23 ديسمبر، 2024 5:35 ص

هيئة علماء المؤتمرات البعثية

هيئة علماء المؤتمرات البعثية

بعد سقوط نظام البعث في العراق ودخول قوات الاحتلال الامريكي اليه بدأت الاحزاب والحركات تعلن عن نفسها في ظل الانفتاح السياسي الذي ظهر بعد زوال حكم دام اكثر من ثلاث عقود، والكل يعرف ان البلد قد مرت عليه فترة صعبة من الحكم الفردي والاستبدادي ادى الى غياب المؤسسات والتعددية الحزبية لذا قد تفاجئ العراقيون وبكافة طوائفهم بكمية من الاحزاب والحركات والجماعات التي ظهرت بصورة سريعة وعلنية.

 

الشيعة بدأت مرجعياتهم واحزابهم بتنظيم نفسها ضم تكتلات بحرفية وتنظيم عالي بحكم الدعم اللامحدود الذي تتلقاه هذه الاحزاب من الخارج، فضلا عن وجود مرجعية دينية عقائدية تنظم عمل هذه الاحزاب وتوجهها، اما السنة فكانت رؤيتهم للأمور ضبابية وغير واضحة (قادة وجمهور) بحكم غياب المرجعية السياسية والدينية.

 

في ظل كل هذه المتغيرات كان لا بد من ايجاد مرجعية دينية للسنة لأعطاء الجماهير دعما معنويا بعد انهيار البلد.

 

بعد مداولات ومشاورات بين علماء السنة من سياسيين ودينين تم تأسيس ما عرف ب(هيئة علماء المسلمين في العراق) بتاريخ 14 نيسان 2003 والتي كان من المعول عليها سد الفراغ السياسي والفجوة الكبيرة التي حصلت بعد سقوط نظام البعث وايجاد بدائل عملية للتعامل مع ظروف الاحتلال فضلا عن حلول اخرى لمواجهة التحديات التي تواجه العراقيين بصورة عامة والسنة بصورة خاصة.

 

تم التأسيس لهذه المرجعية وكان من مؤسسيها كلا من (حارث الضاري واحمد حسن الطه ومحسن عبد الحميد وعبد الستار عبد الجبار ومحمد عبيد الكبيسي…) فضلا عن الكثير من المشايخ والقيادات السنية المهمة.

 

كان محور اهتمام الهيئة ينحصر في محورين:

 

الاول: الاهتمام بالقضايا الراهنة التي يعيشها البلد تحت وطأة الاحتلال وثقله، والتعاون مع الاطراف المعنية التي يمكن من خلالها معالجة الاوضاع.

 

وثانيها: الاهتمام بالبناء الداخلي للمسلمين “السنة” ليستعيدوا نشاطهم الحيوي.

 

بعد ذلك التأسيس استبشر السنة خيرا لظهور ممثل شرعي لهم ليسهم بقيادة الجماهير وتحصيل ما يمكن تحصيله من مكاسب تعود بالإيجاب على سنة العراق.

 

لكن لم يحدث اي مما كان يحلم به السنة وبعد مدة ليست بالطويلة بدأت هيئة علماء المسلمين تأخذ منحا غير الذي وجدت من اجله وبدأت بطروحاتها اللاعقلانية فضلا عن تقاربها الواضح من بعض اركان البعث ومحاولتها فرض حلول غير منطقية على المشهد العراقي المتوتر.

 

الكل تفاجئ بأدائها البائس والذي احزن الجماهير السنية واربك ادائها ولم تمضي فترة طويلة حتى بدا العشرات من مؤسسي الهيئة بالخروج منها ولم يبقى سوى ثلة قليلة من المنتفعين.

 

وبنظرة سريعة لمعرفة اداء الهيئة منذ تأسيسها الى يومنا هذا نخرج بنتيجة مفادها ان الهيئة لم تحقق شيء للسنة في العراق سوى بضع مؤتمرات بائسة وبيانات وادانات لن تخرج للواقع بشي يذكر فضلا عن هروب اغلب قيادات الهيئة الى الخارج وادارة عملها من هناك والمساهمة بتشويش افكار السنة وبث الارباك في صفوفهم.

 

هذا ما استطاعة هيئة علماء السنة كما يسميها (الاعلام الشيعي) تحقيقه بعد ثلاثة عشر عاما من العمل.

 

اذا فعمل الهيئة هو الادانات والمؤتمرات والاستنكارات فقط، وهذا ما حدث  يوم امس يؤكد ذلك ففي خطوة “مباركة” تضاف الى خطوات الهيئة سيئة الصيت عقدت مؤتمر موسع كما ادعت في عمان برعاية وتمويل قطري حضره اعوان البعث الهاربين من العراق.

