حادثة منى وجملة الحوادث في مكة هذا العام، تلك التي أصابت المسلمين وألمت بالامة فاجعةٌ كبيرةٌ ومصيبةٌ عظيمة، ينبغي أن نقف عند هذه الحوادث وننظر اليها بكل دقة و بمسؤولية كبيرةٍ، دينية وأخلاقية، ورحنا ما تستفيق حتّى نستعيض الحزن بفواجع ما راح نشفى منها.ونحن كمسلمين
علينا ان نضع تقوى الله سبحانه وتعالى نصب عيوننا، الثقة بالنفس ونحن كمسلمين نطلق عليها ” الثقة بالله ” نعم الثقة فى الله هى التى تمنحنا القوة وتجعلنا تتخطى أخطر فشل وتحقق اعظم نجاح. ونضع حياة أمتنا أمام وجداننا وأن نكون أمناء صادقين في التعامل مع هذه الكوارث الجمة والحد منها على اقل تقدير، ودراسة أسبابها ومعرفة مسببيها، والبحث عن السبل اللازمة والملائمة لتجنبها وتجاوزها في المستقبل، فهذه الاحداث الكبيرة ينبغي أن نضعها امام ضميرنا، لا لجني المكاسب المادية والوسخة كما تفكر بها المملكة العربية السعودية متمثلة بقادتها بعيدةً عن هموم المسلمين الدينية. حوادث هزة أنحاء العالم، خلال موسم الحج لهذا العام، لم تعتذر حتى في موقف واحد منها حكومة الرياض ، الألم الذي هز الدنيا ادى إلى مقتل الالاف من الحجاج نتيجة الاهمال في تأدية الواجب المقدس وهي خدمة زوار بيت الله الحرام والتدافع لسوء الادارة التي شهدت زوابع ايضاً ورياح شديدة، وطقساً خريفياً غير متوقع، أحدثت اضطراباً كبيراً، وتسبب في فوضى مريعة، أثناء وجود الحجاج بالقرب من الكعبة المشرفة، رغم أن عدد الحجاج لهذا العام لم يتجاوز المليونا اي أقل من السنوات الماضية، ((أكثر من مليوني حاج يتجمعون في الوقت ذاته والمكان ذاته كل عام)) بسبب تقليل نسب عدد الحجيج والاهم انشغال الأمة والشعوب في همومها ومشاكلها الداخلية والمستوردة مثل عصابات التكفير الارهابية ، التي أورثتهم حروباً ضروساً واقتتالاً مريراً، وقتلاً وخراباً، ولجوءاً وهجرةً، وضياعاً ورحيلاً، شغلتهم عن الحج. لا يجوز أمام هذه الحوادث والمصائب التي عصفت بنا جميعاً، ان نقف ناظرين وغير مبالين لان السلطات السعودية تتحمل كامل المسؤولية عما حدث، و هي التي تسببت بها وارتكبتها قصداً اوغير قصد، وخططت لها مسبقاً او لم تخطط، و تتحمل اوزار ما حدث، فهي المسؤولة عن هذه الشعيرة العظيمة، وعليها تقع مسؤولية الترتيب والتنظيم، والإعداد والتجهيز، وضمان السلامة والأمان، وهي إذ تقوم بهذا العمل فواجب وعليها ان تتشرف به وتفتخر، وتزهو بهذا التوكيل، فقد أكرم الله بها هذه الارض المقدسة وميزها عن غيرها، جغرافية منى كمايلي:
(( منى وادي شرق مكة، محصور بين سلسلة جبال، بطول يبلغ نحو (4.100) متر، وأقصى عرض (1.700) متر، وأقل عرض لا يزيد عن (400) متر، وبمساحة كلية تبلغ (7.82) كم2، الصالح منها للاستخدام فعليا (4.8) كم2 فقط، أو ما يساوي (4.800.000) متر2، أي ما يعادل 61% من مجمل المساحة، والمتبقي 39% (3.2) كم2، عبارة عن جبال وعرة ترتفع قممها حوالي 500 م عن الوادي. في موسم الحج من كل عام، ولمدة تبلغ أقصاها ستة أيام، يقطن منى ما يزيد عن مليوني حاج، أضافة لغيرهم من العاملين ومقدمين الخدمات المختلفة، ليصل العدد الكلي إلى أكثر من 3 ملايين نسمة. مما يجعل هذا المكان ولفترة معينة هو المكان الأصغر مساحة والأكثر اكتظاظا بالناس في العالم)).
