من المعلوم للجميع ، إن قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 ( النافذ حاليا ) والذي أثيرت بخصوصه العديد من ( الشبهات ) وتم الطعن ببعض مواده لدى المحكمة الاتحادية التي نقضت الطعن ، قد عد نافذا اعتبارا من 1 /1 / 2014 حيث نصت المادة 42 منه على ( ينشر في الجريدة الرسمية و ينفذ القانون من تاريخ 1 /1 / 2014 ) ، ولكن الجهة المعنية بالتنفيذ وهي هيأة التقاعد الوطنية قد قامت بتطبيق القانون منذ بداية نفاذه ولكن بطريقة انتقائية ، إذ يتذكر المتقاعدون بان رواتبهم قد تغيرت بالزيادة ( بقدرة قادر ) عند استلامهم لرواتبهم التقاعدية قبل موعد الانتخابات البرلمانية التي صادفت في نيسان 2014 ، رغم عدم صدور تعليمات وزير المالية التي نصت عليها المادة 41 من القانون ( يصدر وزير المالية تعليمات لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون ) ، وبعد انتهاء الانتخابات بدأت الاستقطاعات التقاعدية على أساس إنها تتعارض مع التعليمات التي صدرت فيما بعد ، والقضية التي نحن بصدد عرضها اليوم تتعلق باحتساب الراتب التقاعدي لمن يحال على التقاعد حيث سيتم على أساس معدل 36 راتب الأخيرة للموظف قبل أحالته على التقاعد اعتبارا من شهر تشرين الثاني 2015 وليس على أساس الراتب الأخير كما كان بتم من قبل ، وهي قضية منصوص عليها في الفقرة ثانيا من المادة 21 من القانون التي نصت على :
ثانياً / يحتسب الراتب التقاعدي على الوجه التالي
حاصل ضرب معدل الراتب مضروبا في عدد سنوات الخدمة التقاعدية مضروبا في النسبة التراكمية 2,5 %
ومعدل الراتب ورد أيضا في القانون :
المادة ـ 1 ـ يقصد بالمصطلحات والعبارات التالية لأغراض هذا القانون المعاني المبينة إزاءها
سابع عشر- معدل الراتب : معدل الراتب الوظيفي للموظف خلال (36) ستة وثلاثين شهرا من خدمته التقاعدية الأخيرة ولا تحتسب لأغراض هذا المعدل رواتب الخدمة التي تقل عن شهر.
ومما يثير التساؤلات لماذا قامت دوائر التقاعد باحتساب الراتب التقاعدي على أساس الراتب الأخير للموظف أثناء الخدمة منذ نفاذ القانون ولغاية بداية الشهر الماضي أي لمدة 22 شهرا ثم أخذت تحتسب الراتب التقاعدي على أساس معدل 36 شهر الأخيرة ؟ ، فهل كانت ( ناسية ) هذا الموضوع وتذكرته في شهر تشرين الثاني ؟ فإذا كانت نسيت أو تناست ذلك فان الجهات المعنية في التقاعد متهمة بالتقصير لان هذا النص موجود في القانون كما هو معروض أعلاه ، أما إذا كان التطبيق قد تزامن مع موعد تطبيق سلم الرواتب الجديد في بداية شهر تنشرين الثاني ، فان للموضوع أكثر من تفسير وأبرزه إن المعنيين في هيأة التقاعد قد كانوا في حالة معينة ومما أيقظ هيأتهم هي طبول التقشف التي باتت تطبق على الموظفين دون غيرهم سواء من خلال سلم الرواتب أو من خلال زيادة الضرائب والاستقطاعات ، والسؤال الذي يطرحه المتقاعدون المحالون إلى التقاعد بعد نفاذ القانون في 1 / 1 / 2014 هل سيتم شمولهم بالتقشف بحيث يعاد احتساب رواتبهم التقاعدية على أساس معدل 36 راتب الأخيرة أم عفا الله عما سلف ؟ ، ففي حالة شمولهم بذلك فسوف تترتب بذمتهم فروقات غير قادرين على دفعها لان المتقاعد لا قوة مادية له سوى الراتب التقاعدي الذي لا يتحمل أي تخفيض ، ويفترض بهيأة التقاعد الوطني أن تراعي الجوانب الإنسانية للمتقاعدين ولا تحملهم أكثر من طاقاتهم ، آخذين بنظر الاعتبار إن هناك شرائح واسعة من مستحقي الرواتب التقاعدية هم من الخلف (عائلة المتقاعد المتوفى ) ويتكونون من الأرامل والأيتام أي من الفئات التي تستحق الرعاية والاهتمام ودعواتهم على ظالميهم تستجاب بإذن الله سبحانه وتعالى .
لقد بدأت هذه الأمور تثير التساؤلات وتسبب القلق للمتقاعدين أو خلفهم ، بعد أن تفاجأ بعض المتقاعدين باستقطاع مبالغ من رواتبهم في دفعة المتقاعدين المدنيين لشهر كانون الأول الحالي ، واغلبهم لا يعلمون بأسباب هذه الاستقطاعات لأنهم يستلمون رواتبهم من مراكز الدفع سواء المكاتب الأهلية أو المصارف الحكومية التي لا معلومات لديها عن تفاصيل الاستقطاعات ، مما يتطلب إصدار تصريحات رسمية من الجهة المختصة قبل أن يتكدس المراجعون على دوائر التقاعد في بغداد والمحافظات للاستفسار عن تفاصيل هذه الاستقطاعات ، ونتمنى مخلصين من مجلس الوزراء أو الجهات المعنية في وزارة المالية وهيأة التقاعد أن تنظر بعين الرأفة إلى المتقاعدين ، من خلال عدم شمولهم بإجراءات ( التقشف ) فاغلبهم أما من كبار السن أو من الخلف ( الأرامل والأيتام ) وان الرواتب التقاعدية لأكثرهم ( رغم قلتها ) هي الملاذ الوحيد في مواجهة متطلبات الحياة ، فصحيح إن العراق ليست لديه ( بحبوحة ) للتصرف بالأموال على حد قول السيد هوشيار زيباري في احد مؤتمراته الصحفية ، ولكن ذلك لا يعني أن نسحق طبقة واسعة من أبناء شعبنا الكريم لكي يكونوا من ضحايا الفساد وسوء الإدارة والتسبب بإهدار المال العام ، وستبقى واحدة من اكبر أمنيات العراقيين الشرفاء أن يكون إيقاع الحكومة بخصوص تقليل رواتب الموظفين والمتقاعدين يتناسب مع إجراءاتها في استرداد الأموال من السراق والضرب بيد من حديد على المفسدين كما طالبت الجماهير بذلك وساندتهم المرجعيات العليا إلى حد كبير ، كما أن الأمنية الأخرى هو أن تتم مراجعة حقيقية وجادة لكفاءة الأداء بعد 2003 للكشف عن الفاشلين وما تحوم حولهم من شبهات وتبرير ما اتخذوه من قرارات أدت لاستنزاف أموال طائلة من ثروات العراق .