ماالعمل بعد انتكاسة حزيران؟-11
(1)
محرقة اليهود على يد النازيين التي ادت الى صناعة دولة اسرائيل والتعاطف الغربي معها- ليست المحرقة الوحيدة في التاريخ بيد ان الاعلام الدولى الموجه من قبل اساطين المال يمكنه دوما ان يركز على جزء بسيط من الحقيقة ويضخمها ويهمل الاجزاء الاخرى ان لم تكن في مصلحته- والهدف النهائي توجيه الراي العام الدولي والمحلي الى ماتقتضيه المصالح السياسية التي هي انعكاس لمصالح رؤوس الاموال ونتاجاتها الفكرية والاقتصادية والثقافية.
وعلى الرغم من ان البعض ينكر وجود تلك المحرقة والبعض الاخر يوكدها, وهذا نتاج غربي قبل ان يكون عربي او اسلامي, غير ان اليهود لم يكونوا الضحايا الوحيدون من ضحايا النازية وغيرها فقد سحقت شعوب كثيرة وابيدت كثرة منها على يد النازيين والفاشيين وحلفائهم اليابانيون – ولو اتجهنا الى لغة الارقام لكان الشعب الصيني وشعوب الاتحاد السوفيتي السابق هما اكثر الشعوب التي قدمت تلك التضحيات.
ويمكن الحصول على تفاصيل كثيرة عن الهولوكوست في الموقع:
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D9%88%D9%84%D9%88%D9%83%D9%88%D8%B3%D8%AA
وكمثال فان الشيوعيون كانوا على راس ضحايا النازية والمصدر السابق يقول ان 100 الف شيوعي الماني ابيدوا على يد النازيين فضلا عن اعداد هائلة من باقي شيوعيي دول اوربا الاخرى.
وقد استفادت المعارضة العراقية قبل ان تصبح سلطة من تلك التجربة الثرة للهلوكوست فعمدت الى الدفع قدما باتجاه صناعة وتلميع المجازر باعتبارها الوسيلة الانجع للحصول على التاييد الدولى لها في سبيل الوصول للسلطة والسيطرة على مفاتيح بيوت المال والثراء والمناصب والسلطان وكاميرات الاعلام….
لقد عانى الشعب العراقي الامرين على يد نظام البعث بدءا من عام 1980 في مذبحة الحرب العراقية الايرانية ومن ثم عملية غزو الكويت التي انتجت اخطر حصار دولي في التاريخ قوض ركائز الدولة العراقية والتماسك الاجتماعي والاعراف والاخلاق وانتج وضعا مشوها بكل المقاييس لشعب عاني طويلا من الجوع والحرمان والقمع وتكلل الحصار بمئات الالاف من الضحايا ومن بزوغ نمط جديد من انماط الطغيان والديكتاتورية عمد الى قطع الرؤوس لاول مرة منذ تشكيل الدولة العراقية وقطع الاذان والاعدامات بالجملة ومن الحرمان لابسط مقومات العيش ومن سقوط اعداد كبيرة من ضحايا الجوع والمرض والعوز وهروب جماعي للكفاءات وتزايد مريع لقوة الجهل والخرافة تعمقت بعد الحملة الايمانية السيئة الصيت التي كانت توطئة للموجة الطائفية والدينية.
وكانت المعارضة العراقية او اغلبها- ترفض رفع الحصار الدولي عن العراق- وتعمد الى التقليل من نتائجه وافرازاته- وكانت الكاميرات تظهر كيف ان البعض من المعارضين- حاول ان يمنع حركة بعض الطائرات التي توصل الغذاء والدواء للعراقيين واستمرت المعارضة في لعبة خلق الاكاذيب بشان وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق فيما تفاخر بعضهم بعلاقته القوية مع اجهزة مخابرات دولية للاطاحة بالنظام السابق ولو على جماجم الملايين ومستقبل العراق.
