ينعطف التاريخ وتحل الفجيعة ثم المهزلة في تعاقب إجرائي متكرر لهذه البلاد المستباحة، يموت الفنان في غربته بعد ان تأكل قلبه الأحزان ولم يزل ينعي حلمه المفقود ويبكي وطن يهرب من الوجود الى العدم ، تقول العرافة ؛ كل شيء وارد حين ينقلب التاريخ ويبلغ السحر ذروة مبلغه .
تفقد التراجيديا معناها ، ولا سر في ذلك حين يشارك الموت الأحياء في فروض يومهم وهمومهم ويأخذ بهم نحو محطات الرقود ، تنقلب معاني الأشياء ويصبح “جلجامش ” ليس ذلك البطل الملحمي الذي انشد له زمانه أول أسطورة في التاريخ البشري ؛ ” هو الذي رأى كل شيء فغني بذكره يابلادي.. )).
لاتثريب عليكم اليوم فسماء التخلف تلبد البلاد وتمطر عنفا وشعارات تدفع نحو جنون اكثر .. ، وهذا البطل القادم من منافي الجوع الغاطس بالتهميش والتاريخ الزائف وقمامة الأكاذيب ، يحل بطلا في زمن التيه ، فيفجر أمنيات رافقته من غرف الإستجواب في دوائر اللجوء، الى سماءالعبث المداهم برياح السلطة والتأليه .
هو الذي سرق كل شيء ، المال والسنين والنشيد والتمجيد ومواكب “الطم” والعزاء وقصائد “الشوعراء” ، هو الذي اضاع البلاد والعباد ويطالب بمزيد من المجد والبقاء على سدة الرقاب ، هو الذي يختصر السيوف والدفوف والصهيل على هامات الأزمنة ومنعطفات الوجود ، من ذا الذي لايعرف من هو .. ؟
هو الذي يصنع الأقنعة ، ويستبدل الرجل بالأمعة ولايعطي لمن لايتبعه ، وهو الذي يغلف سمائنا بالكوابيس وأحلام الأمتعة ، وهو الذي “لابالعير ولابالنفير “ليصبح كل شيء في واحد أحد،ويتواصل المجد والدعاء ل”بوش” الأبن،من بسطيات السيدة زينب الى مقاهي (أجورد رود) وقصور لندن .
ينعطف التاريخ ، يسقط في أحضان هذا “الذي رأى جميع الأشياء وأفاد من عبرها ” ..!
يسقط التاريخ، يسقط الوطن، يسقط البشر، ويحيا الذي سرق كل شيء فغني بأسمه ياخرائب ..!