23 نوفمبر، 2024 6:00 ص
Search
Close this search box.

هيهات منا الذلة

ثورة الحسين (ع) لم تُعلم العراقيين سوى العاطفة الجياشة , فهم تعاطفوا مع الحسين من خلال الواقعة المؤلمة التي اصابته واصابة ال بيته واصحابه من الناحية الدموية و بطريقة القتل الهمجية  , قطع الايادي وقطع الرؤوس ,  لاننا شهدنا مقتل الامام علي والامام الحسن ( عليهما السلام ) وكلاهما ماتا مقتولين , ولكن التعاطف مع استشهاد الحسين الامر يختلف   
لقد اخذوا القشرة وتركوا اللب ولانهم ميالون للحزن اكثر من الفرح  , اذ انهم حتى في اغانيهم وافراحهم لايستغنون عن الغناء الحزين , هذه سمة العراقيين , فهم دائما يعاتبون الاخ والصديق والحبيب حتى لو كانوا في اعلى درجات النشوة والفرح وحتى لو كان  ليس لديهم مشكلة مع احد لكنهم يخلقون في اذهانهم  الشخص الغدار والخائن والناكث للعهد , هكذا هم يعشقون الحزن ,  قد يقول البعض انهم يتخيلون الحزن لكي يتمسكوا اكثر بالفرح , انها فلسفة خاصة بنا نحن العرب عامة والعراقيين خاصة

ثورة الحسين (ع) كتب عنها الكثير من  قبل المفكرين والمناضلين من كافة ارجاء العالم , وكلهم تمنوا لو كان الحسين يهوديا او ميسيحيا او حتى هندوسيا  ,  انهم يتمنون ان ينتمي اليهم هكذا بطل وهكذا قائد وهكذا  شخصية لها منزلة كبيرة  من النبي  محمد (ص)  حبيب الله ليس له منافس عند الخالق قال النبي محمد (ص) (حسيناً مني وانا من حسينا ), فهو حبيب النبي وهكذا يكون الحسين حبيب الله , وهذه وحدها مفخرة للامة , اياً كان انتمائها الديني 

قال المفكر المسيحي انطوان بارا: “لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين”
     قال مهاتما غاندي : لقد عرفت الاسلام من شخصية الحسين وتعلمت منه كيف اكون مظلوما فأنتصر, ومن خلال شخصية الحسين تمنيت ان اكون صديقا صدوقا للمسلمين

العراقيون لم يفهموا  الغاية من تضحية الحسين (ع), ولو كانوا فهموها لما كانوا عبيد للخليفة والسلطان والقائد والمختار , ولو كانوا تعلموا الدرس لما كانوا غير مبالين وسلبين في التغيير نحو حياة افضل ,  لما قنعوا بحالهم البائس  الذي يعيشوه الان , ولو كانوا فهموه لما تركوا السراق والفاسدين يسرحون ويمرحون بثروات البلد  , ولو كانوا فهموا المعنى الحقيقي للشهادة لما ناموا وهم اذلاء وجوعى ولو فقهوا الدرس لما ذهبوا مشيا  الى مرقد الامام وانما كان يجب ان يذهبوا الى ساحة التحرير والفردوس للمطالبة بالتغيير لأن الحسين عليه السلام اسس الطريق نحو الحرية والشهادة   انه ضحى بحياته وحياة اهله واصحابه من اجل قول كلمة الحق ومن اجل ان يستقيم دين جده  ولم يخط الطريق نحو زيارة القبور والنحيب ولطم الصدور وضرب الرؤوس بالقامات وطبخ القيمة والرز وتعطيل الحياة , لم يضحي من اجل ان يستفاد اهل المواكب , لم يضحي من اجل يكون باب رزق   للروزخوني , ولا من اجل الرادود لكي  يطبع الكاسيتات والسيديات ليصبح ثرياً
    
على العراقيين ان يُسًبحوا بشهادة الحسين (ع) في كل لحظة , يسبح لله مافي السموات والارض , اي ان كل الخلائق تعمل بموجب قوانين الخالق ,  المقصود بالتسبيح هنا  العبادة , والعبادة هي العمل  , اي اننا يجب ان نعمل بموجب القانون الذي وضعه الحسين في اعلاء كلمة الحق وان نقول للباطل انك باطل حتى لو قطع اعناقنا

   هيهات منا الذلة , العراقيون لم يفهموا معناها ولو عرفوا معناها لكان حالهم غير الحال 

أحدث المقالات

أحدث المقالات