لا شكّ إنّ الاجتماع والتظاهر السلمي هو جزء لا يتجزا من حقوق الإنسان الأساسية وحريته في التفكير والتعبير , ولا يجوز أبدا حرمان الناس من هذه الحرية أو تقييدها , إلا بقانون أو بقرار صادر من جهة قضائية مختّصة , والمادة 38 من الدستور العراقي قد كفلت هذا الحق , لكن بما لا يخل بالنظام والآداب العامة , فحرية الاجتماع والتظاهر قد جائت مقيّدة أولا بالنظام والآداب العامة , أي بمعنى أن لا تكون مخالفة للقوانين النافذة والعادات والقيم والأعراف السائدة في المجتمع , وثانيا إنّ هذا الحق ارتبط بسلمية هذه الاجتماعات والتظاهرات , وثالثا أن ينظّم هذا بقانون .
وبما إنّ هذا القانون لم يشرّع حتى هذه اللحظة من قبل البرلمان العراقي , فإنّ تنظيم هذه التظاهرات والتجمعات يخضع لأحكام قانون سلطة الائتلاف المنحلّة رقم 19 لسنة 2003 النافذ المفعول حاليا والذي اشترط بدوره وجود ترخيص مسبّق من وزارة الداخلية قبل المباشرة بالتجمع أو التظاهر السلمي , وبدون هذا الترخيص من السلطات المختّصة , تعتبر هذه الاعتصامات والتظاهرات تمرد وعصيان على الدولة , وتشّكل جريمة طبقا لقانون العقوبات البغدادي المعدّل رقم 111 لسنة 1969 , وحتى التظاهرات السلمية إذا رفع فيها المتظاهرون شعارات تحرض على قلب نظام الحكم أو على إثارة النعرات الطائفية والمذهبية أو إشاعة الكراهية والبغضاء بين أبناء الشعب , فإنها تشكل جريمة أيضا بموجب قانون العقوبات النافذ .
والجميع يعلم إنّ هذه التظاهرات والاعتصامات قد وقعت بعد اعتقال بعض من حماية وزير المالية رافع العيساوي , وهذا الاعتقال قد جاء بموجب مذكرات قبض صادرة من القضاء العراقي تتعلق باتهامات خطيرة متورط فيها عدد من حمايات الوزير بجرائم إرهابية , ومنذ ذلك الحين أصبحت ساحات الاعتصام ملاذا آمنا ومرتعا لتنظيم القاعدة الإجرامي , ينطلق منها لتنفيذ عمليات القتل والإبادة التي يمارسها ضد أبناء الشعب العراقي قاطبة ودون استثناء , فكانت بحق ساحات للشر والإرهاب والتحريض على القتل والشحن الطائفي , وكما قال الشيخ حميد الهايس أنّ هذه الساحات قد أصبحت الحاضنة الأكبر لتنظيم القاعدة الإرهابي , والجميع يعلم إنّ وجود قيادات القاعدة في هذه الساحات , لم يكن اتهاما يراد منه خلط الأوراق , بل هو حقيقة يعرفها أهالي الأنبار قبل غيرهم , بل ويعرفونهم بأسمائهم واحدا واحدا .
فقرار الشعب العراقي وجيشه المقدّام بطرد القاعدة وداعش من كل جزء من أرض العراق و وأد الفتنة الطائفية وقبرها , يبدأ من هذه الساحات التي تحوّلت إلى ملاذات آمنه للإرهاب وقياداته , تنطلق منها لتزرع الموت الاسود والدمار في مدن العراق وقصباته , وتنشر الرعب والفوضى , ومن يقول إننا اصحاب مطالب مشروعة وعادلة , فردّنا عليه أنّ المطالب المشروعة والعادلة لا تاتي من خلال التحريض على القتل والطائفية وتحويل ساحات الاعتصام إلى أوكار وملاذات آمنة للإرهابيين والقتلة والطائفيين , بل من خلال الطرق والقنوات القانونية المشروعة , والشعب العراقي لم يعد قادرا بعد اليوم أن يرى الإرهاب بعينه ويبقى ساكتا دون أن يتحرك لقلع أوكار هذا الإرهاب وتجفيف منابعه , وقد أن الأوان لاقتلاع ساحات الشر والطائفية و وأد الفتنة الطائفية التي مزّقت النسيج الاجتماعي العراقي , فإلى الأمام يا جيشنا المقدام باقتلاع كل اوكار الإرهاب والقتل , والخزي والعار لكل من يحاول ان يتستّر على هذا الإرهاب الأسود ويقدم الدعم له تحت اي مسمى , ومشاعر العراقيين جميعا مع جيشهم الباسل , والموت لكل من يقف إلى جانب داعش والقاعدة .