23 ديسمبر، 2024 10:31 ص

هم لا يمتلكون أي شيء

هم لا يمتلكون أي شيء

هم لا يمتلكون أي شيء ويتركون كل شيء ورؤاهم ,بعكس ما يمتلكون كل شيء ولا يريدون تقديم أي شيء ولو كان بوزن حمصة .
يذكرني لقائي بأحد أبطال الحشد الشعبي المجاهد الذي التقيت به بالمستشفى لزيارته وللاطمئنان على صحته وهو مثخن بالجراح النازفة ووضعه الصحي بين الحياة والموت ,لا يملك أي شيء من حطام الدنيا سوى مسكن متواضع وبسيط وهو أجار ويدفع أجاره بعض المؤمنين ,يقف عند مسطر (العمالة) ليعمل وبأجرة (15) الف دينار يومية لا غيرها ,وأب لأربعة أطفال تركهم بعد فتوى الكفائي وقال لهم :لكم الله في عونكم ,سأذهب حتى تنعمون انتم وغيركم بالاطمئنان والاستقرار ,لكي لا يأتي أحد يغتصب عرضي وينتهك حرمتي وحرمة مقدساتي ,الإرهاب القادم لم يتأخر في ان يتاجر ويبيع ويشتري ببناتي في سوق النخاسة ,ذهب للقتال مبرءاً ذمته أمام الله وضميره ,حتى يخلد للنوم بعد شهادة يرزق بها مستريحاً ,وهو يقول لي : كنت أتمنى أن أنال شرف الشهادة ولا أجرح في المعركة ,وكأن الله غاضباً عني أولدي ذنب فأخر عني الشهادة ,أي روح هذه المتسامية فوق ملذات الدنيا ستترك الحياة وأهدافها الكثيرة والكبيرة ,وتريد الحياة في ذلك الوطن الواسع الذي ينتظرها فلا شقاء ولا عذاب ,انها الجنة التي وعد بها ,وليس تلك الجنة التي وعد بها الإرهاب الذي يستبيح ويقتل وينتهك انه الجحيم الذي ينتظرهم لما اقترفت ايديهم من سوء بحق الأبرياء والإنسانية ,هذا اللقاء يذكرني بليلة العاشر من محرم عندما اجتمع الأمام الحسين (ع) بأصحابه وهو يقول لهم : اما بعد فإني لا اعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت ابر ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزآكم الله عني جميعا خيرا ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ، ألا وإني قد رأيت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام ,هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم انما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري .

فيجيب احد الصحابة : سعد بن عبد الله الحنفي : والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله ( ص ) فيك ، والله لو علمت انى اقتل ، ثم أحيا ، ثم أحرق حيا ، ثم أذر ،

يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك حتى القي حمامي دونك ، فكيف لا افعل ذلك ؟ وانما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا .

هو نفسه الموقف وكأن التاريخ يعيد نفسه هم يدافعون عن قيم وثوابت ومبادئ ,ومعسكر آخر لا يمتلك ولا يصغي لأي خطاب فيه نبرة القيم الإنسانية ,انه معسكر الإرهاب الذي تجرد من كل مقومات الحياة ,جاء ليؤسس دولة على حد قوله قائمة على قتل الرضع وحرق الناس ,أنها دولة الدماء المستباحة بين الازقة والشوارع ,حشدنا هو حشد كل العراقيين الذي أعطى الدروس والعبر أن العراق ليس لقمة سهلة يتناولها كل من هب ودب ,ومن أراد ان يجرب فأن الغصة به ستقتله ,قد نصبر ونصبر …ونصبر …لكننا لن نستطيع على ثورة بركاننا أذا انفجرت وأنفجر معها صبر السنين ونحن نشاهد أحبتنا وهم يحتضرون تحت شظايا السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة دون ذنب ,ألا لأنهم لا يؤمنون بطريق الموت وبدولة الدماء المستباحة .