22 ديسمبر، 2024 8:24 م

هيئة النزاهة … وصلاحية رئيسها حفظ الإخبارات ؟!

هيئة النزاهة … وصلاحية رئيسها حفظ الإخبارات ؟!

القسم الثاني
نعرف جيدا كثرة الضغوطات التي يتعرض لها العاملون في هيئة النزاهة ، وما تشكله من عقبات ثقيلة تعترض سير تطبيق إجراءات النزاهة بعدالة وإستقامة ، ولعل في حجم الفساد الإداري والمالي في المجالات كافة ما يغني عن الكثير من الوصف ، وقد يكون في توثيق الملفات الخاصة بذلك ، وإطلاع الشعب العراقي المنكوب ببعض تصرفات أبنائه من السراق والمختلسين للمال العام ومحاسبتهم ، ما يهون عليهم ألم ومرارة ما لم ولن يتوقعوا حدوث بعضه ، لولا مباركة وتشجيع سلطة الإحتلال ومن معها من قوى إئتلافه المؤقت ، ممن إعتاد على سلوك طريق السلب والنهب والسرقة والإختلاس وأكل السحت الحرام المنظم لثروات البلاد والعباد قبل الإحتلال وبعده . ولكننا نستغرب أن تكون للهيئة وسائل التقدم العلمي وأجهزة وآلات التحري والتحقيق وجمع الأدلة ، مع إمكانية رئيسها من توفير مستلزمات ومتطلبات إستخدامها في ميدان الكشف عن جرائم الفساد أو منعها أو ملاحقة مرتكبيها حسب نص المادة (12) من القانون . ثم تقرر المادة (13/أولا) على أن ( للهيئة بقرار من رئيسها حفظ الإخبارات ، دون عرضها على قاضي التحقيق المختص ، إذا وجدها لا تتضمن جريمة ما ، أو إذا ثبت لديه بالتحريات والتحقيقات الأولية عدم صحة الإخبار أو كذبه ) . مع إن النص المذكور يشكل ثغرة لنفوذ عناصر الضغط السياسي والعلاقات الشخصية على السلطة التقديرية لرئيس الهيئة ، وتأثيرها على إمكانية حفظ الإخبارات وغلق موضوع التحقيق من قبله ، ومن ثم ضياع فرصة الكشف عن قضية الفساد التي يجدها لا تتضمن جريمة ما أو عدم صحة الإخبار أو كذبه ، بدليل أن عدم صحة الإخبار أو كذبه لم تواجه بما يستحقه من العقاب المانع للإخبار قبل التأكد من صحته بالدليل الرسمي ، كما إن نص البند (ثانيا) على أن ( لقاضي التحقيق طلب أي إخبار حُفظ وفقا لأحكام البند (أولا) من هذه المادة ، وإتخاذ ما يراه مناسبا بشأنه وفقا لأحكام القانون ) . لا يشكل خط الحماية المانع من الخرق بشكل تام ، مما يتوجب أن يكون قرار رئيس الهيئة بالحفظ ، مقترن بمشاركة قاضي التحقيق إبتداءا .

*- كما نصت المادة (15/ثانيا) من القانون ، على أن ( تضمن الهيئة خلال قيامها بواجبها التحقيقي ، أن لا تتدخل في عمل الوزارات والمؤسسات الرسمية ، وأن تحترم صلاحيات وإختصاصات قياداتها وموظفيها القانونية ، وان يقوم محققوها بالإجراءات التحقيقية بصورة منفصلة وغير مؤثرة سلبا على أعمال وإختصاصات وصلاحيات الفنيين والمعنيين ) . ولا أعتقد أن مقتضيات وموجبات التحقيق في قضية تستوجب كل تلك المجاملات ، ما دام العمل منصبا وقائما على ما نص عليه البند (أولا) من الإلتزام والتعاون لتمكين المكلفين بالتحري والتحقيق بقضية فساد .

*- وكما هو معلوم ، فإن هيئة النزاهة من دوائر الإمتيازات الخاصة في الدولة ، حيث نصت المادة (22) من القانون ، على أن يمنح العاملون فيها المخصصات الآتية :-

أولا- مخصصات رقابة لا تتجاوز نسبتها (50%) من الراتب أو الأجر .