المشكلة ان المسلمون لم يكونوا يستفيقوا بعد من هول المصائب التي تنخر بجسد امتهم، والكوارث التي تنزلت عليهم، حتى منوا بفواجع تترى ومقتل المئات من حجاج بيت الله الحرام هذا العام دهساً بالأقدام، وخنقاً تحت الأجساد، نتيجة التدافع المحموم، والتنظيم غير المبرمج، وعدم الوعي والدراية عند المسؤولين في المملكة، والاستخفاف وغياب الحكمة، أو نتيجة الإهمال وعدم اليقظة، أو قلة الخبرة وضحالة التجربة، أو التساهل وافتقارها المسؤولية، وعدم الأخذ بالأسباب، أو غير ذلك من الموجبات الكثيرة التي قد تفضي عنها نتائج التحقيقات في الحوادث الأليمة التي حلت . وقد كَشفتْ شهاداتُ الحجاجِ الناجين من كارثةِ منى أنّ السلطاتِ السعوديةَ تأخّرتْ في انقاذِهم رغمَ مرورِ ساعاتٍ على وقوعِ الفاجعة، وأكدوا أنّ قواتِ الأمن السعودية أغلقتْ المداخلَ الى مكانِ رميِ الجمرات، وهو ما تَسبَّبَ بازدحامٍ كبير وتَكدُّسِ الحجيج في مكانٍ ضيّق، ثم فُتح منفذ صغير فَجْأةً ليصطدمَ الحجاجُ المحاصرينَ بالحجاجِ الوافدين على الطريق نفسهِ مما سببت الكارثة اثر الاوامر بالعودة الى الطريق الاول مرة اخرى.
لا شك أن المصائب، والأسى كبير، والحزن عظيم، والفواجع قاسية، ولاشك أن الحوادث قد وقعت، ومن كانت منيته المكتوبة ولاعتراض على حكم الله سبحانه وتعالى ، وقدره المحتوم، وخاتمته التي لا مفر منها، وإن كان الحزن يسكن صدورنا ويعتصر قلوبنا، وقد يكون من الصعب نسيان الحادثة، أو تجاهل تداعياتها النفسية الكبيرة، فإنهم أعزة وأحبة، وأهلاً وأقارب، وإخواناً وأشقاء، فإنهم مسلمون، أياً كانت صلتنا بهم وأواصر محبةٍ كبيرة، وقد خرجوا عبادةً ليعودوا، لا ليقتلوا غرباء عن أوطانهم، ويموتوا بعيدين عن أهلهم. مسؤولية الحج فهي عظيمة، وواجبٌ كبير، وامتحانٌ صعبٌ وخطير.لكن المملكة العربية السعودية، وعلى مدى العقود الماضية، أثبتت أنها غير قادرة على خدمة حجاج بيت الله الحرام،وعاجزت عن اداء هذه المهمة المقدسة والحوادث الاخيرة اثبتت تقصيرها وتسببت في هذه الفجائع وما سبقها،
في هذه المرحلة العصيبة ولكي تكون المسؤولية شاملة فعلى منظمة مجلس التعاون الاسلامي ان تتحمل العبئ وتشكيل لجنة مختصة لمتابعة الامر ولعدم وقوع مثل هذه الفجائع.وأعتقد وعلى يقين من ان المسلمين بجميع أطيافهم وبمختلف جنسياتهم، قادرين على ايجاد حلولاً لعدم تكرار مثيلتها ، وأن نبتكر وسائل حماية ووقاية، فلو أن كل دولةٍ قدمت نصحها، وأبدت استعدادها للمساهمة والمشاركة في تأمين الحج كل عامٍ، أقله لحجاج بلادهم ، فإننا بإذن الله نستطيع أن نتجاوز هذه الحوادث والمصائب والمحن، ونضمن عدم تكرارها أو غيرها.مستقبلاً لان التاريخ سيسجل فاجعة منى وابعادها في سجل اخفاقات آل سعود، و ستشكل محطة اختبار للحكومات الاسلامية التي يستوجب منها التحرك لإنهاء هذه المآسي لتخلد اسمها في تاريخ العالم الاسلامي. كما ان منظمة التعاون الاسلامي واتحاد البرلمانات الاسلامية والامم المتحدة مكلفة بالتحرك لإنهاء آلآم العالم الاسلامي من خلال مواقف صارمة يتخذونها للحفاظ على كرامة المسلمين ولعدم تشويه التاريخ الاسلامي –
عقل الانسان المسلم يجب ان يخرج من أسر الرتابة في اجترار المتوارث من الأفكار إلى فضاءات التفكير الحر والواعي ، والابتعاد عن عناء المقامرة بالأرواح والأنفس البريئة، فلا يجوز أن تظل رحلة الحجيج محاطة بكل هذا القلق والاحتباس النفسي.