18 ديسمبر، 2024 7:47 م

يؤمن بعض مديري المدارس بالمغالاة في ممارسة اسلوب القسوة على الطلبة بهدف تنوير طريق المستقبل لهم ..احد المديرين اكتشف قيام طالب في احد صفوف مدرسته بمخالفة تتنافى مع اجواء الدرس واصول التربية التي ينادي بها ، ولما لم يتعرف على شخص الطالب وزع على طلبة الصف نظرات حيرى وكانوا قد اتفقوا على مقابلة تلك النظرات بالصمت خوفا من معاقبة زميلهم ..لم يثن صمت الطلبة مديرهم عن ايقاع العقاب بالمسيء فقرر ان يعاقبهم جميعا بالضرب الشديد لأخفائهم الحقيقة ..و في اليوم التالي ، قرأ طلبة المدرسة وأساتذتها ومديرها ايضا ماكتب على اعمدة المدرسة وجدرانها من عبارات تهديد للمدير واصيب المدير بصدمة وشعر بالاهانة فجمع طلبة مدرسته وطالبهم بالكشف عمن كتب تلك العبارات ولم يلق ايضا جوابا شافيا ففكر في معاقبة المدرسة كلها ..هنا ، تدخل بعض المدرسين العقلاء لينصحوا مديرهم بالتأني في استخدام العقوبة الجماعية لأن محاولته الاولى خلقت ضده نوعا من التواطؤ بين طلبة صف كامل فماذا سيفعل لو وقف كل طلبة المدرسة ضده ومارسوا معه مالم يتوقعه بهدف الانتقام منه ومن اساليبه المستفزة في التعامل معهم ..

خشية منه على نفسه وعلى كيانه كمسؤول استمع المدير الى نصيحة المدرسين وحاول امتصاص نقمة الطلبة عليه فبدا يعاملهم بالحسنى ويحل مشاكلهم بهدوء ، وبعد اقل من شهر ،تقدم احد الطلبة من المدير على استحياء ليعترف بارتكابه المخالفة الاولى واعتذر عن عرقلة سير العملية التربوية التي تسعى اليها المدرسة ..فوجئ المدير وفتش في اعماقه عن أي شعور بالنقمة على الطالب ليحاسبه فلم يجد شيئا من ذلك ..عندها ، سامحه وقرر ان يواصل العمل بسياسته الجديدة ..

اذا كانت هذه الحالة تبدو ايجابية وانتهت المشكلة فيها نهاية سعيدة ، فهناك حالات تجري في المدارس تنذر بكارثة تربوية وشيكة منها قيام بعض الطالبات في احدى مدارس البصرة المتوسطة بايذاء طالبة بطريقة عنيفة ووحشية لأن والدتها التي تعمل مدرسة في تلك الثانوية لم تساعد طالبة متقاعسة على النجاح ومنحتها استحقاقها بالرسوب.. لقد شهدت الهيئة التدريسية بتميّز المدرسة ونزاهتها وتكاسل الطالبة وتمردها فضلا عن كونها مسنودة بأوامر الوزارة التي تمنع معاقبة الطلبة مهما عظم الذنب وبانت آثار الاعتداءات وبمواقف الاحزاب وشيوخ العشائر التي تنصف المسيئين من الطلبة وتصب جام غضبها على التربويين (العزل) إلا من كتاب وقلم وبقايا كرامة يحاول المجتمع الجديد (المسلح) والمحمي جيدا بظهور قوية وعشائر متسلطة أن يهدرها …

اتساءل بعد ماجرى وسبقته حوادث عنف وخطف واقتتال عشائري عديدة في البصرة ، أمازال البعض ينادي باقليم للجنوب ؟…واذا تحقق ذلك ، كيف سيكون الحال فيه بعد أن نخرت تلك الحوادث المجتمع البصري وحولته الى فئات قوية واخرى مستضعفة ..هل سيكون اقليما منزوع السلاح يعمل على بناء الجنوب وتعميره أم سيكون ساحة للفوضى والعنف المسلح ..بصرتنا الحبيبة بحاجة الى من يعيد الى ثغرها البسمة ويخلصها من سلطة الميليشيات والعشائر المتنفذة ..ومن يدري ، ربما بدأ الامر بارباك الواقع التربوي واشاعة الفوضى بين الشباب لينتهي باضعاف الصخرة الجنوبية والتحكم بمصيرأهلها وتقاسم ثرواتها ..واضعاف الجزء هو اضعاف للكل ..للعراق كله ، وبالتالي لن ينفع تغيير اسلوب المدرسين في كسب طلبتهم ولا محاولات البعض المخلص لانقاذ مدينتهم …