23 ديسمبر، 2024 1:35 ص

هوشيار زيباري خارج وزارة الخارجية

هوشيار زيباري خارج وزارة الخارجية

اللهّم لا شماتة , ولكن هذا الرجل كان السبب في خروجي من وزارة الخارجية قبل عام واحد فقط بدعوى مفبركة تحت ذريعة تطاولي على السفير السابق الذي كان قد غادر قبل شهر دون اي خلاف شخصي او مشاجرة، وقد قدمت طلبا للتظلم وشكوى امام محكمة الموظفين دون جدوى، بعد خدمة دبلوماسية لسبع سنوات، وخدمة وظيفية تناهز الثلاثين عاما، فاضطرني الى طلب اللجوء في اوربا بعد ان رفضت ذلك لاكثر من خمسين عاما، وحتى بعد اصابتي بانفجار سيارة مفخخة عام 2007 ، ورقودي في المستشفى لمدة سنة كاملة، ورفض الوزارة دفع اي مصاريف للعلاج بموجب كتابها ح/4/24/1823 في 14/3/2013، علما باني كوردستاني وحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي وعملت مدرسا للقانون في كردستان العراق لمدة عشر سنوات، ولكني لست من النوع المتملق. فسلمت امري الى الله الذي يمهل ولا يهمل، ولكن سبحانه وتعالى لم يمهل كثيرا هذه المرة، كما يشتكي البشرعادة، فلم تمر اكثر من سنة لارى الذي اخرجني من الوزارة والعراق خارج الوزارة. وقد بقي في منصب وزير الخارجية احدى عشرة سنة ، اي منذ الاحتلال الامريكي للعراق تماما. وخرج من الخارجية عند تشكيل وزارة الدكتور حيدر العبادي، الذي وضع شرطان لاختيار الوزراء في حكومته ، هما الكفاءة والنزاهة.
وقد تمكن الوزير خلال هذه الفترة الطويلة من اقامة شبكة من الموالين له وخاصة من المتملقين العرب ، وبالاخص من البعثيين سابقا. ويقف على راسهم وكيل الوزارة السابق محمد الحاج حمود بدن ( مواليد 1937 ) الذي اعيد الى الخدمة بعد احالته على التقاعد قبل سقوط النظام السابق في عام 2003. فوجد فيه ضالته , وتحكم هذا الوكيل بالعباد والبلاد متحديا بذلك ارادة الدولة العراقية وعلى راسها ارادة رئيس الوزاء الذي احاله على التقاعد ( ولا ادري كيف يحال الشخص على التقاعد مرتين في حياته ) عام 2007. وكان الوزير حينها خارج العراق في ايفاد رسمي، وعند عودة الوزير من الايفاد عقد مؤتمرا لكادر الوزارة المتقدم في قاعة المؤتمرات الصحفية للوزارة وكنت انا من بين الحضور, وكان محتدما ويقول ليس من حق رئيس الوزاء ان يقصي احدا في وزارتي وانا غير موجود , لا بد من اخذ رايي, ولهذا فاني غير موافق على ذلك , وقد علمت بان الكثير منكم تبادل التهاني على الفيسبوك وغيره . وكان الى يمنه الوكيل لبيد عباوي ( مسيحي من الحزب الشيوعي ) يهز راسه موافقا كالعادة, والى يساره الوكيل الاداري عبد الكريم هاشم الذي تدخل وقال نحن حكومة واحدة وليس حكومة داخل حكومة , وستحل المسألة بالتفاهم . ومع ذلك ظل الوزير ممتنعا عن تنفيذ قرار رئيس الوزراء للفترة من 2007 – 2014 حتى يوم خروجه من الوزارة. اما في الجانب الاداري فقد تولى اسعد السعودي الدائرة الادارية ، والعديد من العاملين في الوزارة يتذكرونه بالبدلة الزيتوني وهو لباس الرفاق البعثيين انذاك ، وقد نشر عن الظلم والفساد في هذا الجانب الكثير ولاحاجة لتكراره.
  اما الايفادات فعلى كثرتها الا انها قاصرة على مجموعة معينة، او كما يقال هناك ( للحبايب فقط ). في حين ان احد الموظفين ظل يشكو من عدم ايفاده على الرغم من انه كان في ضائقة مالية ولا يقدرعلى دفع ايجار الدار التي يسكنها وكنت انذاك رئيسا لاحد الاقسام في الوزارة ، فراجعت رئيس الدائرة دفاعا عن هذاالموظف ( السني ) وكان انذاك الدكتور رياض الاعظمي ( تولد 1937 ) وهو من طبقة المتملقين للوزير, الذي كان كصاحبه محمد الحاج حمود يمشي ويصرّح ( انا عندي وزير ) وكأن الوزيرهو لهم فقط وليس وزير جميع العراقيين ، وربما كان كذلك. وكان معروف عن هذا الشخص بانه يقلب الاسود ابيضا، والابيض اسودا في ارائه القانونية وفقا لتوجيهات مسؤوليه ، اي يجعل الحق باطلا والباطل حقا.  وبعد جهد جهيد حصلت لموظفي على ايفاد لمدة ثلاثة ايام الى الاردن بقصد الاستفادة المالية فقط .
