أن تعثر التحول الديمقراطي في بناء دولة ذات سيادة في العراق والذي تلا تغيير النظام السياسي فيه عام ٢٠٠٣م ، سبب ضمور الثقافة الديمقراطية وضحالتها عند النخب السياسية الجديدة سواءً كانت إسلامية أو غير إسلامية، فالنخب السياسية ( الجديدة ) الحاكمة لم تتوانَ عن فعل أي شيء من أجل البقاء في الحكم حتى وان سبوا البلاد والعباد . أما النُخب السياسية المعارضة والتي تلعب ضمن حدود اللعبة السياسية المتفق عليها مسبقاً وعلى اختلاف تياراتها فأنها وجدت من الحركة الأصلاحية فرصةً سانحةً لها للوصول إلى السلطة ولم تدرك أو لم ترغب في أن تدرك أن الهدف الأسمى للأصلاح هو البحث عن العدالة وكرامة الأنسان وإصلاح القضاء ومحاسبة المفسدين وإلغاء المحاصصة … ألخ
وهذا أن دل على شئ فأنما يدل على إصلاح النظام السياسي القائم كله ، لذلك نجد أن مهمة تعزيز التحول الديمقراطي في نظر الكتل السياسية الحاكمة هي ( الإطاحته به ) كحل قائم غير قابل للتغيير أو حتى المداولة من أجل بقائها في السلطة سواء أكانت مستعدة لخوض الأنتخابات القادمة أو مستعدّة للتحالف مع نخب سياسية أخرى سلكت طريق العلمانية في رسم سياستها وأن أختلفت معها في الرؤى والتوجه . أذن يا تُرى من يتحمل المسؤولية عن تدهور الأحوال الى هذه الدرجة هل يعني أن هوس ومرض التمسك بالسلطة بأي ثمن هو السبب أم أن ضيق المجال أمام نخب المعارضة السياسية لكي تأخُذ دورها في الساحة السياسية الخالية المعنى والمحتوى السبب . أن هدف الشعب الثائر إسقاط الاستبداد الحزبوي المتسلط بالدرجة الأساس وتحقيق متطلبات وأستحقاقات الشعب الطبيعية ضمن الحد الأدنى لها ، ولا يتحقق ذلك إلا في إيجاد دستور جديد بعيداً كل البُعد عن التوافقيات السياسية الحزبية القائمة ، لذلك تحاول الأحزاب السياسية إسلامية كانت أو غير أسلامية التهرب من حسم المسائل التي تتعلق بمبادئ وقواعد الديمقراطية والألتزام بها بسبب معرفتها مسبقاً بصعوبة كسب إرادة الناخبين مرة أخرى عن طريق صناديق الاقتراع التي جاءت نتيجة عدم قدرتها وتخبطها في إدارة البلاد وقد تأكد للشعب ذلك .
لقد فشلت القوى السياسية بالعراق في فهم ضرورة تفعيل مبدأ التحالفات السياسية فيما بينها وعلى أساس خدمة البلد ضمن المبادئ الديمقراطية التي أتفقوا عليها بادئ الأمر من أجل الوصول الى الهدف الأسمى والأكبر الا وهو تحقيق الوحدة الوطنية التي تمكنهم من مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه العراق وأن يتمكّنوا ولو لمرة واحدة من إقناع المجتمع بصدق نياتهم