ركبه هوس مجنون انه سيفارق الحياة في ليلة عيد ميلادها بعد الاحتفال بها بساعتين وكم حاولت تسفيه هوسه الا انه اصر على صدق حدسه وانه سيغادر الحياة في حدود الساعة الثالثة بعد منتصف الليل من ليلة الميلاد واجبرها على مطاوعته فحجز للاحتفال بها في الليلة الموعودة قاعة وصالة رقص ومطعم فاخر وبار من الثامنة مساء حتى الواحدة صباحا وجناح في نفس الفندق لثلاثة ايام وثبت في وصولات الحجز ان على الفندق ان يقدم في صباح الحفلة وفي الساعة الثامنة والنصف بالضبط فطور ملوكي لشخص واحد واعد بطاقات دعوة لـ ( 250 ) شخص بالتمام والكمال وطلب اهداد وجبات طعام غربية وشرقية وان يجد الضيوف كل مايرغبون به من طعام ومشروبات واغاني وموسيقى ورقصات , وفي المساء اشرف وهو يرتدي ملابس ذات ماركات عالمية تتوع بين الاسود والابيض على اصغر التفاصيل وترتيب المقاعد وترقيم الطاولات حسب بطاقات الدعوة ولما اطمئن انسحب بعد السابعة بقليل .
. طلب من محاميه جرد كل ممتلكاته وتقديم كشوف بها والمح الى نية سفر طويل او هجرة ووقوع اختياره على شخص يدير املاكه في غيابه فظن المحامي انه هو الشخص الاقرب للمهمة لذا عمل بجد واخلاص وانجز المهمة في من قياسي ووضع الكشوف بين يديه مع شروحات وتوصيات وهوامش وملاحظات فشكره ونفحه بعدد معقول من الاوراق النقدية كمكافأة على اخلاصه ووضع الاوراق في حقيبته اليدوية وودع المحامي بعد ان طلب منه ان لايكون بعيدا عنه لان احتياجه ضروري له في هذه الايام
. هاتفها وطلب حضورها لامر هام جدا وعندما وصلت شرب معها القهوة وعرض عليها العشاء في احد المطاعم الفاخرة التي اعتادا التلاقي فيها عند الوصول وجدا مائدتهما المعتادة قد اعدت باتقان ووضع عليها ورد ياسمين واقحوان وبنفسج وشموع فساعدها على خلع معطفها وتهيئة الكرسي لها وجلس على الكرسي المقابل , وقبل ان يضع النادل قائمة الطعام قال لها : تقريبا انجزت كل شي ولم يبقى الا كتابة الوصية وايداعها لدى المحكمة الشرعية وسيؤل كل ما املك لك بطريقة قانونية ولن يزاحمك او ينافسك او حتى يسبب لك ازعاجا احد في الوجود ومن دون ذكر اسمك ..
. سالت كيف ؟
. قال اهتديت الى طريقة في كتابة وصيتي هي غريبة بعض الشيء لكنها فاعلة ومؤثرة .
. ماذا ستكتب في وصيتك بالضبط ياصاحب الغرائب هذه الايام ؟
. رد وهو يبتسم وقال هذا ما ساكتبه بوصيتي بالنص ( يؤول كل ما املك لمن تشاركني اخر ليلة من حياتي ويومها ) واكيد اننا نقضي ليلتنا معا بعد انقضاء الحفلة وفي الصباح يطرق عامل المطعم الباب وهو يجلب لك فطورا ملوكيا في حين اغط انا بنومتي الابدية فيكتمل شرط الوصية وسأكتبها الان واسلمها للمحامي بعد العشاء ليودعها صباحا في المحكمة ويخسم الامر .
. ومن اين اتتك الثقة بأنك ستموت في ليلتي المنتظرة ؟
. اعتدت ان لايخطأ حدسي .
. طيب احتاج المحامي ارجو منك ارساله لي بحدود التاسعة صباحا
. فتحت القاعة بابها للمدعويين وصدحت الموسيقى واكتمل تقريبا عقد الحاضرين فدارت على الطاولات بثوبها الارجواني الطويل وهي تشبه نجمات السينما تحيي الجميع وتشكرهم بابتسمات وقبلات واحضان للنساء ومصافحات خفيفة للرجال ثم اعتلى هو مقدمة القاعة ووقف امام المنصة محييا الحضور وشاكرا استجابتهم لدعوته وتمنى لهم وقتا سعيدا وليلة غامرة بالمسرات واخبرهم بثقة عالية قائلا :
ان المراة التي نحتفل اليوم بعيد ميلادها هي انثاه الرائعة وهو رجلها الذي لن تستبدله بآخر مدى الحياة رغم ما اشيع من اكاذيب وتكهنات انتشرت هنا وهناك في زوايا المدينة وحياهم مرة اخرى فعم التصفيق ثم ترك المنصة متوجها لمائدة اعدت له ولها فقط .
. شرب من شرب واكل من رغب وهمس من همس وتراقص الكثير من الرجال والنساء وتحركت عيون النساء بالمراقبة والغيرة والحسد والالسن بالغيبة والنميمة وسمعت اذان الرجال اطنان الكلام النسوي ولفظت السنتهم كل شي الا الحب الصادق وتعب عمال الفندق من كثرة طلبات الضيوف وفي الواحدة بالضبط وقف وهي تتأبط ذراعه محييا الجميع متمنيا ليلة سعيدة هانئة لهم وتركا القاعة باتجاه جناحهما في الفندق .
. فتح الباب وقرب السرير طبع قبلة على جبينها وساعدها بخلع بدلتها ثم سكب في كأسين شراب الليمون المحلى وجلس منتظرا ماذا ستفعل . ارتدت ملابس النوم وتمددت على السرير بارتخاء وذهن مشغول بما تحمله الساعات القادمة وكان ما يخيفها هو التفكير بصدق حدسه . انهى لفافة تبغه وغسل اسنانه ورش على نفسه عطر محببا لها وتمدد بجانبها ولفت نظره مظروف على المنضدة فتناوله ولشد دهشته وجد فيه وصيتها المشابهة تماما لوصيته واشعار المحامي بتسجيلها في سجلات المحكمة لكنه حاول تناسي الامر والتفكير بما بعد الساعتين القادمتين وكيف تدير حياتها وحيدة من بعده وفي النهاية تخيل شكلها وهي تتناول فطورها الملوكي في الصباح وهو بجانبها جثة فقدت كل أثر للحياة ثم قرر ان ينسى كل شيء ويعيش معها اخر لحظاته فأحتضنها وطبع قبلاته على وجهها واستسلم لتفكير صامت عميق عندما شاهدها تمارس طقسا صامتا ثم غلبهما النعاس .
. استيقظ على طرقات عامل الفندق وهو يأتي بفطورها الملوكي الذي توقعه ان يكون نهاية حياة وبداية لاخرى ونسى انه يجب ان يكون قد لفظ اخر انفاسه قبل خمسة ساعات ونصف بالتمام والكمال ولما حاول ايقاظها وجد جسدها تخشب
وفارقت الحياة منذ عدة ساعات .