 

والمضحك في امر هذا المؤتمر او المبادرة كما سموها هو عنوانها (العراق الجامع: الحل المناسب لإنقاذ العراق). اين العراق الجامع والبلد يعيش حالة من التمزق والتشظي وانتشار الطائفية وضياع حقوق المواطنة وتحكم الطائفية وتغلغلها في اغلب النفوس، فمن اين للهيئة هذه القدرة العجيبة والسحر الذي سيجمع العراقيين تحت سقف واحد والذي فشلت كل المحاولات في ان تصل الى حلول بسيطة فضلا عن ان تجمع (الكل) كما تدعي لهيئة.

 

حضر هذا المؤتمر عدد من قيادي الهيئة وهم كل من (مثنى حارث الضاري الامين العام وجمال وهاب خميس الضاري وعبد الحميد العاني و محمد بشار الفيضي) فضلا حضور ممثلي عن جناح عزة الدوري في حزب البعث وهم (عبد الصمد الغريري والعميد الركن نجم عبد الله زهوان والفريق عبد الجواد ذنون) وممثلين عن عشائر عراقية وهم (احمد البديوي وعبد الكريم هادي) وشخصيات مستقلة منها جمال الضاري وعبد الوهاب القصاب  اضافة الى شخصيات اخرى.

 

ما يلاحظ على هذا المؤتمر التالي:

1.  اغلب الجهات التي حضرت المؤتمر عدا جهات البعث هي جهات تابعة للهيئة وتتقاضى راتبا شهريا منها وكان الاجدر بالهيئة وهي الراعي الرسمي للمبادرة ان تسعى الى حضور طيف اوسع من ممثلي الشعب العراقي لو كانوا جادين في مبادرتهم..!! لكن الامر لم يعد سوى اهدار للمال والوقت دون فائدة.

2.  حضور البعث كان بصفقة عقدت في قطر وقد كان هناك اعتراضات واسعة من قبل التيارات الوطنية النزيهة على حضورهم.

وهنا يتبادر للذهن سؤال ما المصلحة من حضور تيارات البعث في مؤتمر يخص العراق كما يدعون ثم الم يكن حزب البعث هو من اوصل البلد الى ما نحن عليه فضلا ان مبادئ حزب البعث وافكاره تتقاطع مع مبادئ الهيئة وهي جهة شرعية …

كيف تم الامر .!!  لكم حرية الاجابة.

3.  حضور الفريق “صباح” وهو شخصية منبوذة من اغلب ضباط الجيش وقد طرد من تنظيم القيادة العامة والمجلس العسكري منذ فترة، اضافة الى انه شخصية شيعية لاهثة وراء المنصب والمال وله ارتباطات غير معلنة مع عزة الدورة.

4.  المؤتمر بجملته لا قيمة له والمراد منه تقسيم السنة، وهذا ما يشهد به التاريخ لهيئة علماء المسلمين فلم تفيد السنة باي شيء بل كانت وبالا عليهم منذ تأسيسها والى اليوم، وهي من تسبب للسنة بخسائر كارثية نتيجة لفتاويها بمقاطه الانتخابات ورفض العملية السياسية والتشبث بوحدة العراق على حساب ابادة السنة وتهجيرهم، ولم يرى سنة العراق من دعاة الوطنية كالهيئة وغيرهم سوى الدمار وضياع الحقوق.

5.  رفض كل الفصائل والقوى الاخرى الحضور للمؤتمر الذي سيجير بالكامل لأجندة حزبية متشددة تديرها قطر. والتي لم يجني سنة العراق من وراء هذه المؤتمرات الى مزيدا من الخراب والدمار.

6.  على كل من يتصدى للعمل الوطني او الاسلامي الشريف ان يقف امام هذا المؤتمر ويفضحه ويعريه للراي العام، وان لا يقبل السكون عن من مقتهم الشعب ورفضهم.

 

في الختام ارى بان مؤتمر الهيئة المنعقد في عمان فشل قبل ان يبدا نتيجة لغياب الحركات والاحزاب والعشائر السنية الفعالة فضلا عن حضور ممثلي حزب البعث، اضافة الى غياب اعلامي شبه كامل لوسائل الاعلام.

 

ان الخطاب البالي لمنظم المبادرة “مثنى الضاري” وتكراره لنفس الخطاب السابق الذي عودتنا عليه الهيئة الذي لا يسمن ولا يغني من جوع هو اعتراف واضح وصريح على ان لا جديد للهيئة لكي تقدمه لجمهورها فضلا عن (الشعب العراقي والعراق الجامع) كما يدعون.

 

على الهيئة ان تعود الى رشدها  لان اقل ما يمكن ان يقال عنهم انهم مجانين يغردون ليس خارج السرب فقط بل وفي ارض غير الارض التي نعيش عليها.

 

باختصار شديد هيئة علماء المسلين لا تمثل السنة لا من بعيد ولا من قريب وهم مجموعة نفعية لا اقل و اكثر.