قبل أيام ذهبت إلى كاتب عدل في أربيل لأوكِّـل قريــباً لي ينوب عني في تمشية معاملة لي في دائرة جنسية وأحوال قضاء تلعـفـر البديـلـة في محافظة النجـف الأشـرف. وقـد ذهب قريبي مشكوراً مـن محافظة أخرى إلى تـلك الدائـرة – ويـا لهـا من دائـرة – لا يعرفون أهلها ولا هم يعـرفونهم وأثناء تـقــديمه لمعامتي – حـيـث كل الأصول القانونية متوفـرة – انصدم بمديــر الدائرة – جمعها دوائـر– يقول له بالنص كيف لك أن تقدم مساعدة لـ ( سُـنَيَ) يسكن في أربيل أليس هؤلاء جميعهم إرهابيون ! إن لم يكونوا إرهابيين لأتوا إلى هنا بأنفسهم واستصدروا هوياتهم !.. طبعا ً موكّـــلي المسكين قال بالكاد إستطعت أن أخلص نفسي منه لأنه بدأ يتجحشم عليّ وأخذ يتمحلق في هويتي أنا أيضا ً..
والله عِـيـبْ – بكسر العين – على دولة ٍ يمتد تأريخها إلى آلاف السنين علّمت البشرية بناء الحضارات ووضعت أولى القوانين وكتبت مسلات لتنظيم حياة البشر وأسست أخلاقيات إدارة الدولة أن يتكلم موظف فيها على مواطنين بهكذا وقاحة بكلمات طائفية حقودة غير مهنية وغير أخلاقية في دائرة رسمية ترفع العلم لتمثل العراق وأمام الملأ علنــــا ً. عيب والله !
أتساءل إن كان لي حق في التساؤل في هذه الظروف العصيبة ! ولا أدري هل عليّ أن أطرح تساؤلي – يتمرغل – الآن أم أنتظر برهة من الزمن لأطرحه في الزمن المناسب حيث نكون فيه قد انتصرنا على الإرهاب بعد توحدنا يدا ًبيد – إن حصل ذلك طبعا ً- وعشنا إخوة متحابين من الجبل إلى البحر كما كنا يوماً من الأيــام ! لا ! قررت أن اطرحه الآن!
هل بهذه العقلية المهنية نستطيع بناء دولة عصرية ديمقراطية ؟ هل بهذا التحليل البربري للأمور نقدر ان نبني عراقاً يعيش فيه الجميع بسلام وعدالة ؟ لو كان لهذا المديرأي تحسُّبٍ من دولته التي دائرته تمثلها وجزء منها لما كان له الجرأة على أن يتفوه بالحكم على الآخرين بالإرهاب مع العلم أنه هو يمارسه في دائرته بتصرفاته مع الآخرين …
هل لنا الحق بأن نعتب على الأنظمة السابقة – ولاندري من يسبق من – ونكون نحن أسبق منهم إلى كل ما يمت بعصورهم من مخازي؟
من أعطى الحق لموظفٍ في الدولة – كان من المفترض أن يخدم الناس – أن يقـرر فـرز ناس لا يعرفهم إلى مذاهب ومناطق وأعراق ليتلاعب بمقدراتهم وأصولهم وجناسيهم وأرزاقهم
وحسب أهوائه .. أليس التوكيل القانوني وشهادة حضور موثق من محاكم داخل منظومة الدولة الاتحادية معترفاً بها ؟
إن الـنـباح الطائـفـي وسياسـة الإنتقـامات لأمـور حدثـت في أزمنة غابرة قديمة كانت أو حديثة وسياسة أنا الأقوى إذن فأنت ضعيف لهي سياسات ٌ ولدت في حظائر الوحوش وهي نفس العقلية التي أذنت ل
وحوش
داعش وغيرهم كثيرأن تسرح وتمرح في بلاد الرافـدين والوافـدين .. كـفانـا لنـعـقــل يـوما ً أيــها ألإخوة .
إلى متى نبقى إنطباعييـن وتعميمييـن ونحرق كالمجانين الأخضر واليابس ولا نفكأ ندور في دوامة ملؤها الجهل وسوء الإدارة والفساد والتقهقـرإلى الأسفل.. لماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين في بناء دولتنا.. لماذا نحن دائماً في خصام مع بعضنا؟ هل بهذا المنطق سوف نبقى موحـَّدين مستبشرين بعراق حر و مزدهـر ؟
رجاءاً أعيدوا لنا هويـتنـا العراقية !