23 ديسمبر، 2024 10:39 ص

هو عقد انفرطت بصمت بعض حباته , ومن بعض حباته اللامعة توارت عن انظارنا وانفرطت من عقد المبدعين هو الفنان الرائد ( اسعد عبد الرزاق ) فقد اغمض عينيه في بغداد وليس في مدن المهجر والمنافي , اغمض عينيه في بغداد الفن والادب والحب والجمال والتي ظلت تغفو بعينيه كما كان ( زرياب ) …..  وكما ظلت المها تغمض عينيها بين الرصافة والجسر لا على الغدر والقتل , نتحملها وتتحملنا بغداد فهي تظل عاصمة الثقافة طوال عام 2013 ونزيدها اكثر لما تلاها من السنين .
هذه ليست مقدمة رثائية لفنان افنى زهرة شبابه في الفن والمسرح والادب لاكثر من تسعين عاما , فمذ ابصرت النور عيناه في 15/5/1923ببغداد وامسى يبحث عن ظل ابداعه ليس فيما وفرت له الدراسة الاكاديمية حين حصل على شهادة البكالوريوس في الحقوق ليصبح محاميا بل في توجس من زعل وعدم رضا ذويه اذا اكمل معهد الفنون الجميلة ويكون فناناً واصبح فعلا خريج الفنون الجميلة في الخمسينيات من القرن الماضي متفوقا في تخصصه الجديد وليجد ان هذا التفوق قد بعثه الى اكاديمية ( شاتروف ) ليعود الى العراق وطنه حاملا معه ( شهاد الماجستير ) من بلد الفن ايطاليا كما حمل غيره دبلوم خدمة من الهند او دكتوراه في الجراحة من كلية الجراحين الملكية البريطانية ( F.R.C.S.  ) او حين تابطوا دكتوراه شرف ودولة من سربورن فرنسا في الحقوق . او …..
ماهذا هو حديثنا الى ان غياب المبدعين يدعنا نتذكر لمعان حياتهم فنتنعم بمفرداتها ولانريد ان نقارنها بمفردات بعض مؤسسات العراق الثقافية الجريح والذي يزيد من جراحه نماذج تتغلغل وتعيش فيه في كل زمان ومكان وتكيف نفسها لكل الاجواء .
نعود الى فقيدنا وفقيد الفن العراقي الاستاذ اسعد عبد الرزاق الذي اسس فرقة 14 تموز بمعية مجموعة من الفنانين منهم الراحلين وجيه عبد الغني وفوزي مهدي واخرين ثم ما فتيء ان دخل عنوة وبحب الى ذاكرة العراقيين في مشاهد الفيلم ( الجابي ) في ستينات القرن الماضي الذي شدنا بواقعيته مع الفنانين جعفر السعدي وخليل الرفاعي الى باص يتحدث عن كل ما يدور ويجول في ذهن العراقيين من خلال ركابه ورواده .

ثم ظل فقيدنا في مسرحه وتدريسه الاكاديمي في كلية الفنون الجميلة رغم تقادم سنين العمر عليه الى ان اخذه زملائه وبعض الرواد الى فيلم ابدع فيه رغم شيخوخته هو فيلم ( النهر ) مع المخرج فيصل الياسري ليكون مع كريم عواد , سامي قفطان و قائد النعماني وهناء محمد قد ادو ادوارهم ببراعة في هذا الفيلم .
مات الاستاذ المربي لاجيال واجيال الفنان اسعد عبد الرزاق ولم يترك لنا المسرحية الراسخة في ذهن العراقيين ( الدبخانة ) وفيلم ( الجابي ) بل ترك لنا رموزا وقامات فنية لازالت تملا دور المسارح في العراق وخارج وبعضهم ادى ادوراً عالمية في الشاشة الصغيرة والكبيرة وهي تعترف له بتركة ابداعية لامجال الا الاعتراف بها وهي ليست بالقليل .
اقول هذا وفي بالي رموز شاخصة اطال الله عمرها ومنّ عليها بالصحة والعافية ومازالت تعيش بيننا , وحتى البعيدين عنا جسدا كالفنان المبدع بدري حسون فريد فهو لازال ذئبا في عيوننا وفي عيون كل المدينة والفنان خليل شوقي الذي يتمثل ويمثل شخصيته الغريبة في ذات المسلسل اغلب فناني العراق اما نقيب الفنانين قبل اكثر من خمسين عاما واحد روادها ومبدعيها الذي زرته في مستشفى الراهبات الفنان يوسف العاني فتبذل الوزارة جهودها في اسعافه قدرنا الله على عمل ذلك الواجب , وعيني باردة على استاذنا الفنان سامي عبد الحميد ان يمن عليه الباري عز وجل بالصحة والدعابة التي الفناه منه في  حله وترحاله وتمنياتي لصديقي ابو اسيل بكل مافي قلبي من حب له ولأخرين فاتني ذكر اسمهم ولعراقنا ولمثقفيه وكل مبدعيه الحقيقيين بالصحة والتوفيق والامان .

* وكيل وزارة الثقافة
مهند فاضل الدليمي