22 ديسمبر، 2024 2:07 م

هيئة اعلام بابل .. قانون غير مُحكم , واعضاء ليسوا بمتخصصين

هيئة اعلام بابل .. قانون غير مُحكم , واعضاء ليسوا بمتخصصين

في الايام الاخيرة المتبقية له, وفي ظل حمّى الدعاية الانتخابية, صوّت مجلس محافظة بابل في جلسته التي عقدها صباح يوم الثلاثاء 12 3 2013 على تسمية اعضاء “هيئة اعلام بابل” والبالغ عددهم تسعة اعضاء . وبهذا التصويت يكون المجلس قد نفذ المادة (2) من قانون الهيئة الذي اصدره المجلس نفسه, بتاريخ 5 9 2010 وبعد التصويت على اعضاء الهيئة باقل من ساعة انطلقت الاعتراضات والانتقادات , واستطاع احد المعترضين ان يحصل على وعد بدرج اسمه بدلا عن عضوة – وهي المرأة الوحيدة التي كانت ضمن اعضاء الهيئة التسعة الذين صوت المجلس بقبولهم . الامر الذي يُعدُّ بمثابة اقصاء للمرأة من جهة , ومخالفة صريحة للعمل التشريعي من جهة اخرى, لان المجلس – اذا ما فعل ذلك – فانه يكون قد عدّل في قراره دون التصويت على ذلك التعديل , والقانون يقول ان القرار الذي يتخذ بالتصويت لا يُلغى ولا يعدل الا بالتصويت .
كما ان آلية اختيار اعضاء الهيئة جاءت مخالفة لقانون الهيئة نفسه , لانه تم اختيار كل عضو من الاعضاء التسعة من قبل لجنة الثقافة والاعلام ولم يتم عرض ثلاثة مرشحين لكل مقعد على التصويت في مجلس المحافظة كما جاء في المادة (7)  الفقرة (2) من قانون الهيئة  : (تقوم كل جهة من الجهات اعلاه – أي الجهات التي قَدمِ منها اعضاء الهيئة – بترشيح ثلاثة اشخاص لكل مقعد الى لجنة الثقافة والاعلام في المجلس والتي تقوم بدورها بعرضها على مجلس المحافظة ليختار واحدا بالاغلبية المطلقة . ) اضافة الى ما تقدم , فان اعضاء الهيئة الذين تم التصويت عليهم يعملون في وظائف لا يمكنهم تركها وهذا ما يخالف المادة (13) من القانون نفسه والتي تقول ( لا يحق للعاملين في الهيئة الجمع بين وظفتين او العمل في وسائل الاعلام الاخرى باية صفة كانت .)  ومن الجدير بالذكر ان اثنين من اعضاء الهيئة يعملون كاساتذة جامعيين – بتخصصات غير اعلامية – واثنين اخرين متقاعدين وهما من اتحاد الادباء والكتاب – شاعر ومترجم – وهما غير اعلاميين ايضا والعضو الخامس من نقابة الفنانين – ممثل – والسادس يعمل في وزارة الثقافة – مدير البيت الثقافي –  والعضو السابع يعمل في اعلام احدى الدوائر الرسمية  والعضو الثامن متقاعد يعمل في جريدة اسبوعية محلية تابعة للقطاع الخاص , واما العضو الاخير فهو متقاعد ايضا .
وبالرجوع الى المادة (7) الفقرة (4) من قانون هيئة اعلام بابل  نجدها تشترط بعضو الهيئة ان ( يتمتع بالكفاءة والخبرة) اي ان يكون اعلاميا متميزا يتمتع بالكفاءة والخبرة . وبالعودة الى اعصاء الهيئة نجد ان اغلبهم ليسوا اعلاميين وليس لديهم خبرة في العمل الاعلامي والقليل منهم عمل في الصحافة ولديه خبرة بسيطة ومحدودة , ولم يكن بينهم خبير او اكاديمي في الاعلام او محترف ذو خبرة متراكمة في هذا الميدان . ما يعني مخالفة الفقرة المذكورة اعلاه قانونيا . والعجز الحتمي عن اداء المهمة المكلف بها – مهنيا – اي عدم قدرته على القيام بمهام الهيئة التي حددها القانون المذكور بـ (تقديم الخدمات الاعلامية وصياغة رأي عام وطني  وتقديم البرامج والمعلومات باسلوب متمييز وتدريب وتأهيل الطاقات والكفاءات الاعلامية ورسم الستراتيجية العامة للاعلام في المحافظة واقرار التعليمات والارشادات الخاصة بالبرامج والمعايير الاعلامية المهنية وانتاج وتسويق البرامج والاعمال المرئية والمسموعة والمقروءة والاعلانات وبثها وغيرها من الفعاليات او المنتجات الاعلامية .
ان هذه المهام المناطة بالهيئة تحتاج الى متخصصين اكادميين من اصحاب الشهادات العليا وتحتاج قبل كل هذا الى اعلاميين محترفين لديهم خبرات كبيرة ومتراكمة في العمل الاعلامي للقيام بالنشاطات الاعلامية المهنية  وتحتاج ايضا الى اعلاميين مبدعين قادرين على الرؤية والتنظير والتطوير الخلاق, وهم كثرٌ في المحافظة ولكن مجلس المحافظة لم يجتهد في الوصول اليهم .
 واذا نظرنا الى كلفة عمل الهيئة وكلفة انجاز مهامها نجد ان هذه الكلفة كبيرة جدا , وهي كلفة سوف يدفعها مجلس المحافظة من الميزانية المخصصة لابناء محافظة بابل . ولو تجاوزنا كل الاخطاء القانونية والمهنية في تكوين الهيئة وافترضنا “جدلا ” ان تشكيلها صحيح وان اعضاءها مستوفون الشروط وهم اكفاء ومن ذوي الاختصاص ” لو افترضا كل ذلك ” وتوقفنا عند كلفتها التي يتحملها المواطن في بابل, فانه يجدر بنا طرح السؤال التالي : هل ما سوف تقدمه الهيئة يستحق الثمن المدفوع ازاءه ؟؟؟  وجواب هذا السؤال واضح وصريح وهو (لا) لان في العراق وفي محافظة بابل وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية عديدة ومتنوعة وبامكانها ان تقدم افضل مما تقدمه هيئة الاعلام المذكورة , وستكون الحال افضل  لو وضع مجلس المحافظة تشريعات محلية – لاتتعارض  مع القوانين المركزية – يضمّنها اهداف وغايات الهيئة المذكورة وتلزم وسائل الاعلام في المحافظة بقوانين هيئة الاعلام والاتصالات العراقية والمعايير الاعلامية المهنية المعروفة .
والحال هذه , وفي ظل وجود ما يشبه هيئة اعلام بابل في ديوان المحافظة  مع وسائل اعلام مقروءة ومسموعة ومرئية تابعة لها, يصبح تشكيل هيئة اعلام بابل وعملها زائد عن الحاجة وتصبح كلفتها وكلفة منتجها هدر للمال العام  وسعي لتوسيع البيريقراطية وهيمنة الاعلام الرسمي, ما يعني تراجع اهم اركان الاعلام الحر وهي الحيادية والاسقلالية والمهنية .