23 ديسمبر، 2024 3:43 م

العراق لا يتقدم في ظل دولة قومية او دينية

العراق لا يتقدم في ظل دولة قومية او دينية

بعد كل هذه وتلك التجارب التي مر فيها العراق ، وبعد النتائج الخارقة للطبيعة الماثلة امام كل عراقي ، نتيجة حكم من تقوقع وراء الفكرة والعقيدة القومية ، او من جاهر زلفة بالتمسك بالدين ، وحب تعاليمه ، بعد كل هذه المرارة التي تجرعها العراقيون ، صار لزاما عليهم التفكير مليا بماهية مستقبلهم ، بما يجب ان تكون عليه دولتهم لتتساوى فنيا ومنطقيا مع مفهوم الدولة الحقيقي ، مفهوم الدولة العصرية ، التي تتجاوز الفكر وايديولوجية التفوق ،وتجاوز الغير ، بمعنى الدولة المغلقة لهذه القومية او تلك ، او حتى التغلف بالانتماء الى العنصر النقي ، كما وان العصر بمخرجاته التقنية ومظاهر التطور الحضاري لم يعد هذا العصر مناسبا لتفوق او تصدر اشخاص للمشاهد العامة او التصدي لبناء دولة على اساس الدين ، ذلك ان الدين لله وحده والاوطان لجميع الناس ، ومنذ ان تبلور الفكر البروستانتي ، وظهور الدول القومية ، ظل العالم يخوض الحروب اما بسبب التعنصر او بسبب التدين الذي لا يعترف باديان الغير او ينكر عليها توجهاتها ، لا بل ان الاديان كانت وراء انقسامات مذهبية طالت اوربا منها كل الحروب واخرها حرب الشين فين في ايرلندا ، او حروب الشرق الاوسط القائمة الان ، ان عدم الاعتراف بالاسباب لكل معضلة تبقي المعضلة قائمة بل وتضيف عليها عوامل الاستمرار والتقييح مسببة التهابات متكررة تكون نتائجا وبال اثر وبال .
لو تركنا جانبا الخلافات العميقة بين الارتذوكس والبروتستانت والكاثوليك ، وما نتج عنها من سبتيين واحديين ، وتفحصنا دور تفسيرات القسسة ورجال الدين لوجدنا ان الخلافات ليست الهية ، انما هي خلافات البشر ، لان مصدر الدين واحد ومصادر المذاهب متعددة ، وكذا ينسحب الحال على المسلمين ، القران الكريم واحد ، والمذاهب بشرية ، خلافات انسحبت لتولد فروعا ابعدت كثيرا عن الاصول مولدة دولا تدافع وتقاتل من اجل المختلف عليه لا من اجل الدين الحنيف ، الدين الحنيف فصلت اياته بيينات لا لبس فيها ولكن التفاسير جاء بلبس تلو الاخر . عليه فان الخروج من هذه العتمة تتطلب التمسك بالدولة المدنية ، التي تؤمن بكل الاديان ولكن وفق اصولها ، وتمنح الحرية كاملة لتمارس شعائر كل فروعها ، ووفق قوانين مدنية تعترف بالكل لصالح الكل ، واذا كنا واقعيين في العراق ، ولا يزعل القومي علينا كرديا كان ام عربيا او من كان تركمانيا او سريانيا ، كما لا نود من قادة احزابنا الدينية الا ان يدركوا ان كل مصائب العراق كمنت في محاولة فرض هذه القومية او ذلك المذهب منذ ولادة هذه الدولة عام 1921، والحل بتجرد يكمن في كتابة دستور يؤمن بالقومية ولا يطلقها ويؤمن بالدين ولا يفسره . انما يكرس المدنية ويعممها ، وان تكون الصفة الانسانية هي الغالبة والصفة الخاصة هي المتنحية …