يحكى ان غرابا اوصى ابنه الصغير بأن يحذر من الانسان اشد الحذر، فقال له: اذا رأيت انسانا ينحني الى الارض فاعلم انه سيتناول حجارة ليضربك بها، فماذا ستفعل، فقال الغراب الصغير : ساطير عاليا، ولكنني ساطير اذا رأيت الانسان ينحني ام لا، فاستغرب الغراب الكبير وقال: لماذا تطير اذا لم ينحن الانسان، فرد الغراب الصغير: لان بني الانسان كل واحد احجارته ابعبّه، وفعلا كل واحد احجارته ابعبه، تظهر الفضائيات بين فترة واخرى بعض المرشحين من على شاشاتها، وكل واحد منهم جايب احجارته وياه يضرب بها يمينا ويسارا، ومنهم من يدعى الى حلقة نقاشية فيبدأ بالشتم والسب والتشكيك بكل شيء، اكبر حرب في العالم لم تقل بسقوط خمسين طائرة، ولكن مرشحنا المثالي يقول ان خمسين طائرة عراقية وقعت في الانبار، والعراق لايملك مثل هذا العدد من الطائرات، يدعو لداعش والقاعدة وكانه يقول: اللهم انصر داعش والقاعدة، الناس جميعا تشكو ان الفرات انخفض منسوبه حتى اصبح في بعض الايام ساحات للعب كرة القدم والمرشح المثالي ينفي ان داعش تستطيع قطع المياه، جميعنا لانريد المالكي في ولاية ثالثة لان تجربة الثماني سنوات الماضية كانت سيئة جدا، ويتحمل المالكي الجزء الاكبر من فشلها، لكننا ياسيادة المرشح الذي لم تطأ قدمه ارض العراق الا الآن، نريد العراق، وانت تنظّر باتجاه خراب العراق.
المرشحون والنواب وغيرهم كل واحد شايل احجارته ابعبه يرمي بها هذا الوطن الذي كثرت جراحاته، فصارت الحال اسوأ بكثير من قبل، وبعضهم احجارته لاتضرب المالكي لانها لاتصل اليه، فيقوم بضرب الشعب كما هي حالة الكهرباء اليوم، لقد تردت محبوبة الشعب كثيرا، وعاد الليل حارا قاتلا، والكهرباء حجارة يضعها الكثيرون في جعبهم لاستخدامها سلاح ذي حدين، الحد الاول هو لضرب ابناء الشعب والآخر لتسقيط بعض السياسيين، لم يكن الكثيرون قد شهروا سلاحهم على العراق، لكنهم يحاربونه بنفس قاعدة كل واحد احجارته ابعبه، يضربها عندما تكون الظروف ملائمة، ودائما يدفع الثمن الشعب، تناحرت الكتل السياسية واختلفت فلم توقع الموازنة، لم يفعل قانون سلم الرواتب، وصندوق الاسكان اغلق ابوابه، ومشاريع اخرى كثيرة كلها تصب في مصلحة المواطن صارت بخبر كان، وهكذا بالنسبة للقضايا المهمة الاخرى، مايعني ان الديمقراطية في العراق كذبة كبيرة يدفع ثمنها المواطن ويتمتع بمميزاتها السياسيون.
من المؤكد ان السياسة لعبة قذرة تستخدم خلالها جميع الاسلحة، لكنها في العراق وصلت الى احط مرحلة، فصار الكذب منهجا للسياسيين يسيرون عليه طيلة بقائهم في مراكزهم وزراء او رؤساء او نواب، يكذبون ويجملون الكذب ثم يكونون اول المصدقين به، ولا ادري لماذا تحضرني حكاية الحجاج بن يوسف الثقفي مع اهل الكوفة حين جاءها واليا من عبد الملك بن مروان، وحين وقف ليخطب في الناس في مسجد الكوفة فحصبوه اي ضربوه بالحصى، وحينها ترنم ببيته الشعري المشهور:
انا ابن جلا وطلّاع الثنايا….. متى اضع العمامة تعرفوني
وهو لم يسر بهم اية سيرة بعد ولم يظلم احدا منهم ليستحق ضرب الحصى ، فانتفض ثم امر باغلاق ابواب المسجد، فقالوا له الحراس انهم من علية القوم مافيهم الا شيخ عشيرة او قبيلة، ولكنه صمم على اغلاق الابواب واول من جلد هم شيوخ العشائر والقبائل، فصارت الكوفة ترتجف من صوت الحجاج الى آخر ولايته عليها، ونحن نملأ جيوبنا بالحصى ونضرب بها من نريد بلا دليل او حرم او اي شيء فعله، ولدينا لحية الخيّر مكناسة، لا لشيء فقط لان كلا منا قد وضع احجارته ابعبّه.