 وبخلاف معظم النظم السياسية في العالم ( باستثناء نظام الاحتلال ) فان وزير الخارجية يمثل الذراع اليمين لرئيس الوزراء في النظم البرلمانية ولهذا فهو يجلس الى يمينه دائما في اجتماعات مجلس الوزراء ، وحتى اسرائيل لا تشذ عن هذه القاعدة ، الآ في حالة العراق , فقد سادت حالة الشد والجذب والتنافر وعدم الانسجام بين الخارجية ومجلس الوزراء . وكل قرارات مجلس الوزارء كانت لا تلقى اذنا صاغية في وزارة الخارجية , ومنها القرار الصادر من البرلمان العراقي حول احتساب خدمة ممارسة مهنة المحاماة للموظفين المرقم 65 والصادر عام 2007 , فقد ظلت هذه الفئة (وانا واحد منهم) تناضل من اجل احتساب قرار صادر من ممثلي الشعب ولكن دون جدوى واستمرت المماطلة حتى تاريخ تركي للوزارة في تموز 2013، على الرغم من صدور توجيه من مجلس الوزارء باحتسابها في 5/4/  2011 ، اي ان تطبيق القرار المذكور قد تاخر تطبيقه لسبع سنوات بحجج ومبررات غير صحيحة. وكل ذلك بقصد الابقاء على محمد الحاج حمود الدكتور الاوحد في الوزارة الذي حصر بيده جملة من الملفات المهمة والحساسة في الوزارة مثل ملف التعويضات مع الكويت الذي استغله ابشع استغلال لمصالح شخصية ضاربا عرض الحائط مصلحة العراق العليا ، وهذا ما يحتاج الى تحقيق قضائي موسع، وكذلك ملف الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الذي سحبه مجلس الوزراء من وزارة الخارجية عام 2009، وملف ميناء مبارك السيء الصيت وغيره الكثير . وضحاياه من حملة الشهادات العليا كثيرون، ومن يحضرني ذكرهم كل من : –
1 . د. خليل ابراهيم  خليل، دكتوراه في القانون الدولي،  سكرتير اول، مسؤول ملف التعويضات ومؤلف كتاب التعويضات في القانون الدولي، يعمل حاليا في احدى الدول الخليجية. 
2. د . علي العقابي ، مستشار، دكتوراه علوم سياسية، رئيس قسم المعاهدات سابقا, الذي جرى مضايقته ليترك الوزارة وهو يردد انها وزارة البعثيين.
3 . د. زهير الحسني ، وزير مفوض ، معاون رئيس الدائرة القانونية في الوزارة، والذي اضطر الى الانتقال الى هيئة الاستثمار في مجلس الوزراء.
4 . د. عبد المجيد العنبكي ، وزير مفوض، استاذ في القانون التجاري البحري، الذي جرى نقله من جنيف الى هولندا عام 2009 ، ثم احالته على التقاعد دون منحه ذلك، وكل ذلك بقصد ان يمنح لقب القائم بالاعمال الى زوجة احد الوزراء  المكلفين بتطبيق المادة 140 من الدستور والخاصة بكركوك ، على الرغم من ان درجتها كانت ادنى منه ( مستشار ).
5 . د. رياض السندي ، مستشار، دكتوراه في القانون الدولي ، رئيس قسم المعاهدات سابقا ،مسؤول ملف حقوق الانسان في جنيف.
وهولاء الذين اعرفهم  ( 5 من حملة شهادة الدكتوراه في القانون الدولي والسياسة الدولية ), وبالتاكيد فان كل منهم قد افنى في الاقل 30سنة من الدراسة ، وهذا يعني اضاعة 150 سنة من تاريخ الدولة لمآرب شخصية.
اما كتب الشكر والتقدير من مجلس الوزراء ومن الوزراء الاخرين فلم تكن الوزارة تعيرها اي اهتمام على الرغم من ان التعليمات ترتب حقوقا لاصحابها في القدم والترقية .
