· يجب ان تترسب في وجدان الفرد لكنها.. مع الاسف طافقة على سطح المجتمع لذا “من هانه عياله هانه جيرانه”
يأتي شرطي عجوز، الى أي حي سكني شعبي، حاملا أمر القاء قبض، على مجرم عتي، وليس معه من السلاح، سوى “صوندة” نايلون.
ويستجيب له المجرم، منقادا لهيبة الدولة، المتمثلة بشرطي يستطيع سحقه بأصبع من كفه.. وهذا هو مفتاح الحل السحري، لمشاكلنا التي أستعصت منذ 2003 للآن.. هيبة الدولة، فقدت، وما عاد المفسدون والقتلة والارهابيون يحسبون للقانون حسابا، ماداموا ورثوا خروقات جزئية، من عهد الطاغية المقبور صدام حسين، توسعت متحولة الى نوافذ كلية، تبقر بطن الدستور.
تعزز هذا الاحساس لديهم، وتحول الى شعور داخلي يبسط حقيقته المكتسبة، على الدوائر الرسمية والتشكيلات الاجتماعية والممارسات الحكومية والاجراءات الأدارية؛ عندما أكدته كتلهم السياسية وطوائفهم الدينية وقومياتهم العرقية.
انثلامات
لذا فقدت الدولة جزءا من هيبتها، إبان حروب النظام السابق، والعقوبات الدولية.. الحصار، الذي جره على الشعب، بحماقات تخبطه، غزوا لدولة الكويت الشقيقة، فجاءت سلطات ما بعد سقوطه، لتجهز على المتبقي من هيبة الدولة العراقية، بنظر ابنائها، اولا.. وبنظر المحيط الاقليمي ثانيا.
ما يشكل انثلامات اقتصادية، تبنى على الانهيار الاجتماعي، مؤدية الى إنفضاض الاستثمارات الاجنبية، من حول العراق، مستغنية عن غزارة ثرواته الطبيعية.
التلويح بالقوة
هيبة الدولة، غالبا ما تغنيها عن التنكيل الفعلي بأبنائها، فالتلويح بالقوة، ابلغ نفاذا في الانجاز، من استخدامها الذي يدل على عجز منطقي عن الحوار، المؤدي الى تفاهمات ناجزة.
وهنا يخشى المواطن، قوة القانون؛ فيلتزمه، أما “الامام الما يشور؛ فيسمونه ابو الخرك” فلا أمر لمن لا يطاع، قالت حكمة الامام علي.. عليه السلام، وتقول التجربة الواقعية: “قل لها: كش بدلا من كسر رجلها”.
حث المواطن على إحترم القانون، أفضل من إخافته، لكن في الحالتين.. الاحترام او الخوف، يجب ان تظل الدولة ذات كيان مهاب؛ كي لا تضطر الحكومة الى سحق الشعب؛ حين ينفلت زمام الامور من يدها.. ويجب الا تسمح بالانفلات، الذي.. لو حصل؛ فيجب ان تدع الكي، آخر مرحلة في العلاج، ولا تلجأ للقوة، الا إذا تسلل الى إرادة المواطن العراقي، دس غريب، يحيل أعتراضه الوطني على أداء الحكومة، الى جاسوسية، تتسقط أخبار الدولة، لصالح مناوئيها.
آليات الحث
أبرز وأهم مقومات دفع المواطن، للأيمان بدستور وطنه، وتقدسيه، إلتزاما إجرائيا، بتطبيقه، هو الشعور بالانصاف والعدالة، يعني يطبق على ابن الأمير قبل ابن الفقير، ونابع من رؤية عقلية عايشت معاناة المواطن وتفهمتها؛ فوضعت دستورا يخفف أعباءه؛ لذا يلتزمته ويتخذ من كرامة الدولة، إمتدادا لكرامته الشخصية، التي لا يسمح بأهانتها لا في السر ولا في العلن.
علموا المواطن هيبة الدولة وأنشئوه صغيرا على التكامل مع ابناء بلده؛ تكافلا في السراء والضراء، كل من موقعه.. الحكومة على دفة القرار، والمواطن تحت سطوته، كلاهما يشتركان بنوع من تفاهم، يرتقي بمنظومة العمل الوطني، لما فيه سلاسة الادارة السياسية للبلد، ورفاه الشعب مطمئنا وادعا، لا يتوجس خيفة، من داهية تتربص به، خلف الحدود، انما يتعايش مع محيطه الانساني بسلام.
فالارهاب والفساد الاداري، وجفاء ذوي القربى، من دول عربية وغير عربية، تحاددنا على الخريطة، وانهيار الزراعة والصناعة ودمار معنويات المواطن، كلها مرهونة بهيبة الدولة، التي يجب ان تترسب في وجدان الفرد، لكنها.. مع الاسف طافقة على سطح المجتمع؛ لذا “من هانه عياله هانه جيرانه”.