20 مايو، 2024 7:26 م
Search
Close this search box.

هکذا هي الحیاة من یَظلِم، یُظلم!

Facebook
Twitter
LinkedIn

یخطآ من یظن بآن عملیة قطع نزیف الدم بین السنة و الشیعة تنجز بین لیلة و ضحاها، و الکل ادری بتآریخ هذا النزیف و اسبابه و مسببات استمراریته لیومنا هذا. قصة هذا النزیف لم تنته، و ربما لن تنتهي في القریب العاجل، لا سیما الظروف السیاسية و طبیعة الاجواء الطائفیة في الوقت الراهن، حیث ولادة و ظهور منظمات ارهابية تکفیرية ذات خلفیة سنیة، تکفر الشیعة و ازدیاد میلیشیات شیعیة، تبیح الدم السني في المنطقة بآکملها، مهدت الارضیة لتفعیل جریان و تدفق هذا الدم المباح مذهبیآ!

في الماضي کان الکورد (علی الرغم من ان غالبیتهم سنة) و الشیعة معهم، یلومون عرب السنة في العراق، بآن حکام العراق السنية المذهب، ومن خلال سیاسات شوفینیة و عملیات الابادة الجماعية، یبذلون قصاری جهدهم لتجرید الکورد من هویتهم القومية و الشیعة من الهوية المذهبية. لکن یبدو دارت الایام و تغیرت الاوضاع، حیث الیوم الکورد مرة اخری و معهم السنة، یصرخون من بطش حرکات و منظمات عسکریة و ملیشیات شیعیة، و الفارق الوحید في المعادلة هذه، بقي الکورد الضحية الوحيدة بینهم، مستهدف و بشکل اخر، تارة من السنة و من الشیعة تارة اخری و بعض الاحیان من الاثنین معا، (حیث تجمعهم العروبة و الشوفینیة)، و ذلک نتیجة مطالبة الکورد بحقوقه القومية المشروعة!

علی ایة حال، حدیثنا هنا لیس عن الخلافات الدائرة بین هولیر و بغداد، او بالاحری بین الکورد و العرب ( السنة منهم و الشیعة)، بل بودنا ان نسلط الضوء علی وضع السنة في المناطق التي تسیطر علیها داعش عموما، والمناطق الاکثر السنية التي تسیطر علیها الشیعة، بعد تحریرها من دنس ارهابیي الدولة الاسلامیة خصوصآ.

الیوم و اکثر من اي وقت مضی، ترفع (بضم التاء) اصوات السنة، منددین بعملیات القتل و النهب، التي تقوم بها قوات من ملیشیات شیعية ضدهم. میلیشیات و قوات تبیح اموال السنة و اعراضهم و تدمر مساجدهم علی مرآی و مسمع العالم. میلیشیات لم تتوان عن قتل ابریاء السنة خلال عملیات التمشیط العسکریة في المناطق التي سیطرت علیها داعش بدافع ولائهم و مساعدتهم لمسلحي التنظیم الارهابی و زج نشطاء السنة المدنیین فی غیاهب السجون، بعد قمع تظاهراتهم السلمیة المطالبة بابسط حقوق المواطنة، الا و هي تامین حاجات الحیاة الیومیة، من الماء و الکهرباء و الخدمات الصحیة و التربیة. و بشکل عام، المطالبة بضمان سبل العیش السلیم.

تشیر هیئة العلماء المسلمین السنة في بیان لها، صدر افي الایام القلیلة الماضیة، بآن قوات من لوائي 55 و 60 و مسلحين من الحشد الشعبي الشیعي قاموا بسرقة اموال و ممتلکات اهالي قری سنية التابعة لقضاء ابي غریب، و ذلک بعد تحریرها من ایدي مسلحي داعش. کما اشارت الهیئة فی بیانها، بآن سلوکیات و تصرفات هذه المیلیشیات وصلت الی حد حرق و تفجیر مساجد السنة فی کل من جلولاء و السعدیة. و من ناحیة اخری ادلی محمد الصمیدعی، رئیس وقف الدیوان السني في تصریح له، بآن السنة في محافضات بابل و سامراء و دیالی و الموصل یتعرضون لعملیات التطهیر العرقي علی ایدي مسلحي داعش و المیلیشیات الشیعية و ندد بممارسات المیلیشیات ملفتا نظر المرجع الشیعي الاعلی في العراق، لکي یتخذ موقفآ حادآ و حازما ضد هذه القوات و وضع حد لنزیف الدم السني.

