8 أبريل، 2024 10:13 م
Search
Close this search box.

هوس المنصة..!

Facebook
Twitter
LinkedIn

يصنف علماء النفس في بعض تفسيراتهم الى إن الهوس ، هو ” اضطراب ذهني يتميز بالنشاط الزائد والمرح والغرابة ، ويكون الفرد مليئا ً بالحيوية ، لايكاد ينتهي من شيء أو عمل حتى يبدأ في الأخر ،وكذلك بالثقة الزائدة في النفس والشعور بالسعادة الغامرة والتفاؤل المتحمس المفرط ، وكثرة المشروعات وتعددها، وأغلبها ليست عملية وغير قابلة للتنفيذ “.إضافة الى تشتت الأفكار والسطحية الظاهرة في التفكير ، مما يؤدي الى عدم إكتمال الفكرة ، فضلاُ عن صفة التندر التي يمارسها في مقاطعة الآخرين بمجرد ورود أفكار جديدة .كما ينمو في داخل المصاب بالهوس وهمٌ مرضي يرافق الأعراض المذكورة آنفاً ، مثل داء العظمة والقوة ، مما يجعله مغروراً ، ويشعر بأنه أفضل من الآخرين .
ويعود بعض أنواع هذا المرض الى أسباب وراثية ، إذ ينتشر المرض لدى الأفراد الذين ينتمون إلى آباء وأمهات مرضى بالهوس .او الى أسباب نفسية مثل الصراع النفسي والفشل والإحباط ومحاولة علاج ذلك بالحيل الدفاعية اللاشعورية ،مثل الإنكار أو النسيان . ومن أعراضه محاولة الإستحواذ على كل شئ وحب الظهور الزائد ، ومثل هذه الحالات نجدها لدى البعض في الكثير من مفاصل حياتنا ، إن كانت في الشارع أو العمل ، أو منظومة الأصدقاء ، أو نلحظها في البعض من الساسة والمثقفين ، والذي يبرز نزراً يسيراً منها يتمثل في هوس المنصة والتكالب عليها . وخير نموذج بهذا الإتجاه ماحصل من تنابز بين عضوين في البرلمان أمام محطات التلفزة على من يعتلي المنصة ، ليكونا موضع تندر لفترة طويلة من الزمن.
إذن .. الهوس له إشتقاقات متشعبة ،أهمها حب الظهور والذي يعتقد المهووس إنه يخلق توازن موضوعي وتعويضي للإحباط الداخلي الذي يعانيه، فنراه يتكالب على الجلوس في المقدمة وأمام الكاميرات ، ويتودد لمراسلي الفضائيات وغيرها من أسباب التهافت الذي يراه الآخرون بشكل واضح ، بينما يقنع المهووس نفسه بأنه نجم دائم الظهور .
هذا المرض وللأسف الشديد نراه في عالم الأدب بشكل صارخ ، فنرى عبر السنوات الثمان التي مضت ان هوس المنصة قد انتقل الى عالم الابداع.. واخص بالذكر بهذا الإتجاه البعض من الشعراء.. ففي كل مهرجان نرى المعاناة الحقيقية التي يتكبدها القائمون على هذا المهرجان أو ذاك ،فالأغلبية تريد ان تعتلي المنصة،حتى يصل العدد في بعض الجلسات الى أكثر من ثلاثين واحد ،والبعض يزعل إن لم يكن في المقدمة ، وكل واحد منهم يعتقد انه فك طلاسم الشعر وإكتملت تجربته العظيمة ، ولابد من تسليط الضوء عليها، والأغلبية يعتقدون ان ذواتهم الشعرية هي اكبر من كل الذوات الأخرى ..!، لا أحد يتنازل ،فهاجس السطوة على المنصة، مرض يسير في إنزمات البعض والعياذ بالله ..!
اذن من يحق له أن يمتلك المنصة..؟ ؛ انا اعتقد ان من يمتلك إن كان سياسياً أو مفكراً أو أديباً ، هو الإنسان الذي تبحث عنه المنصة..!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب