7 أبريل، 2024 6:47 ص
Search
Close this search box.

هموم عراقية : المصالحة هل في الدين ام في الوطن ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقطة (1) :
المبشرون المسيحيون في امريكا  يطرقون الابواب  في  ايام الاحد  يحملون معهم  كتيبات ملونة  عن سيدنا المسيح (ع) , كثيرا ما  طرقوا بابي , لي  حوارات  طويلة وممتعة  معهم  , تبدء بالضيافة العراقية  حيث القهوة  وتنتهي  باهدائي  القران الكريم  لهم مقابل منشوراتهم الدينية ,  لا  انا صرت مسيحيا ولا هم صاروا مسلمين . لكن الحوار  والنقاش  دائما يترك اثارا طيبة عند الجانبين  خصوصا في  معرفة  نقاط الاتفاق .
لقطة (2) :
 ليس عيبا  ان تكون شيعيا  او سنيا  , مسلما او مسيحيا او يهوديا,  لكن العيب ان تعتقد انك الافضل وانك في  الجنة والاخر في  النار ,  في  الاسلام  عدد لابئس به من المذاهب  اشبه ما تكون جامعات  فقهية  نشئت وتطورت  لاسباب  اجتماعية وسياسية  واقتصادية  , واخطر اسباب تدهور هذه المذاهب هو العامل السياسي  اي  عندما يتحول  المذهب  الى  حزب سياسي ,  وفي  الصراع السياسي  المخلوط  بالعادات والتقاليد القبلية والمصالح الشخصية   نكون امام ” انا او انت “,  الصراع السياسي حول  هذه المذاهب الى  احزاب  مع او ضد الحاكم , التاريخ ينقل لنا  منذ 14 قرنا  وحتى الان  قضية  الصراع  عند المسلمين وليس  الاسلام  وهو صراع سياسي  مغلف  بالدين  , المشكلة  تكمن  في  تقديس الاشخاص  بالتالي  صار  من الصعب  على الباحث الاسلامي  ان  يكون موضوعيا  في  دراسة اي  شخصية اسلامية  وكشف الحقائق التاريخية , ولن تكون هناك مصالحة في  الدين  حتى نهاية الدنيا  الا  اذا  استطاع الباحث الاسلامي  رفع القدسية عن الاشخاص  والتاريخ  ومناقشة الامور بموضوعية وعلمية  وصولا الى  نتائج يقبلها العقل , عشرات بل  مئات المؤتمرات  عقدت بين  علماء  المذاهب الاسلامية  لكنها  انتهت  الى  الفشل بسبب خضوعهم الى  السياسة او خوفهم من  عامة الناس  الذين  ورثوا من المذاهب  صراعاتها الطائفية وليس الفقهية . الوحدة الاسلامية  السياسية او  المذهبية لن تتحقق  بالتالي  المصالحة في  العراق  يجب ان تكون على  اساس  الوطن وليس الدين.
لقطة (3) :
عندما وصل  الامام الراحل السيد الخميني الى  السلطة في  ايران  كان احد اهم شعاراته الوحدة الاسلامية . منذ اكثر من ثلاثين عاما والوحدة الاسلامية  لم  تتحقق  والدليل الواضح على ذلك وضع المذاهب السنية في  ايران .  قبل  ايام  رد السيد مقتدى الصدر على  رسالة  وصلته من ” مسلمي الفلوجة ”  بالقول  بانه سيعمل  على  توحيد الاذان وايام العطل وامور اخرى , لكن  السيد علي  شلاة رد مباشرة على  هذا التصريح بالقول  ان هذه الامور يجب ان يتفق عليها علماء  المذاهب الاسلامية  وليس طرف واحد فقط على  الرغم ان السيد شلاه ليس  رجل دين بل عضوا في البرلمان العراقي  وناطقا عن جهة سياسية حزبية .
لقطة (4) :
منذ سقوط النظام العراقي  السابق  وحتى الان نحن نسمع مصطلح المصالحة الوطنية  , ولم يتم تحديد المقصود بالمصالحة , هل  هي مصالحة  بين الطوائف  او الاديان او القوميات ؟  بل لم  يتم اعلان اصل المخاصمة من اجل معرفة  كيفية انطلاق  المصالحة من حيث الشكل والمضمون , ترى  ماهو المقصود بهذه المصالحة الوطنية  ؟ لابد ان يكون القصد هو المصالحة السياسية  بين النظام القديم والنظام الجديد لكن يبقى السؤال  لماذا  هذا اللف والدوران  في  هذه الموضوعة الحساسة  لماذا لا نطرح المفهوم  الحقيقي  لها من اجل ايجاد خارطة طريق  وصولا الى  الضفة الاخرى .
لقد مرت دول وشعوب  بمراحل اقسى واشد مما مر  به الشعب العراقي  , جنوب افريقيا  , راوندا , يوغسلافيا  السابقة  لكنها استطاعت العبور من الماساة الى  حياة اكثر استقرارا بسبب توافر عاملين مهمين , الاول  : القيادة , الثاني  : الاستعداد الجماهيري  لتحقيق المصالحة الوطنية  وطي  صفحات الماضي الاليمة.
العراق  بحاجة الى  قيادة تملك  مشروعا  وطنيا  وتملك الشجاعة الكافية  على  اعلانه , مشروعا  يطوي  صفحات الماضي الاليمة  تقوم الحكومة بتعويض  المتضررين من  الحقبة السابقة  وتفتح صفحة جديدة قائمة على  اساس  ان الجميع  متساوون امام القانون  في  الحقوق  والواجيات .
العراق  بحاجة الى  جماهير  تملك الاستعداد لطي صفحة الماضي  ,  الانتقام والثار  حلقة متصلة باخرى ولن يتوقف فيه دولاب  الدم ابدا ,  البعث  حقبة زمنية ولت وانتهت  وتم معاقبة  كبار رموزه بالتالي  يجب النظر الى  المستقبل وعدم الالتفات الى الوراء  . حقبة البعث  يجب ان تسلم الى  القضاء  وليس  الى  الاحزاب  السياسية  ,  لا يمكن ان تكون الخصم والحكم في  نفس  الوقت , اما خصما او حكما ,
من المستحيل ان نتحدث عن مصالحة وطنية  اذا  كان الخصم سياسي ( البعث  )  ثم ندعو هذا  البعث الى التوبة واعلان البراءة  لجهة سياسية معينة , هذا  عين الاسلوب  الحقير الذي استخدمه النظام السابق مع معارضيه  وعوائلهم   , النظام السابق الذي  خاصم شعبه  بالتالي  وقف الشعب على التل يراقب قوات اجنبية جائت من وراء  المحيطات البحار  لاسقاطه .
لقطة (4) :
السيد الخزاعي  مسؤول  ملف  المصالحة الحكومية  , صرح قبل ايام ان المصالحة  ستنتهي  بعد الانسحاب  الامريكي  وان جميع الفصائل التي  تحمل  السلاح بعد الانسحاب  ستكون خارجة عن القانون . وقبلها  صرح في  مؤتمر في  البصرة  ان مجاميع مسلحة سلمت اسلحتها الى  الحكومة ودخلت في  المصالحة الوطنية  دون ان يذكر من هي  هذه المجاميع وهل  هي  حركات سياسية او عصابات ام قطاع طرق ؟
الحكومة العراقية تستخدم هذا الملف للدعاية السياسية فقط , هي لا تملك مشروعا ولا تملك الاستعداد النفسي ولا الكوادر المهنية لانجاز هذا الملف الخطير, عندما ضغط الامريكان على الحكومة حول الملف قامت الحكومة العراقية باستدعاء احد المعارضين  من فرنسا وعقدت مؤتمرا ووعدته بامور كثيرة ثم رمته الى فنادق بغداد , وقالت للامريكان نحن في طريقنا للمصالحة الوطنية .
لقطة اخيرة :
السيد رئيس البرلمان العراقي يريد عقد اجتماع لبرلمانات  , ايران والسعودية وتركيا وسوريا  من اجل تقريب وجهات النظر السياسية , لا شك انها خطوة مهمة لاهمية هذه اللقاءات بين العراق والجوار الاقليمي لكن كان من الافضل والاحسن بل من الحكمة ان يطلق السيد النجيفي مبادرة وطنية داخل العراق  لجمع الشمل العراقي اولا , رئيس البرلمان يفترض يمثل الشعب العراقي بالتالي عليه ان يلم الشمل العراقي  , مبادرة للجماهير وليس للاحزاب الحاكمة , الاساتذة في الجامعات والوجوه والشخصيات الوطنية والناس العاديين من اجل مناقشة مصير العراق عن طريق طرح المشاكل و ايجاد الحلول , كلما كان العراق قويا كلما خف تدخل دول الجوار بشؤونه الداخلية  , حين ذلك يكون الاجتماع مع دول الاقليم اكثر نجاحا  حيث العراق هو القلب والعقل في هذه المنطقة .
سفرة واحدة للسيد النجيفي والوفد المرافق له  ربما اكثر كلفة مالية من عقد مؤتمر جماهيري  لجمع الشمل العراقي , مثل هذا المؤتمر سيكون اشبه بالاستفساء الجماهيري حول المصالحة وامور اخرى .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب