23 ديسمبر، 2024 10:33 م

هناك.. قابلت الشهيدة أطوار بهجت!

هناك.. قابلت الشهيدة أطوار بهجت!

عن عوالمي الذاتية. عن دموعي الفائضة أكتب ..
أعتتذر بداية بأني سأهتك بياضك. كما يمس المطهرون الكتاب المحفوظ!
سأزعم بأني أعرفك حق المعرفة, اسمك وجذور عائلتك والحي الذي كبرت فيه, عن البيت الأول وذكريات الطفولة..عن أسماء صديقاتك وإلى أين كنت تسافرين وماذا تحبين وماذا تكرهين.. عن شكل قلبك ولمن كان ينبض ويكتب.. سأزعم بأني لم أعرفك من شاشة العربية أو الجزيرة فحسب. بل بأني أشرب تفاصيل حياتك كما كنت تشائين أن أعرف! سأواصل زعمي بمرافقتك في إحدى سفراتك والتسكع معا في كورنيش الأعظمية وفي الأزقة القديمة ونحن نلتقط الصور أمام سينما مهجورة أو بجانب باب ثانوية البنات.
 سأتوقف الآن عن افتراء المزاعم , فمن شأني أن أقدس الحقيقة ولك أن تطالبيني بها..!
الآن أرتفع عن سطح الأرض بألالف الأقدام. أتجه حيث يهوي فؤادي. بين بغداد وكعبة الله ! خفقي الذي نبض للعراق ولشهدائه ولك أنت بالذات! صورتك الأخيرة التي بثتها شاشات التلفاز وأنت تقفين بالقرب من مأذنة سامراء, تقاربينها في الارتفاع. تلمعين كنجم أعلن أفوله فور ما حُحزَّ العراق وهو يحيط برقبتك! هل يفهم هذا الليل الوحشي توهج روحك في جسد الحياة ؟ أرتفع وأنطق باسمك قريبا من ميقات الإيمان حيث تحج الأرواح وتعلو التلبية.. ” لبيك اللهم عمرة عن روح الشهيدة أطوار بهجت. ربي اجعلها عمرة مقبولة تامة ” لا أحد يشفق عليَّ وأنا أضع رأسي على منضدة الطائرة . أختلي بغطاء رأسي وأبكي.. لا أحد يعرف حجم قلبي وهو يكبر رويدا رويدا كنخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء. يكبر أمام باب المسجد الحرام ويخر ساجدا حمدا لرؤية تقاسيم وجهك المبتسم الوضاء ..

كنت تمتزجين بدمي الذي سبَّح بحمد الله, بذراعي اللتين تقاتلتا حتى تصل إلى الحجر الأسود وتقبل روحك! طفت بي سبعة أشواط وفي كل مرة كنت تتشبثين بأستار الكعبة تحت الميزاب وعند باب الملتزم. تبكين العراق والدماء والرحمة التي انتزعوها والحب المضاع..  تتوسلين أن تتحق الأمنيات. تسكبين العبرات ولا تبالين بصوت أنينك..

 أطوار الحبيبة. لن أصف لك ابتسامة الفقراء وأنا أضع في أيديهن صدقاتك, ولا ارتجاف روحك وهي تختم القرآن في الصحن الشريف.

 سأطلب منك العذر في إشراك نفسي بأدعية تخصني, لأني أعرف أين ترف روحك الآن وفي أي حواصل طير خضر تسرح وأي نعمى أن أتوسل باسمك عني..