(2)
ولما اصبحت المعارضة سلطة بفضل الحراب الامريكية امل الكثير من العراقيين ان يكون هولاء مخلصين للعراق من وضعه الخطير وتراكمات عقود الحروب والحصار, غير ان الحقيقة التي بدات تظهر على السطح تشير الى ان المعارضة بحاجة فعلية الى من يخلصها من امراضها وعقدها وارتباطاتها واوهامها وسايكوباثيتها وجرائمها, وهي بحاجة الى ابعد كثيرا جدا من دعوات الصالحين والاخيار ليحدث ذلك…
منذ عام 2003 تحول العراق بفضل التخطيط الامريكي وغيره الى ساحة الصراع الدولي الاساسي ضد الارهاب كثمن للتخلص من النظام السابق-دون ان يسال الشعب عن رايه- واصبح العراق الدولة رقم واحد في اعداد الضحايا والشهداء والمهاجرين والفارين وفي الفساد والانحطاط في كل مناحي الحياة واصبح ميدانا للتجارب والاجتهادات للفدرالية والكونفدرالية والحكم الذاتي والحكم اللامركزي والمحاصصات الطائفية والعرقية والتي اتسعت الان لتشمل المحاصصة المناطقية عبر مطالبة بعض المحافظات لابوجود اشخاص كفوئين على راس الوزارات بل اشخاص من محافظاتهم فحسب!!!.
وفي مركز تلك الحرب اصبحت بغداد ميدانا رئيسيا لها – وبالطبع لن نجد احصائيات دقيقة عن عدد الضحايا والشهداء والجرحى والمعوقين.
ان عشرات الاف من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة قد انفجرت في بغداد منذ عام 2003 وهي بالطبع تمثل العدد الاكبر من السيارات والعبوات التي انفجرت في العراق, وان اعدادا هائلة من الناس نساءا ورجالا واطفالا وشيوخا قد قتلوا او احترقوا حتى الموت في الشوارع والمحلات وداخل السيارات, فيما تسارع الاجهزة الامنية الى منع التصوير لتقلل من اهمية عمليات الابادة تلك وبالتالي منع وصولها الى الراي العام العالمي وهذا بالضبط عكس ماكانت تفعله المعارضة العراقية وهي خارج السلطة.
فقد ضخمت المعارضة قبل السلطة اعداد الضحايا – غير ضحايا الحصار- ونفخت في هذا البوق اناء الليل والنهار وقدمت ارقاما لاعداد هائلة من الضحايا لم تقم على أي اساس علمي او واقعي, وهذا عكس ماتفعله المعارضة (السلطة) اليوم في تقليل اعداد ضحايا الارهاب في بغداد ومنع تسليط الضوء عليهم- وهذا الامر ناتج عن الحقائق الاتية:
ان اغلب قيادات المعارضة هي من خارج بغداد وهي تشعر بالحقد الدفين –غير المعلن – على بغداد لاسباب مختلفة …..وهي تفرح بداخلها كلما المت ببغداد مصيبة – ومازلنا نذكر قول الكاتب الالماني (العراقي) سابقا لما غرقت بغداد قبل اعوام عندما كتب متشفيا دون خجل –ان بغداد غرقت ببولها وغائطها!!!.
ان بغداد تمثل القلب والعقل والذراع الضارب للعراق وان تدمير بغداد هو الشرط الاساس لتدمير العراق وكمثل- فان السيد برزاني اعرب لبريمر عن كراهيته لبغداد.
وكمحصلة فان بغداد جعلوها ساحة الصراع الرئيسية ومحرقة للناس- وهي تحصل على نسبة ضئيلة من الموازنة قياسا لعدد السكان في الوقت الذي تفننوا في منح الموازنات للاقليم والمحافظات المنتجة للنفط في عمل تقسيمي تخريبي ستظهر نتائجه لاحقا باعتبار ان الشرط الاساسي لتقسيم أي بلد هو احداث مستويات تقدم متباينه في اجزاءه.
منعت بغداد حسب الدستور من اقامة فدرالية لانها ستكون اقوى فدرالية في العراق تشكل خطرا على اصحاب مخططات تقسيم العراق وتقزيمه.
لو عملنا جرد عمن يراس السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والمستويات العليا والمتوسطة لراينا ان نسبة اهل بغداد ضئيلة ولاتتناسب مع عددهم في العراق.
(3)
في شهر تشرين الثاني عام 2013 قبل معركة الفلوجة خرج علينا السيد الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية وقال انهم لايمتلكون المال لتغطية بغداد بالكاميرات التي لو غطت لامكنت السيطرة على الوضع الامني وفي 10 حزيران 2014 سقطت الموصل بيد داعش وتركت الحكومة في مصارفها مايقرب من 500 مليون دولار ومخازن عتاد تغص بالعتاد والسلاح الذي كانت القوات الامنية تعاني من شحته وترك الجنود بدون قيادات وهبت البيشمركة (الباسلة) لتطعن الجيش من الخلف وتستولي على سلاحه.
