على الرغم من أن الوضع في سوريا تحت قيادة ( هيئةتحرير الشام) بزعامة أحمد الشرع لازال يكتنفه الكثير من الغموض حيث من الصعب معرفة ماهية هذه الهيئة الأسلامية المنشقة من تنظيمات داعش والنصرة! وما هي توجهاتها وكيف ستتعامل مع الشعب؟ ، ولكن الكل يجمع بأنها ومنذ مباشرتها بأدارة شؤون سوريا بعد هروب بشار الأسد ، لم يصدر من زعيمها ( أحمد الشرع) ، أيةتصريحات مستفزة ومقلقة سواء للداخل السوري أو للمحيط الأقليمي أو الدولي! ، بل الكل يجمع على الرضا والقبول على كل تصريحاته وأحاديثه وأجاباته على الأسئلة التي طرحت عليه ، وخاصة عند لقائه مع ممثل الاتحاد الأوربي الذي أبدى أرتياحا واضحا من اللقاء . وهنا لابد من الأشارة والتأكيد بأن (هيئة تحرير الشام) تحظى بدعم ومساندة تركيا ماليا وعسكريا ولوجستيا ليس الآن ، بل منذ أن كانت في مدينة (أدلب) وبداية أحداث الأنتفاضةالجماهيرية السورية عام 2011 ، حيث كانت تشكل قوة تركيا ووجودها في سوريا ، التي كانت تتجاذبها تدخلات لأطراف خارجية كثيرة (أمريكا ، روسيا ، تركيا ، أيران ، أسرائيل) . الملفت للأنتباه أن هذا التنظيم الأسلامي ( هيئة تحرير الشام) ، عكس صورة أخرى غير تلك الصورة الراسخة في أذهان الناس عن التنظيمات الأسلامية من أنها تمثل الأرهاب!! ، فقد بدى على هذا التنظيم وزعيمه وأتباعه ، العقلانية وحسن التصرف والألتزام والمركزية ، وعدم وجود أية نزعة للأنتقام! ، وأن حدثت بعض التصرفات والأعمال الفردية الأنتقامية لبعض من رجالات النظام السابق مثل ألقاء القبض على مدير سجن (صيدنايا) ، فهذا أمر طبيعي يحدث عند سقوط نظام فاشي أذاق هو ورجالاته الشعب مرارة العيش والخوف والرعب! ، وبالتالي هي لا تعكس التوجهات الحقيقية لسياسة (هيئة تحرير الشام) وزعيمها أحمد الشرع ، التيأتخذت من شعار (العفو لمن يستحق ، وأذهبوا فأنتم الطلقاء) عنوان ورسالة سلام وطمأنينة ليس للشعب السوري وخاصة البعثيين منهم! الذين أجبروا للأنتماءلحزب البعث العربي الأشتراكي السوري! من أجل رغيف الخبز ، بل كانت الرسالة للعالم أجمع . نعود الى موضوع أردوغان وحزبه ( العدالة والتنمية) الذي يمثل الأسلامالمعتدل والوسطي ، وفي الحقيقة أن هذا هو جوهر الأسلامالحقيقي حيث ( لا أكراه في الدين) ، ولكنه رغم أسلاميةحزبه ألاّ أن أردوغان كان حريصا أشد الحرص على المحافظة على هوية تركيا العلمانية! التي أسسها (مصطفى كمال أتاتورك) . أرى ومن وجهة نظري أن الزعيم التركي أردوغان كأنه يريد أن يستنسخ تجربة حزب(العدالة والتنمية) التركي في الحكم في سوريا بصورة ( هيئة تحرير الشام)!! ، كما وأرى أن سوريا مهيأة أكثرلنجاح هذه التجربة الأسلامية! ، حيث أن الأقليات الموجودة في سورية قليلة جدا ، لو قورنت بالأقليات الموجودة في تركيا ، ولا في دول الجوار حتى ، حيث أن 85% من الشعب السوري هم من السنة!! ، أما الأقليات الأخرى مثل العلويين والدرزيين والأكراد فهم قليلين جدا بالنسبة لهم! ، كما أن موضوع سياسة الأعتدال التي يتبناها (حزب التنمية والعدالة) طوال فترة حكم زعيمها اردوغان كسبتههو وحسبه الكثير من الرضا والقبول من قبل المحيط الدولي والأقليمي ، حيث أنه عكس صورة الأسلام الحقيقي غير المتطرف وغير المتشدد ، فلم نسمع على سبيل المثال ، أن أردوغان قد منع شرب الخمور وغلق البارات وفرض الحجاب ومنع الأختلاط بين الجنسين وما الى ذلك ، بل أنه منح الحرية للجميع ولكن ضمن القانون والدستور ويكفي أردوغان اعتدالا ، أنه يضع صورة (كمال أتاتورك) مؤسس تركيا الحديثة في كل مكاتبه الرئاسية! ، كما أن أردوغان لم ولن يفكر في شدخ العلمانية ولو بشخط بسيط !! ، ولا شك بأن هذا هو سر نجاح حكومة اردوغان وحزبه أمام العالم أجمع . لذا أرى ومن وجهة نظري ان قادم الأيام الذي سوف لن يكون بعيدا!! ، سيكشف لنا بأن (هيئة تحرير الشام )هي الأخرى ستحرص أن تكون نسخة أخرى جميلة ومشذبة من (حزب العدالة والتنمية) التركي ، الذي يمثل الأسلام المعتدل والذي يحظى برضا وقبول العالم أجمع ،حيث أن العالم يرفض أي فكر أسلامي متطرف أن كان سنيا وشيعيا! ، وهذا ما يتمناه الجميع.