يتفق جميع المحللين السياسيين والقادة العسكريين ،أن أمريكا هزمت في العراق، ولم تحقق الانتصار الذي أعلنته إدارتا بوش وأوباما، وطبلت له طوال سنوات الاحتلال البغيض بماكينتها الإعلامية الجبارة، بل أعترف الكثير من قادتها العسكريين وأعضاء من الكونغرس ومجلس النواب الأمريكي بهذه الهزيمة ،وعدوها انتصارا لإيران ،(وإنها قدمت العراق على طبق من ذهب لها)، يأتي هذا الكلام في وقت انسحاب قوات الغزو الأمريكي من أرض الرافدين ، وقد رأى العالم كله أكاذيب أوباما في خطابه الأخير أمام جنوده المنسحبين من العراق، وكيف كان يكذب عليهم وعلى العالم، بأن أمريكا قد حررت العراق وأقامت الديمقراطية فيه، وحولته إلى واحة خضراء من الحرية والرخاء والأمن والاستقرار، وانه الآن النموذج المثالي للديمقراطية في المنطقة، ولم ينس في أكاذيبه أن يعلن أعداد القتلى والجرحى من جيشه المهزوم، وقال إن (4500 قتيل ضحوا من أجل هذه الديمقراطية وان (30ألف جريح) أصيبوا من أجلها) متناسيا ما أعلنته معاهد البحوث الأمريكية والغربية ،عن الأعداد الهائلة في القتلى والجرحى وهم بمئات الألوف في العراق في هذا المهرجان من الكذب، حسب تعبير الأستاذ عبد الباري عطوان، لم يتطرق إلى أسلحة الدمار الشامل التي جاءت من أجلها إدارة المجرم بوش ولم تجده، وكذلك الدمار والخراب الذي أحدثته الماكنة العسكرية الأمريكية بوحشية نادرة، وملايين العراقيين بين قتيل ومهجر ومهاجر ومعتقل وفساد مالي وإداري قل نظيره في التاريخ، وحكومة فاسدة وفاشلة ،يتصارع سياسيوها على المناصب والمكاسب والنهب المنظم لثروات البلاد، والطائفية التي تضرب البلاد طولها وعرضها، وتسليم إيران العراق على طبق من ذهب لتعيث به قوات فيلق القدس والحرس الثوري قتلا وخطفا وتفجيرات واغتيالات بكواتم الصوت، إضافة إلى ترك البلاد بوضع أمني متفجر طائفيا على الصعيد الشعبي (ما يجري في ديالى من حرب طائفية يقودها فيلق القدس وأحزاب السلطة الطائفية المتنفذة التي تمسك الملف الأمني والعسكري).. ناهيك عن فقدان كامل للخدمات الصحية والتربوية والاقتصادية وانعدام تام للأمن في محافظات العراق ،مع تهميش وإقصاء متعمد من الحكومة في ظل غياب التوازن في الحكومة والمؤسسات والجيش والأجهزة الأمنية، اذ يسيطر الحزب الحاكم ومريدوه من الأحزاب الطائفية التي جاءت من إيران الآن على 99% من المناصب والوظائف الحساسة والهامة في الحكومة.. فلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات صحية ولا مفردات البطاقة التموينية وجيوش من العاطلين الخريجين، كل هذا الخراب ولد شعورا قاسيا بالذهاب إلى إقامة الأقاليم اضطرارا ،كما فعلت محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وربما نينوى على الطريق هي وكركوك، فعن أي انتصار يتحدث الكذاب أوباما وإدارته الفاشلة ووعوده التي ضحك بها على الأمريكان لأغراض البروبغاندا السياسية، هذا الكذب والنفاق لم ينطل على العراقيين وعلى العالم، لأن الواقع على الأرض عكس ذلك تماما، فقوات الغزو الأميركي انسحبت من العراق تحت جنح الظلام، بفعل قوة المقاومة العراقية الباسلة التي حطمت عنجهية الجيش الأميركي وكبدته أفدح الخسائر البشرية والعسكرية والمادية، وأضرب لكم مثالا على هزيمة الجيش الأميركي فقد أبلغ الجانب الأميركي محافظ نينوى بأن يوم الأربعاء سيكون إنسحاب القوات من الموصل وعلى المحافظ أن يحضر حفل التوديع ،فذهب محافظ نينوى يوم الأربعاء لحضور الحفل إلا انه فوجئ بهروب جميع من في القاعدة (مطار الموصل) ،ولم يجد له فردا واحدا فيها وعلم بأنهم هربوا قبل يوم من القاعدة تحت جنح الظلام دون علم أحد، وهكذا بقية المحافظات الأخرى ، هكذا هرب الجيش الأمريكي خوفا من ضربات المقاومة العراقية التي أثخنت جراحاته، وأجبرته على الهروب المخزي الذي لا يليق إلا بجيش رعديد وجبان كالجيش الأميركي الغازي، أما الوضع العراقي ومشهده السياسي بعد الانسحاب الكاذب المزعوم (15 الف عنصر أمني وآلاف العناصر من الشركات الأمنية بقيت في العراق) ،فإن الوضع الأمني يشهد تدهورا خطيرا جدا، ويقترب تماما من الانفجار بصور مخيفة (كما يحصل الآن في ديالى والأنبار) والصراع السياسي في حكومة المالكي على أشده والفشل السياسي لا مثيل له، إذن نحن على أبواب وضع أكثر خطورة يشي بحرب أهلية (لا سامح الله) ،مع إقتراب نهاية هذا العام وإنسحاب قوات الغزو من العراق، وقوة النفوذ الإيراني الذي يتهيأ لملئ الفراغ بعد الانسحاب حسب تصريحات (نجاد وصالحي ولاريجاني) والذين يتهيئون بتواطؤ حكومة المالكي لتصدير أزماتهم الداخلية المتفجرة بين (نجاد وخامنئي) إلى الهجوم على معسكر أشرف وقتل سكانه الآمنين المحميين دوليا، والتي تصر حكومة المالكي على إخراجهم من العراق نهاية هذا الشهر، رغم المناشدات الدولية والكونغرس الأميركي والاتحاد الأوربي وحكوماته، إذن المشهد العراقي أخطر مما يتصوره الآخرون.. أكاذيب إدارة أوباما مفضوحة أمام العالم وأن أمريكا هزمت.. نعم هزمت ورب الكعبة في العراق.