مع الترقب الجماهيري العالمي الكبير للحدث الرياضي اليوم للقاء ناديي برشلونة وريال مدريد ضمن الدوري الاسباني ونتيجته المهمة لكليهما ، تنشد انظار هيئة الانتخابات العراقية اليها أكثر من غيرها ، لإنها على ما يبدو قد تركت مهمتها الاساسية بالاشراف على الانتخابات المستقلة !! في العراق ، وراحت تركز أهتمامها على الدور الاسباني بشكل خاص ، سواء من خلال ايفاد موظفيها الى اسبانيا للوقوف بشكل مباشر على تطورات هذا الدوري ، وحركة تنقلات اللاعبين والمبالغ التي يتقاضونها علهم يتمكنون من ( التغليس ) على قسم من هذه المبالغ .
ما طرحته إحدى النائبات مشكورة عن ايفادات موظفي الهيئة المتكررة الى اسبانيا يجعلنا أكثر مطالبة من السيدة النائبة بالكشف عن مواعيد سفر هؤلاء الموظفين ، لوجدنا انها تتطابق ومباريات الدوري الاسباني وخصوصا تلك المباريات التي يكون طرفيها الناديين العريقيين برشلونة وريال ومدريد ، وأنه امام المبالغ التي صرفت عن كل سفرة ، فإن لا يكتفي بالذهاب وحده لمشاهدة المباراة بل يصطحب معه افراد عائلته الكرام علهم يتمكنون من التقاط صورة مع احدة مشاهير هذا الدوري الكبير ، ليطلع عليها القاصي والداني ، ولتكون له عونا فيما لو فكر في المستقبل ترشيح نفسه للانتخابات العراقية خصوصا وإنه عرف دهاليزها واسرارها ، مستغلا الجماهير العراقية المحبة لهذا اللاعب او ذاك .
وعلى ما يبدو ان هيئة الانتخابات العراقية وموظفيها وبعد ان يأست ( وهي معذورة لأن اليأس قد دب في الشعب العراقي جميعه ) من مشاهدة منتخب عراقي لكرة القدم ،يعود بالعراق الى مصاف الدول الاسيوية المتقدمة في هذه اللعبة ، وكما كان حاله في السبيعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، أختارت اسبانيا لايمانها المطلق بأن كرة القدم ليست مجرد لعبة للمتعة ، أو مجرد 22 لاعباً يتناقلون الكرة فيما بينهم داخل مستطيل أخضر، إلا أن الحقيقة التى يجب أن يعرفها الجميع أن رياضة شعبية مثل كرة القدم تحولت من مجرد لعبة إلى لعبة صناعة السياسيين والاحزب أيضا ، ويمكن استغلالها ليس فقط في جني مزيد من المال ، بل لأجل تعزيز شعبيتها في اي انتخابات قادمة ، خصوصا وأن شعبية الكثير منهم اصبحت في الحضيض ، وليش مستغربا عن نسمع قريبا أن أحد الساسة العراقيين او اولادهم او اقاربهم قد أشترى هذا النادي الاسباني او ذاك ، لينضم الى قائمة اصحاب المال العرب الذين دخولوا هذا المجال .
فالهيئة وبجهودها المشكورة ، ودعما لمشجعي النادي الكتلوني ، جعلتنا نعرف بأن اللاعب الارجنتيني ليونيل ميسي الذي لايختلف أحد على مدى شعبية ومهارته وقدرته ، بأنه قد فاز بالكرة الذهبية 5 مرات كاملة، وأنه يحصل على أموال عديدة من عقود الرعاية تقدر بنصف ثروته أو تزيد، بالإضافة إلى كونه أكثر لاعبى كرة القدم قيمة فى العالم .ويحصل على ما يقرب الـ20 مليون دولار سنوياً من عقد الرعاية فقط، من شركات مثل أديداس، بيبسي، والعديد من الشركات الأخرى .
