بالتوازي، من خلال زرع عقبات تعيق سلاسة المسار التضامني نحو الأهداف.. “إن الله يحب أن تصلوا صفا”.
الإختلاف أعتبره تنوع وجهات النظر، كل يخدم نظام العمل الوطني، بطريقته التي لا تتضاد مع سواها، بل تتضافر لتتعدد الخيارات أمام الفرد، في إنتهاج الأقرب الى قدراته والأبلغ في تلبية تطلعاته، على ألا يعد هذا صح وذاك خطأ.. إنما كلها تتكامل متعاشقة من دون تقاطع ولا إحتراب ولا مصادرة ونسف وإبادة، بل العمل بموجب القاعدة الأوربية: “أختلف مع رأيك، لكنني أقاتل كي تقوله بحرية”.
أسهم هذا الفهم الأوربي الراقي.. المتسامح حتى في حالة الإحتفاظ بالتضاد، على ألا يصادر الأضداد بعضهما فيتيه الوطن بدداً بين الفرقاء شائها، وكلهم يصيحون جهاراً بالوطنية، وباطنا: “يا روحي”.. أنا ومن بعدي فئتي ومن ثم طوفان يذهب بالجميع الى الجحيم.
تنوع الكتل الإنتخابية يعطي فرصاً شاملة تؤكد أن العراق يحتضن أبناءه كافة، حتى الإبن المشاكس، على ألا تتلوث يده بدمٍ بريء أو يشوب وجدانه تخاذل فساد أو عنفوان إرهاب؛ فالنفس أمارة بالسوء.. إلا ما رحم ربي.
يفترض أن تشكل الكتل قناة منهجية لمساعدة المرشح على بلوغ برنامج وطني مقنع للناخب، مشفوع بآليات تنفيذ الأفكار على أرض الواقع.. ميدانياً، وهي ضمان للإيمان بالله والولاء للشعب، ترفعاً عن المغريات، التي ندور.. ندور، ونعود الى قوله تعالى: “النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم ربي” ورقابة الكتل على أعضائها جزء من رحمة الرب، في عصمة المرشح من الزلل، سواء أخلال التثقيف الإنتخابي؟ أم بعد الفوز والتربع على كرسي وثير، تحت قبة مجلس النواب!؟
تحث الكتل ممثليها على التفاني.. إخلاصاً مواظباً في عمل يكاسب ثقة المواطن إجرائياً وليس إنشائياً، بعد أن بات الشعب مستفزاً من حلاوة أقوال المسؤولين الذين يطنبون الحديث طويلاً عن النزاهة، بينما هم حماة المفسدين.
دقة توزيع الأدوار وحسن إختيار المؤدين، الذين يمثلون الكتلة وحزبها أمام الشعب، بالطرق الأكاديمية، في علم الإتصال الجماهيري، والأساليب اليومية المستندة الى الإنتماء الشعبي “حسجة” فكلا الطريقتين ضروريتين، لما لكل منهما من قطاعات واسعة.. بطول العباد وعرض البلاد؛ بغية الوصول الى شمولية نابعة من الناس.. نخبوياً وإجتماعياً؛ وبهذا تكتمل دائرة المرشح كمركز محيطه الكتلة وأقطاره تعداد الشعب اللانهائي، بدءاً بإكتشاف مكامن الإشكال وإنتهاءً بالمعالجات التي تنطلق من منصة رئاسة التشريع النيابي؛ سائحة في آفاق معاناة الشعب، إزاء الخدمات والأمن وغلاء المعيشة والسياقات الحضارية المستعارة.. كلها مسؤولية الجالس على المقعد النيابي طوال المدة الإنتخابية، على ألا تسقط الأقنعة عقب فرز الأصوات.. حيث ما تزال صناديق الإقتراع ساخنة بأنفس الناخبين وهم يتدافعون نحو الأمل المرتجى بتشكيلة برلمانية تنتشل الحفاة من السير على الشوك.

أحدث المقالات

أحدث المقالات