ان عدم شراء اجهزة كشف متفجرات فاعلة وعدم تغطية بغداد والعراق بالكاميرات وعدم تنفيذ القانون ضد الارهابيين وتركهم ليفروا من سجن ابو غريب وسجون الموصل وتكريت غيرها وعدم تنفيذ العقوبات ضد المتخاذلين والمقصرين وعدم احكام الحدود ومنع التسلل منها … انما تمثل جميعا جرائم حرب ضد الانسانية وليست فقط ضد الشعب العراقي.
ان اعداد الضحايا في بغداد منذ عام 2003 ربما فاقت اعداد ضحايا الهلوكوست واعداد ضحايا حلبجة والانفال والمقابرالجماعية مجتمعين وان استمرار هذا المسلسل يشير بوضوح الى استمرار الطبقة الحاكمة في استهانتها واستهتارها بمصالح الشعب العراقي ورغبتها في تدمير بغداد والعراق كشرط اساسي لاقامة دويلات كردستان وشيعستان وسنستان وفي استمرار عمليات النهب والفساد المنظم والمبرمج وعمليات تدمير الزراعة والصناعة كشرط لبقاء العراق سوقا لبضائع دول الجوار التي تدعم كل منها جهات سياسية معينة.
(4)
القوات المسلحة العراقية التي تقدم التضحيات الجسام وتتعرض للغدر من الطبقة الحاكمة ومن الاقليم ومن الارهاب على حد سواء غير قادرة في وضعها الراهن على تحرير أي مدينة سقطت بيد الارهاب, فالفلوجة لم تتحرر بشكل كامل على الرغم من مرور سبعة اشهر من القتال الدموي قبل حزيران-وتكريت لم تتحرر بالكامل وهنا يبرز التساؤل الاتي –لماذا ترفض الطبقة الحاكمة وجود قوات برية اجنبية؟–لم تقدمها لحد الان الولايات المتحدة.
اذا كان السلطة في العراق عاجزة عن امداد القوات المقاتلة بما تحتاجه من الماء والغذاء والعتاد والسلاح الملائم واذا كانت القوات العراقية عاجزة لاسباب مختلفة عن تحرير المدن العراقية –حتى الان – وسيل الدماء لابناء القوات المسلحة الغيارى مستمر- واذا كانت داعش هي نتاج لتامر محلي واقليمي ودولي تضم اعدادا كثيرة من غير العراقيين, فلماذا نرفض اذن من يقدم دماء ابناءه لانجاز تلك المهمة؟.
لماذا لاترفض الطبقة الحاكمة وجود قوات اجنبية مادامت ارواح ودماء العراقيين رخيصة ومادام ابنائها ينعمون بالسحت الحرام في عواصم ومدن العالم المتقدم وهم يرفلون بالمال والعز تحت ظلال الجنسيات الاجنبية!؟.
ان وجود واستمرار الوضع الحالي هو لمصلحة من يطمح الى استمرار الفرهود والفساد والتخريب والارهاب حتى يدمر العراق كبلد وتاريخ وحضارة ويقع لقمة سائغة بيد دول الجوار التي تناصب العداء للعراق وكيف لا- اذا كان من يحكمه –على الاغلب- يفسد فيه ويخرب ويسفك الدماء بالتعاون مع الخارج.
(5)
لانفهم هذا السر العظيم وراء علو شان البريطانيين (العراقيين) في حكم العراق وسط صمت مطبق من الاوساط الدينية والثقافية والسياسية.. اذا كان الدستور ينص على وجوب تخلي من يتبوا مركزا رفيعا في الدولة عن جنسيته الاخرى – وهذا الامر لم يطبق- لان غالبية قيادات المعارضة وكادرها المتقدم! حاصل على جنسية او اكثر، غير عراقية… وهذا الامر لاتقبله دولة تحترم نفسها وهو امر تسبب في عرقلة جهود مكافحة الفساد الخجولة وهو امر يتعارض مع مقتضيات السيادة والامن للبلد.. لقد غدا واضحا ان استمرار الارهاب في العراق هو شرط اساسي لاستمرار الفساد وهو الوجه الاخر له- واستمرار مسلسل الدماء والتجهيل التي تمثل غطاءا لازما لامرار المخططات الشيطانية ضد الشعب العراقي التي يحملها البعض من هولاء.