لو سلطنا الضوء على الخارطة السياسية لأحزابنا القومية الآشورية في عراق ما بعد 2003، تلك الأحزاب المتباينة في إرثها وامتدادها التاريخي، حيث البعض منها لها هالة تاريخية ساطعة ومتميزة في تاريخ الحركــــة القومية والوطنية في العراق ونخص منها الحركة الديمقراطية الأشـــورية، والبعــض الآخر كانت وليدة الحالة السياسية الجديدة بعد الغزو الأميركي للعراق. لاغبار عليه بأن المسيرة السياسية لشعبنا تتفاعل وتتأثرمع الظروف الموضوعية للعملية السياسية في العراق وكذلك الظروف المحــلية، الأقليمية والدولية، حيث عكســــــت العملية السياسية في العراق مدى التخبط وحالة الفوضى العائمة على البلد والقت ظلالها سلبياً على أمن وسياسة البلد من جميع النواحي، ومنها نال شعبنا والأثنيات الأخرى القسط الأكبر من المآسي والويلات التي حلت بالوطن،من قبيل الهجرة وتدمير البنية الديمغرافية لأغلب مناطقنا التاريخية الى جانب الكثير من الخسائر المعنوية والمادية . كذلك تميزت المرحلة أعلاه بفقـــدان السيادة الوطنية وتفشي حلقات الفساد الناخر لبدن الدولة ومن ثم عدم وجود قوانين جدية تســـــاهم بشكل فعال في تنظيم الحالة السياسية وتعدد الأحزاب والتي افرزت حالة غير منطقية في الترويج لتأسيس أحزاب جديدة ، حيث تشير الدلائل بعدم جدية قانون تنظيم الأحزاب ومنها ما نشـــاهد الأرقام المذهلة لعدد الأحزاب والحركات السياسة في العراق المتمثل بأكثر من 330 كيان سياسي طبق أحصـــــــائية المفوضية العليا للانتخابات العراقية. وعند ألقاء الضوء على هذه الأحزاب والكيانات سوف تلاحظ بأن 80% منها هي أحــــزاب ثيوقراطية دينية، بينما يبــقى القســم الباقي من الأحـــــزاب القومية والعلمانية الوطنية مترنحة تحت ظل الأحزاب المذهبية المتنفذة. والتي أدت هذه العملية في بث الخلافات السياسية وخلق أزمات واقعيــة أثـرت بشـــكل كبيرعلى سيادة العراق، ونخص منها المشكلة الطائفية وتبين الوقائـــع بأن غالبيـــة العناصــر والوجوه المشاركة في العملية السياسية راضية على الأســـلوب التـعددي هذا والذي يصب في صالحها ومن ثم بقائها بالسلطة لتحقيق مآربها .
ومن هذا المنطلق الموضوعي أعلاه، تأثر آداء احزابنا السياسية خلال العملية السياسية والجماهيرية، والقت العدوى الطائفية وبائها على ابناء شعبنا واحزابنا، وبذلك نتلمــس ظــهورمــأزق حقيقـي لأحزابنا القومية كأنعكاس واقعي لحالة الأزمة الموجودة في العراق ومن ثم الأخفاقــات الداخليـة للعمــل السياسي التي تؤديه أحزابنا القومية بجميع أشكالها المستقلة بقرارها او تلك الأحزاب المولودة من رحم الأحزاب الخـــارجة عن البيت القومــــي . وقد تفاقمت أزمة كياناتنا السياسية بحيث أستطاعت القوى السياسية والمتمثلة بالأحزاب الكرديـــة او العربية بالسيطرة عليها، ومن ثم أفلاس أحزابنا القومية جماهيراً نتيجة لأنشغالها في زيادة مكاسبها الحزبية الضيقة وظروف اخرى ثم مواقفها الغير متوازنة مع العملية السياسية العراقية،واخيراً موقفها الهزيل من الحراك الشعبي العراقي والمتمثل بثورة أكتوبر الشبابية، والتي استغلها بعض من سياسينا وبــــدون حياء بالظهور لدقائق معدودة وأخذ صور سيلفي لساحات العزة والكرامة.