الى جانب ذلك , كانت هناك فئة تحصل على حقوق وظيفية لا تستحقها وترقيات بسرعة مذهلة , فقد شهدت العديد من الاكراد المقيمين في الخارج والذي تم تعيينهم مستخدمين محليين في سفارات العراق في الخارج , يصبحون بعد سنة او سنتين بدرجة وزير مفوض وهذا ما حدث مع العشرات وبضمنهم مستخدم محلي في سفارة  العراق في هولندا ( ب. ج.) الذي اصبح مستشارا دون معادلة الشهادة التي جلبها من هولندا ، ومازال يعمل في بعثة العراق لدى الامم المتحدة. والكثيرون مثله , لا بل وجدت ان احد طلابي الراسبين في كلية القانون ( خ. م. خ. ) وقد نال درجة وظيفته اكبر مني وانا الذي درسته لاربع سنوات ليحصل على بكلوريوس في القانون , ويعين في وزارة الخارجية بدرجة سكرتير ثالث , في حين ان قانون الخدمة الخارجية ينص على منحه درجه ( ملحق ) فقط . مما دفعه الى الحصول على ماجستير من كلية مفتوحة لاسكات الاخرين ، ومازال يعمل في قنصلية العراق في كاليفورنيا. والادهى من ذلك ان احدى الكرديات العاملات في مطعم بنيويورك ( ش. ح.) قد جرى تعيينها ومنحها درجة مستشار ومازالت تعمل في سفارة العراق في النمسا.
وما يقال عن التعيين والايفادات يسري على بقية الامتيازات في الوظيفة العامة كاجور الدراسة وتعلم اللغة الاجنبية التي كانت تجري بسرعة البرق للاكراد ولبعض الاشخاص من باب ذر الرماد في العيون واوضح مثال على ذلك هو منح احدى الكرديات اجور الدراسة لها ولزوجها بلغت 8700 ثمانية الاف وسبعمائة دولار امريكي ( ش. ج.) ابنة اخت سفير العراق في هولندا سابقا ، بعد ساعة ( ساعة واحدة فقط ) من قرار ايقاف صرف تلك الاجور لجميع العاملين لحين صدور التعليمات الادارية بذلك، بموجب كتابي الوزارة المرقمين ح 3/ش/تعليم/642 و646 في 30/1/2012 ، ويلاحظ ان  الكتابين قد صدرا استنادا لهامش نائب رئيس اللجنة الاستشارية وهو محمد الحاج حمود الذي اشار بوقف صرف الاجور لجميع العاملين في 2/1/2012 ، وبعد عشرين يوما قرر صرفها للموظفة الكردية رغم قرار الايقاف لجميع الموظفين، وهذا التمييز على اساس القومية يشكل انتهاكا قانونيا للدستور وحقوق الانسان في المساواة امام الفرص العامة والحق في الصحة والتعليم، وانتهاك حقوق الاقليات . ولو اردنا جمع ملفات الفساد لملاءنا المجلدات.
اما مسألة التمديد في العمل في البعثات خارج العراق ، فامر يثير الاستغراب حقا. فاحد العاملين في جنيف ( أ. ع. ح.) والمكلف بحجز الفنادق كان يسعى لاكبر عدد من الموفدين ، واحيانا يصل العدد الى ثلاثين شخصا دفعة واحدة ، وكان يجري حجز ارفع الاماكن لاصغر الموظفين، وكان القصد من ذلك هو الحصول على عمولات كبيرة وعلى نسبة الاعفاء الضريبي للدبلوماسيين، التى تصل احيانا الى خمسون الف دولار شهريا . وقد جرى التمديد لهذا الشخص سنة اضافية ، علما بان هذا الشخص لم يدخل مبنى الامم المتحدة مرة واحدة طيلة الخمس سنوات التي قضاها هناك.
هكذا يجري معاملة ذوي الكفاءات من الوطنيين ، بقصد اخراجهم واحلال اجانب محلهم مثل سعد العطار،  سويدي الجنسية، مستخدم محلي في بعثة العراق في جنيف، متقاعد من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين . وهكذا امتلاْت سفارات العراق بالاجانب واصبحت مراسلات الوزارة تستنسخ وترسل الى العديد من مخابرات الدول قبل ان يطلع عليها الموظف المختص.
وبالتاكيد كانت المجاملة هي الاسلوب الامثل للتغطية على هذه الفضائح وغيرها الكثير، ولن نذهب الى الجانب الابعد لانها تسىء لسمعة الكثييرين في المجتمع العراقي , حتى غدت صفة الفساد لصيقة بوزارة الخارجية ، وهي حقيقة يعرفها القاصي والداني .
ان هذا مهو الا قطرة من بحر، ويمكن اثبات كل ذلك بالوثائق والمستندات . والادهى من ذلك، ان الجميع يتغنى بالوطنية ، وهنا يستحضرني قول شاعر العراق الكبير معروف الرصافي قبل 90 عاما حين قال ( لايخدعنك هتاف القوم في الوطن، فالقوم في السر غير القوم في العلن ).