23 ديسمبر، 2024 2:06 م

هيأة النزاهة إلى أين ؟!

هيأة النزاهة إلى أين ؟!

استبشر المواطنون خيراً عند تغيير رئيس هيأة النزاهة السابق القاضي علاء الساعدي بخليفته الدكتور حسن الياسري ، وتأملوا عهداً جديداً سيطل عليهم في الارتقاء بعمل الهيأة ومكافحة الفساد والقضاء عليه وعدم مجاملة الحكومة ومسؤوليها الكبار والخنوع لهم على حساب المصلحة العامة ، وتمنوا أن يقوم الرئيس الجديد بمراجعة شاملة لنقاط الخراب – وهي كثيرة – في العهد السابق ، ويبادر إلى إصلاحها ، وإيجاد آليات جديدة تنهض بعمل الهيأة ، وتشجع العاملين فيها على المزيد من بذل الجهود المخلصة والإبداع ، خاصة وأن الدكتور الياسري أطلق عند تسمنه المنصب وعودا كثيرة وبراقة.

ومرّ عام كامل من دون أن تحقيق أي وعد من هذه الوعود والأماني مما يدل على ركود الحالة السيئة السابقة وبقائها وكأن شيئا لم يكن !!

هناك نقاط خلل عديدة داخل مقر الهيأة لعل أهم أسبابها أن الشخص الذي يقودها رجل أكاديمي لا يعرف تماما تفاصيل عمل الهيأة التي هي بحاجة إلى قاضي كفوء ومستقل كالقاضي راضي الراضي أوالقاضي رحيم العكيلي مع الاختلاف والبون الشاسع بين منهجيهما ، ولا ينطبق هذا الأمر على القاضي علاء الساعدي الذي كان ضعيفاً وذليلاً في تبعيته للحكومة واقتصار عمله على إرضاء كبار المسؤولين فيها ، وكان سببا في تدهور عمل الهيأة وتهديم كل ما بنته سابقا وإعادتها إلى نقطة الصفر .

من السلبيات الأخرى في الهيأة تشجيع رئيسها على تدخل مدراء مكاتبه التحقيقية في المحافظات بأعمال المحققين بدون علم أو دراية علماً بأن ارتباط المحققين بهم هو ارتباط إداري ؛ أما ارتباطهم الفني وعملهم فهو مع القضاة المتخصصين ، والطامة الكبرى أن بعض مدراء هذه المكاتب لا يحملون شهادة قانونية على الرغم من أن هذه المكاتب هي أساساً تحقيقية ، وبالتالي ارتباك بالعمل ، ووقوع أخطاء لا يمكن تداركها ، ولو غصنا قليلاً في عمق هذا (لبعض) لوجدناه جاء خطأ وحملته الوساطات غير المشروعة إلى هذا المنصب على حساب المصلحة العامة .

ويلاحظ المتابع لنشاطات رئيس الهيأة اهتمامه الشديد بالزوابع الإعلامية ، وهي كلها ليست أكثر من زوابع في فناجين !! ويؤخذ عليه أيضا ارتداؤه للملابس العسكرية في عمله وأمام وسائل الإعلام ، والهيأة جهاز مدني ، ولا معنى لارتداء هذه الملابس فيها ، ومن حقه أن يرتديها لو ذهب إلى جبهات القتال ورابط فيها !!

ومن نقاط التخبط داخل الهيأة رفض كتاب مجلس القضاء الأعلى بشمول محققي هيأة النزاهة بالقبول في معهد التطوير القضائي لمن له خدمة أكثر من عشر سنوات، فماذا أبقي من احترامه للقوانين والمراجع ، كما أن مقترح رئيس الهيأة تخفيض رواتب موظفي هيأته وهي عموما رواتب متوسطة وليست عالية وسيؤثر تخفيضها كثيرا على معيشة عوائل أصحابها ، كما أن الرواتب والمخصصات هي من ضمن حقوقهم القانونية ، وليس من العدل تقديم موظفيه الصغار ضحية لإرضاء الحكومة المليئة بالفساد وهدر المال العام ، وكان من الأجدر به أن يطلب تخفيض راتبه العالي ويدعو من هم بدرجته وبمقدار راتبه للاقتداء به والحذو حذوه ، فيكون بذلك قد أثبت وطنيته وصدقه بعيدا عن المتاجرة بحقوق الآخرين .