23 ديسمبر، 2024 1:20 م

هواء في شبك شفناج من فوك وشفناج من جوّه

هواء في شبك شفناج من فوك وشفناج من جوّه

واصله ان سائلا جاء يستعطي من احد المثرين، فوجد الباب مفتوحا، فاطل منه، فرأى ربة البيت فوق سطح الدار، فقال لها: فقير وجائع، فقالت له: اذهب الله ينطيك، اني فوك، لوجنت جوّه، جان انطيتك، ورجع السائل خائبا، وفي اليوم التالي عاد الى نفس الدار، ورأى الباب مفتوحا، فاطل منه، فرأى ربة البيت في صحن الدار فقال لها: فقير وجائع، فقالت له: اذهب آني جوّه، لو جنت فوك جان انطيتك، فقال لها: عيني الله يخليج، شفناج من فوك، وشفناج من جوّه، وهذه المرأة تمثل بعض الاعلاميين خير تمثيل، وهؤلاء من الذين منوا الشعب بانهم معه، ولكنهم مع جيوبهم وهم في جيب اي احد يدفع اكثر، مثلا الاعلامي الذي يذم شخصية سياسية معينة في صحيفة تريد اسقاط هذا السياسي، او بالاحرى هي ارادة الجهة التي تقف خلف هذه الصحيفة، تراه يكتب لصالح تلك الشخصية في صحيفة تابعة لجهة تدعم هذه الشخصية، وبعض من هؤلاء الاعلاميين يحظون بحياة رخية وناعمة وهم يجلسون في دول اخرى مع عوائلهم وينظرون باتجاه خراب العراق، ويتكلمون باسم العراق، ويتهمون اعلاميي الداخل بانهم يلمعون احذية البعض.

انا اجزم ان الشعب العراقي في فترة التسعينيات مع ماكان يمر به من ضيق وضنك، وديكتاتورية، هو خير من الشعب العراقي حاليا، لسبب بسيط وهو ان الفرد الذي يمثل الدولة المدنية في كلا الفترتين، كان في التسعينيات قنوعا، ويبحث عن رزقه بطرق انظف واشرف من الطرق الحالية، وانا اشبه الفترة الحالية في العراق، بفترة الفتوحات الاسلامية التي اسهمت كثيرا في اسقاط الفكر الاسلامي وتفريغه من محتواه الانساني، حتى غدا دين جوار وغلمان وذهب وفضة، والقيت المبادىء خلف ظهور القوم، الغنيمة والخمس هما سبب ابتلائنا بلصوص متعددين، رأوا ان الخمس يسقط عنهم عقوبة السرقة، فصارت الرشوة غنيمة تخمس، وصار الاختلاس وسرقة المال العام غنيمة تخمس باخراج مبلغ معين، والصدقة ايضا طريق من طرق عديدة لشرعنة النهب والسلب في العراق، وهي تشريعات الهية محرفة كثيرا، حرفتها المؤسسة الدينية وايضا شرعنت لها بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، ليأتي دور الاعلام المشبوه الذي يمارس الانتقائية في طرح قضاياه الكثيرة، ويمارس العصبية الطائفية بشكل واضح وجلي في تسقيط الافراد، فصار الجميع سراق بنظر الاعلام ولكن سرقة اهون من اخرى، مايعني ان السرقة في منطقة تابعة لعصبية الاعلامي لاتعني شيئا امام سرقة في منطقة مناوئة له، وكذا

الفساد والشخصيات، وبحسب عرف بعض الصحف والفضائيات، فان السارق قبل 8 سنوات، كان لصا ومفسدا، وبعد تحالف الجهة التي تنتمي اليها الصحيفة مع الجهة التي ينتمي اليها اللص ، صار السارق شريفا وازيلت كل الخطوط الحمراء عن تصريحاته واقواله، بعض الاحيان تكون قاعدة ان السقوط يشمل الجميع بدون استثناء صادقة، لان الامر لايخلو من اثنين ، لص واضح، وصامت عن اللصوصية، او ربما نستطيع ان نمرر القاعدة على شرعنة القتل والارهاب ، قاتل واضح بحسب بيانات يصدرها، وصامت عن الجريمة او ربما اكثر من هذا حين يكون مبررا لها، ومن الطبيعي ان تصبح الانقسامات كثيرة ومتشعبة على اساس الدين والمذهب والفئوية، وهذا ماحدث قديما ويحدث الان، السرقة تبدأ خطورتها عندما تكون وفق ضوابط دينية او اخلاقية باعمال شرعية واحسن مثال على هذا، قول احد اللصوص لرجل دين جاءه يعرض سرقته عليه ويريده ان يشرعنها له، فرده رجل الدين ، فقال السارق شوفلها وجه، فقال رجل الدين : تف على هذا الوجه، ورجل الدين هذا لم يتلوث كما تلوث الاخرون.

على كل من يدعي النبوة والاصلاح في هذا الوقت من اعلاميين وسياسيين ان يقدم دليل براءته، احد عشر عاما رأينا الجميع فيها من فوق ومن تحت مثل ماكال صاحبنا المتسول: شفناج من فوك وشفناج من جوّه.