ومن خضم رحم الأسباب أعلاه وسيــراً الى صراع التسميات والتي اعتبره فخ وقعت فيه جميع أحزابنا القومية وانشغالهم المزري بالواوات، وبعد التراجع الكبير في عمل مؤسساتنا القومية ، ومن ثم مطالبة الكثير من الأقـــلام المسيحية بالضرورة الى تشكيل مرجعية مسيحية تأخذ على عاتقها أدارة ملف أزمة شعبنا في العراق،ومنها انبثقت التسمية المسيحية وحلت محل الأسم القومي، واستطاعـــت القيادة الكنسية والمتمثلة يالبطريرك لويس ساكو بسحب زمام المبادرة من أحزابنا خلال وقبل ندائــــه المتمثل بتشكيل مرجعية لشعبنا،وبدورها حينها قابلته أحزابنا القومية بمواقف عديدة منها الموقف الخجول لبعض الأحــــزاب الريادية وكذلك بعض المواقف المتملقة والمداهنة لأحزابنا على شكل بيانات أعلامية ركيكة ، وقسم آخر ردود فعل صبيانية على صفحات التواصل الأجتماعي. ولم تتحرك أحزابنا بجدية وقتها ، وبعدها جاءت المبادرة القومية لحزب بيت نهرين الديمقراطي في آب الماضي، تلك المبادرة العقيمة والتي ولدت ميته ولم تلق آذان صاغية، بعدها المقالة الأخيرة للسيد توما خوشابا القيادي في تنظيم أبنـــــاء النهرين والمنشورة في موقع عينكاوا والمتمثل بمرجعية البطريرك لويس ساكو،ويمكننا البيان بأن جمــوع الأراء والبيانات الحزبية والفردية تمثلت بسطحية ومحدودية الفكر، وصبت جـل اهتمامها على القشور البعيدة عن جوهر القضية ومتطلباتها، البعض يؤكد كيف أن ندخل موحدين في عملية ألأنتخابات العراقية القادمة وأخــرون يستغلون ظاهرة فيسبوكية معينة ، والآخر يذكر في مقالته المتواضعة بأن نؤجل خلافاتنا ولانلغيها، نحن هنا لسنا بصـــــدد خلاف أجتماعي بين فرد من أفراد العائلة لكي نؤجل هذا الخلاف، انها معركة وجود شعب وقضية ، وجـــب علينا ايجاد لغة الحوار التي تمد جسور الثقة بيننا وليس من خلال القاء اللوم على الآخر،وهذا دليل واقع الحال على تفاقم ازمة الثقة بين سياسينا، واود ان أبيـــن للسيد توما خوشابا ليس مــن منطلق شخصي لكن حرصاً على نقل الوقائع، واقول بأن من اختلفت معهم اليـوم هم نفسهم رفاق الأمس اللذين كنـت معهم في خندق واحد تشاركهم في مكتسبات العملية السياسـية السيئة الصيت في العراق وكان الكل مستفاد دون النظر الى مستقبل القضية، ولا أريد الدخول في سجال واروي التفاصيل الجانبية حـــول ماهية الأختلاف بينكم والآخر والتي ليس لها اي أساس أيدلوجي او فكري كما تدعي به، مــــع العلم انني احد المناصرين وبقوة لعودة المياه الى مجاريها.
الجميع وبدون أستثناء يتحمل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع السيئة لمسيرتنا القومية في الوقت الحاضر، والتي تعيش فيه أحزابنا القومية مأزقاً حقيقياً وجب على الكل قبول وعدم الغاء الآخر، واِن اختلفت وتعارضـــت بعضها البعض في توجهاتها وتكتيكها العملي ولكنها يمكن ان تلتقي في نقاط اخرى ايجابية ومركزية، تتبــــلور من خلالها أرادة سياسية موحدة وذات رؤية مشتركة، وأبــداء الأهمية الــى القضـــية القومــية المركــزية ووضع النقاط على الحروف ، وايجاد استراتيجية عمل حقيقية وليست وصفية وان يكـــون هناك برنامج ورؤية سياسية واضحة لبناء الهيكل القومي بصورة سليمة وانقاذ ما تبقى ، وفتح حــــوار ديمقراطي ودي بين جميع الأطراف لتقريب وجهات النظر، وأعتماد مشروع سياسي قومــــي يأخذ دوره الريادي في خلق رؤية أيجابية وان كنا في مأزق حقيقي اليوم.