أنا لست كردياٌ ولا موظف في وزارة الخارجية ولم تربطني بهذا الرجل أية رابطة، فقط كنت ألتقي به أثناء العمل في المنظمات الطلابية في فترة السبعينيات، يذكرني بصوته الدافئ عندما يلقي بعض الخطابات أو اللقاءات الصحفية في المحطات التلفازية، كنت أراقب عمل وعطاء الوزارات العراقية بحكم عملي الصحفي وأسلوب إدارة العمل الوزاري وشخصية كل وزير منذ الاحتلال عام 2003 إلى يومنا هذا. هوشيار زيباري الشيخ والوزير ذو شخصية مؤثرة في الوسط الدبلوماسي والوزاري لم يكن كردياً في الاجتماعات العربية والدولية، وإنما كان عراقياً بكل معنى الكلمه، ولو كان قد رشح لمنصب أمين عام الجامعة العربية لكان الجميع من الأسره العربية ينتخبونه (هذا ماحدثني به أحد السفراء) حافظ على الهيكل الوزاري، ولم يفرط بالموظفين من اصحاب الكفاءات والخبرة الدبلوماسية والعمل الخارجي، أبعد الوزارة عن التأثيرات الطائفية والقبلية، عمل بكل إخلاص وتفاني لخدمة العراق والروابط الخارجية، عمل علاقات دولية وعربية أثرت بشكل كبير على تحسين صورة العراق، رغم أن هناك من أراد أن يعرقل العلاقات العراقية العربية، والإبتعاد عن الحاضنة العربية، والوضع الداخلي الذي شهد صراعات بين الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة وعدم الإستقرار رغم كل هذا كان هوشيار زيباري الرجل المتفاني من أجل خدمة الوطن.
الكثير ممن لا يعرفون الشيخ هوشيار زيباري (أطلق اسم الشيخ لكونه هو شيخ عشيرة) يتكلمون عن أنَ وزارة الخارجية أصبحت كردية وهذا ما كذبه العاملين في الوزارة، وقالوا عكس ذلك أنَ الأكراد الذين تم تعيينهم في بعض السفارات هم من أصحاب الخبرة ولديهم علاقات في البلدان التي يعملون فيها، وهذا ليس ضيراً ولكن الضير عندما نقارن وزارة الخارجية مع الوزارات التي أصبحت مرتعاً لعديمي الخبرة والمعرفة وخاصة الخدمية منها، والقاصي والداني والذين يراجعون السفارات العراقية في الدول العربية والدولية يجدون أنها بيت كل العراقيين، وإذا كان هناك خلل في بعض السفارات فليس السبب في قيادة الوزير، وإنما ممن عُين بضغط من هذا الطرف الحكومي أو الحزبي أو من أقارب المسؤول الفلاني الذي وزع أقاربه في الملحقيات الثقافية والعسكرية وغيرها.
الخسارة اليوم أن نودع هذه الأيام السيد هوشيار زيباري من وزارة مهمة وسيادية، وأن ينتقل إلى مهمة أخرى متمنين له كل التوفيق، شاكرين له عراقيته وحفاظه على العلاقات العراقية العربية وتمتينها، وإبعاد شبح الإبتعاد عن الحاضنة العربية وخوفنا من أن يذهب كل الذي قام به هوشيار سدىً مِن الذي سوف يستلم هذه الوزارة المهمة والله الحافظ…