23 ديسمبر، 2024 1:25 ص

هواجس ما بعد كورونا

هواجس ما بعد كورونا

ربما سيأخذ فيروس كورونا وقته وتنتهي الأزمة الصحية، ولكن بالمقابل هناك علاقة طردية بين طول أمد الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية التي يُرجح أن يشهدها العالم نتيجة تعطل النشاط التجاري العالمي بشكل عام.

أتصور أن الجائحة قد حركت ما كان ساكناً على مستوى العالم وبدأت بعض الملامح الأساسية لمرحلة عاصفة تطفو على السطح.

لربما ستتخطى تأثيراتها بلدان العالم منفردةً وفق حسابات كل بلد في النظام العالمي إلى ظهور تكتلات وتحالفات جديدة أو تبدل تسلسل الأولويات لتحالفات معاصرة ولربما سنشهد إنهيار تحالفات أخر.

لربما ستكون هناك خرائط جديدة على الأرض تتناسب مع تقلبات مرحلة ما بعد كورونا، تتشكل بتشكل النظام العالمي الجديد الذي سيخلف النظام العالمي الراهن الذي فشل في تحقيق التوازن لدرجة أن راشحاً مثل COVID 19 هز أركانه بكل يسر.

لسنا بحاجة إلى القول أن أمن الطاقة، كما هو دائماً، سيشكل ركيزةً أساسية في تسيّد النظام الجديد وهذا يقودنا مباشرةً إلى التفكير بمستقبل منطقة الشرق الأوسط والعراق بصفة أساسية وبقية بلدانه المنتجة للنفط والغاز.

يتوجب أيضاً أن نفكر بمستقبل إسرائيل في تلك المنطقة التي يختل فيها ميزان القوى لصالح الدولة العبرية، بمواجهة خصومها شرق الأوسطيين الذين تشكل بلدانهم جزءً أساسياً من أدبيات حلمها الكبير من الفرات إلى النيل. ترى كيف سيحققون ذلك الحلم؟ عبر سيادة فعلية أم ضمنية من خلال تحالفات إقليمية أم من خلال تفوق إسرائيل العلمي والتجاري؟

ترى كيف سيكون مستقبل الإتحاد الأوروبي؟ هل سيضعف أم أننا سنشهد مزيداً من حالات Brixit، حتى يتفكك بالكامل؟ أم أن ألمانيا وفرنسا ستفعلا حينها ما بوسعهما للحيلولة دون إنهيار الإتحاد؟

كيف ستكون العلاقة بين الصين والولايات المتحدة وروسيا، هل سيتقاسمون سيادة العالم، أم أن سبل الحوار بين الكبار ستتقاطع حتى تبلغ طريقاً مسدوداً ليس فيه مربع أول أو ثان حتى للعودة إليه؟ أم أن حرباً كبرى يجب أن تقوم وشعارها (هنيئاً سيادة العالم لمن يكسبها)؟

تُرى كيف ستكون خارطة الأديان على الأرض وفي عديد البشر وفي أنفسهم؟

أسئلة كثيرة ربما ستجيب عنها الأيام على امتداد قرن قادم من الزمن والله أعلم.

الشيء الوحيد الذي يمكن تأكيده الآن هو أن عالماً يتداعى وآخر يتشكل وكأن جائحة كورونا في وجهها السياسي، شهادة وفاةٍ وميلادٍ في آن.