_ قد يكون السؤال منطقيا عن أي عمل يؤديه موظف النزاهة ليتقاضى راتبه أو أجره الشهري ؟!، ليستحق إضافة إليه نصفه تحت مسمى مخصصات رقابة ؟!.

ثانيا- مخصصات منع مزاولة مهنة خارج أوقات الدوام الرسمي ، لا تتجاوز نسبتها (50%) مـن الراتب أو الأجر .

_ مزاولة المهنة خارج أوقات الدوام الرسمي ، تحددها الضوابط المنصوص عليها في قانون إنضباط موظفي الدولة ، ولا يمكن للمخصصات من أن تمنع الموظف من مزاولة أي عمل خارج أوقات الدوام الرسمي ، سيما وأن أعمال القطاع الخاص تختلف عن ممارسة أعمال النزاهة الوظيفية . وبذلك لا نرى موجبا لمنح تلك المخصصات .

ثالثا- مخصصات نقل ومهام خاصة لا تتجاوز نسبة أيا منها (30%) من الراتب أو الأجر .

رابعا – تمنح المخصصات المنصوص عليها في هذا القانون لموظف الهيئة إضافة إلى المخصصات الممنوحة بموجب التشريعات النافذة .

– تبلغ المخصصات الممنوحة بموجب هذا القانون بما لا يزيد على (160%) من الراتب أو الأجر ، ولكن مجموعها مع المخصصات الممنوحة بموجب التشريعات النافذة ، لا يقيد بالحد الأعلى المنصوص عليه في قانون الرواتب رقم (22) لسنة 2008 مثلا ؟!. مما يتوجب تحديدها بالحد الأعلى المسموح به أسوة بباقي موظفي الدولة والقطاع العام .

*- كما نصت المادة (23) منه ، على أن ( لرئيس الهيئة منح قدم لا يتجاوز ستة أشهر لموظف الهيئة في كل درجة ، لأغراض العلاوة والترفيع لمن يتميز بكفاءة عالية أو يبذل جهودا إستثنائية ) . وهي من الصلاحيات والإمتيازات التي لم تمنح لغير الهيئة ومنتسبيها ؟!، إضافة إلى ما نصت عليه :-

المادة-24- لرئيس الهيئة أن يصرف – سنويا – رواتب الإجازات الإعتيادية المتراكمة لموظفيها ، الذين تتراكم إجازاتهم لمدة تزيد عن (180) عما زاد عن تلك المدة .

_ وتلك مما هو معمول به لموظفي ديوان الرقابة المالية ، في حين يحتسب ما يزيد على (180) يوما لغرض التقاعد لموظفي وزارات ودوائر الدولة الأخرى ؟!.

المادة -25- أولا- تصرف مكأفاة نهاية الخدمة لموظف الهيئة الذي يحال إلى التقاعد ممن يستحق الراتب التقاعدي ، شريطة أن لا يكون قد أحيل إلى التقاعد بناءا على طلبه قبل بلوغه السن القانوني أو لأسباب صحية وفق ما يأتي :-

أ- مكافئة تعادل رواتب ومخصصات الشهر الأخير لمدة ستة أشهر ، إذا كانت خدمته التقاعدية لا تقل عـن (25) سنة .

– تلك من الإمتيازات الخاصة بموظفي النزاهة التي لم يحصل عليها موظفو الوزارات والدوائر الأخرى ؟!. ونرى أن يشمل بها موظفوا دوائر الدولة بدون إستثناء أو إلغائها .

ب- مكافئة تعادل راتب ومخصصات الشهر الأخير لمدة (12) شهرا إذا إحيل على التقاعد لإكماله السن القانونية ، أو إذا كانت خدمته التقاعدية لا تقل عن ( 30 ) سنة .

ثانيا : تصرف المكأفاة المنصوص عليها في البند ( أولا / ب ) من هذه المادة لورثة موظف الهيئة المتوفى أثناء الخدمة ، وتوزع عليهم حسب نسب إستحقاقهم بموجب قسامه الشرعي .

*- مع العلم أن النظام الداخلي لشكيلات الهيأة قد صدر بالرقم (1) لسنة 2018 ، وقد بلغ عدد موظفي الهيأة على الملاك الدائم (٢٣٢٦) موظفا ، حسب ما ورد بالتقرير نصف السنوي للمدة من 1/1/2018 ولغاية 30/6/2018 ، المنشور في موقع الهيأة الألكتروني . المتضمن أيضا نشاطات الهيأة وإنجازاتها في تنفيذ مهامها وواجباتها للمدة المذكورة .

*- لقد نصت المادة (26) من القانون ، على أن ( يقدم رئيس الهيئة تقريرا سنويا إلى مجلس النواب ومجلس الوزراء خلال (120) يوما من تأريخ إنتهاء السنة ، يتضمن ملخصا حول نشاطات الهيئة وإنجازاتها في الميدان التحقيقي ، وفي ميدان تنمية ثقافة النزاهة والشفافية ، والخضوع للمساءلة وأخلاقيات الخدمة العامة ، وفي ميدان ملاحقة الكسب غير المشروع ، وتتيحه لوسائل الإعلام والجمهور ) . ، كما نصت المادة (27) منه ، على أن ( تخضع الهيئة لرقابة وتدقيق ديوان الرقابة المالية ، الذي يرفع تقاريره بشأنها إلى مجلس النواب ، ويعلنها إلى وسائل الإعلام والجمهور ) . ولكن بغير الصيغة المتعالية والمتمردة التي عرض بموجبها رئيس هيئة النزاهة وكالة ( د . حسن الياسري ) ، عند حضوره جلسة مجلس النواب المنعقدة في بداية السنة 2017 ، للإجابة على السؤال الشفهي ، بإعتباره أحد الممارسات الرقابية الواردة في النظام الداخلي للمجلس ، من أجل الإستفهام عما أنجز من الملفات التي مضى على إحالتها إلى الهيئة قبل أكثر من سنة ، ولم يبت فيها حسب قول السائلة النائب حنان الفتلاوي .

*- كما كان لنا شخصيا عدة طلبات لغرض التحقق من عدم نزاهة إجراءات وزارة التربية في منح إجازة وتجديد فتح المدارس الأهلية ، مع عدم تطبيقها للتشريعات التربوية اللازمة لذلك ، حيث وجه أحد طلباتنا المؤرخ في 18/3/2017 إلى الهيئة ، والمرسل عن طريق البريد الألكتروني بتأريخ 24/3/2017 ، المتضمن طلبنا الموجه إلى مشروح حكومة المواطن الألكترونية بشأن الموضوع ، والمسجل لدى المشروع برقم الطلب (201769NR3194126) ، مع بعض الوثائق اللازمة والمعطاة نسخة منها إلى الهيئة الموقرة ، كما كانت لي مكالمة هاتفية مع الهيئة على الرقم (154) في نهاية شهر تشرين الأول 2017 ، إستجابة لرسالة الهيأة الموجهة عبر الهاتف في 26/10/2017 ، دون أن أبلغ بأي نتيجة تذكر لحد الآن ؟!. وأعتقد بعد إطلاعي على مضمون القانون ، أن الإخبار قد حفظ حسب أحكام المادة (13/أولا) ، قبل التحقق من كيفية منح الإجازة أو تجديدها ، والبناية المستخدمة غير مستوفية لشروط البناية المدرسية المحددة والمطلوبة في المادة (24) من تعليمات فتح المدارس الأهلية رقم (1) لسنة 2014 ؟!. فهل من مستجيب وقد بلغ الفساد الإداري والمالي والتربوي ما لا يجوز السكوت عنه ، خاصة في مجال محاربة التعليم في المدارس الحكومية ، مدارس الفقراء ومجانية التعليم ؟!. مشيرا إلى عطف النظر لما يتعلق بنظام التعليم الأهلي والأجنبي رقم (5) لسنة 2013 ، الذي أوضحنا تفاصيله في أربع مقالات منشورة بعنوان ( مدارس التعليم الأهلي … رأس مال غير تربوي ) للفترة من 27/4/2018 ولغاية 3/5/2018 في صحيفة كتابات الغراء .