ولخلق حالة من التوازن عمدت الهيئة على الوصول الى معلومة مهمة تخص لاعب النادي الملكي كريستيانو رونالدو الذي يعد الرياضى الأعلى أجراً فى العالم، بأنه صاحب أيضاً عدد لا متناهى من الإعلانات التجارية، والمنتجات التي تتحمل اسمه بالإضافة إلى خط ازياء أيضاً باسم”CR7″. ويتقاضى رونالدو حالياً حوالى 53 مليون دولار من ريال مدريد فى السنة الواحدة، كما يحصل على 40 مليون دولار من رعاته، وهو الرقم الذى لم يحصل عليه أى رياضى أخر، هذا بالإضافة إلى خط الملابس الداخلية الذى يحمل اسمه بالطبع ، وإنه رفض عقدا صينيا للانضمام الى احدى نواديها مقابل 300 مليون يورو ، وإنه لن يترك فريقه ريال مدريد مهما كانت قيمة العقد .
والغريب أن قوائم سفر موظفي الهيئة( وحسب القوائم التي عرضتها النائبة الحنونة على الشعب العراقي !! ) خلت من السفر الى الى لندن ، التي تمتلك هي الاخرى دوري كروي شهير وصاحب فرق رياضية صاحبة شعبية كبيرة أيضا ، وفيها ايضا لاعبين متميزين امثال اللاعب واين رونى ، الذي يعد من أغنى الرياضيين فى العالم بثروة تصل إلى 145 مليون دولار و راتب سنوى يصل إلى 26 مليون دولار، بالإضافة إلى عقد رعاية من شركة “نايكي” والعديد من الإعلانات التجارية الأخرى ، ومتناسين ان أهمية اسم زلاتان إبراهيموفيتش فى عالم كرة القدم لايستهان بها ، فالعملاق السويدى أصبح بمثابة الماركة المسجلة والواجهة لأى نادى يلعب له فى أى مكان بالعالم ، كما لعب زلاتان لأكبر أندية العالم وفاز مع جميعهم بعدة ألقاب، وهو ما ساعده على تحصيل ثروة ضخمة من أندية مثل أياكس، يوفنتوس، انتر ميلان، برشلونة، اى سى ميلان و باريس سان جيرمان، كما وقع مؤخراً عقداً مغرياً مع مانشستر يونايتد الإنجليوزى، بالإضافة إلى ذلك فقد حول زلاتان اسمه فى 2003 إلى ماركة مسجلة، بمعنى أن أى حزب او مرشح للانتخابات البرلمانية المقبلة يحمل اسمه سيحصل على نسبة كبيرة من الاصوات قد تجعل من منصب رئيس الوزراء في حصته .
لا أحد ينكر بأن الفساد موجود في مختلف دول العالم وفي كل العصور، ولكن لم يبلغ ما بلغه في العراق بعد عام 2003 من حيث سعة التفشي وضخامة القضايا وحجم الضرر ، وما بدر
من هذه الهيئة الغير مستقلة لايدعو للارستغراب والدهشة ، فلا غرابة في تصرفات الهيئة ، فإن الفساد المستشر بين ساستنا الحكوميين الكبار، و كان في مقدمة الأسباب التي أفضت إلى سقوط ثلث العراق بيد داعش، بعد ان اختزل الساسة الشعب العراقي بالمكونات والمكوّن بالأحزاب والحزب بالمقربين والمقربين بالبطانة. وافرغوا خزينة الحكومة التي تقدر موجوداتها بحسب (صندوق الـDFI ) الثلاثة مليارات دولار، في حين أن موازنة العراق السنوية يتجاوز حجمها حجوم موازنات 5 من دول الجوار، ونسبة تنفيذ المشاريع خلال السنوات السابقة لم تتجاوز 40%، وما يقابلها من تخصيصات مالية يفترض أن تكون متراكمة تحت تصرف الحكومة، فأين ذهبت الفلوس..؟. أكيد سنجدها قريبا في الدوري الاسباني