اذا اخذنا بنظر الاعتبار، اراء شخصیات و اوساط سیاسیة عراقية و اقلیمیة و دولية، توءکد المعطیات بآن سیاسة تهمیش السنة في ادارة البلاد و اقصائهم من المشارکة في العملية السیاسیة و کبح نظالاتهم المدنیة المطالبة بحقوق المواطنة علی مدی ثمان سنوات من تولي المالکي السلطة، هي التي اثقلت کاهل العراقیین بمآسي الحروب الطائفیة و اشعلت فتیل الفتنة بین المکونات العراقية جمعاء و افرزت المشاکل الاقتصادية و السیاسية و الاجتماعية، تارکة وراءها دمارآ في جمیع نواحي الحیاة و ملقية بالبلد في حافة المشاکل و الآزمات.

حکومة المالکي کانت حکومة الازمات، او بالاحری حکومة اختراع و ابداع الازمات، مبتغية من وراء ذلک فرض السلطوية و احادية القرار في حکم العراق. حکومة غیر مبالية لمعانات شعبها، متناسية ابسط حقوقها في العيش برخاء و سلام.

و ما نراه الیوم لیس الا امتدادا لتلک السیاسة (بتغیرات طفیفة في الخطاب و الممارسة!) التي اودت بالعراق الی حافة الانهیار و معقلا للتطرف الدیني و المذهبي و بوءرة للارهاب و وکرا متینا للمنظمات الارهابية و الارهابیین، و علی رآسهم منظمة داعش، التي بدآت بحرق الیابس و الاخضر، لکن هناک وجه اخر للمعادلة السنیة الشیعیة في العراق، الا وهي، ان السنة ضحية خلافاتها الداخلية و صراع قادتها علی الامتیازات ایضا!

تعیش السنة الیوم، متغنیة بایام عزها، اسوء ایامها في العراق و تدس (بضم التاء) رآسها بین مطرقة داعش و قادتها الانتهازیین من جهة، و سندان الشیعة من جهة اخری. داعش السنة، التي کفرت اغلبية السنة التي لم تبایع خلیفتها و خلافتها و قیادات سنية منها ذات جذور بعثية تتغنی بامجاد البعث و قیادات تتاجر بقضیة طائفتها و تقامر بها علی طاولة دول الجوار، و میلیشیات شیعیة متطرفة حد النخاع، تثآر من السنة، علی ماضي مظالمها من ناحیة، و حقدآ علی سنیتها من ناحیة اخری.

سنة الیوم، تائهة في ممرات و انفاق حرکاتها و احزابها السیاسية المظلمة و فریسة شعارات قیاداتها البراقة.. قیادات تتفرج علی جرح ابناءها و نزیف دم مدنها.. قیادات تلهم قوتها و بقائها من العقلية العشائریة، اکثر من ان تستفید من قواها المدنية و الدیمقراطية .. قیادات تعزف کل منها علی وتر مصالحها السیاسية و خلفیاتها الایدیولوجیة و ولائاتها الخارجية.. قیادات ترقص علی لحن، یآتیها من خارج بقاعها و بیئتها.. قیادات قد تکون اکثر انتماءا لامراء غیر عراقیة، من انتمائها لقضیتها و شعبها.

قیادات عاجزة عن اتخاذ مواقف وطنية ( وطنية بالنسبة للسنة!) تجاه مجریات الحیاة السیاسية الیومیة، قیادات تعاتب القدر و بطش الشیعة و هیمنة ایران، متناسیة ولائاتها العشائریة و الجري وراء الحلم الضائع. بالاحری البکاء علی الاطلال و الحنین الی ماضي البعث.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب