23 ديسمبر، 2024 12:47 ص

(همشرية) ترامب، مرارة أم حلاوة؟؟

(همشرية) ترامب، مرارة أم حلاوة؟؟

ما هو أسوا المتوقع من الرئيس الأمريكي الجديد؟ لنأخذ المسألة بروح رياضية، ونستعرض أهم ما يخيف حكوماتنا العربية وأجهزة إعلامنا وكتابنا ومحللينا من (همشرية) ترامب، ومن بعض ما تعهد به في حملاته الانتخابية من سياسات ومواقف.
فليس يعنينا ما وعد بقطعه أو وصله في الداخل الأمريكي. ولا ما قال إنه سيأمر بإلغائه أو تعديله أو إعادة دراسته من مخلفات الراحل باراك أوباما. ولا شأن لنا، نحن عرب القرن الواحد والعشرين، وعرب القرن السادس (عرب الخلافة الراشدية)، بعلاقات إدارته المستقبلية مع المكسيسك وكندا وأوربا واليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وروسيا والصين.
وليس من السهل على شعوبنا وحكامها وإعلامها اكتشاف بطلان كل أو أكثر ما تروج له (سي إن إن) و(ياهو) وصحفٌ أمريكية كنا إلى الأمس القريب نعتقد بأنها عملاقة، وذات ضمير مهني حي يحترم المهنة ويحافظ على شرفها ولا يغش الملايين من قرائه ومشاهديه. ألم تروا كيف انحدرت هذه الصروح الإعلامية (الضخمة) إلى الحضيض المهني والأخلاقي والوطني؟، وكيف بانت حقيقة القلعة الدولية العظيمة (سي إن إن)، وهي تقلد قناة (الجزيرة) التي ظلت أمدا طويلا تتصيد أية (حبة) لتجعل منها (قبة) لتقنع المصريين، قبل غيرهم من عباد الله، بـ (شرعية) محمد مرسي، وقرب سقوط (ديكتاتورية) السيسي وعودة الخلافة الإسلامية من جديد؟
ومع ذلك نفاجأ بصحفي عربي يطالب بالتحرك العاجل والشامل لحماية الصحافة والصحفيين من (عدوانية) ترامب، حتى وهو يشاهد ويقرأ تَهافتَ الصحافة التي شتمها ترامب، وخيانة صحفييها لشرف المهنة، وهبوطهم بها إلى أسفل سافلين.
ما يعنينا من سياسات ترامب القادمة، نحن عرب القرن الواحد والعشرين، وعرب القرن السادس الميلادي، فقط ما يمس قضايانا المصيرية الثلاث، أمن شعوبنا، ومستقبل دولنا، واحترام كراماتنا وعقائدنا وثقافتنا، وعدم التعدي، بالباطل، على أي حق من حقوقنا، بأي شكل من الأشكال.
قال 1- سأزيل الإسلام السلفي التكفيري المتطرف من على وجه الأرض. 2- إن أول أولوياتي القضاء على داعش. 3- سنقوم بترحيل جميع المهاجرين غير القانونيين وغير الشرعيين، 4- سننقل سفارة أمريكا إلى القدس، 5- سنقيم مناطق آمنة في سوريا، وعلى دول الخليج العربية الثرية أن تمول ذلك، 6- لن نحمي أمن أية دولة في العالم، وضمنها دول الخليج العربية، بدون مقابل. فهل في ذلك كله ما يستدعي أن نُعد لحربه ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل؟.
والآن تعالوا نُفصل كل نقطة، ونمحصها بروح رياضية، وبعقلانية وهدوء.
ألا تهتف جماهير أمتنا العربية، وتنادي حكوماتنا، من المحيط إلى الخليج، بمحاربة السلفية التكفيرية الإرهابية، أم إن هتاف الجماهير ومناداة الحكومات زور في زور؟
فهل ما زال بيننا من ينكر أن ما فعلته داعش، وما تفعله، همجية وتخلف وفساد وظلم؟ ثم ألا يقول كثيرون منا إنها صناعة إيرانية أسدية أوبامية؟ إذن لماذا لا نتمنى أن يَصدق ترامب ويرمي بكل جبروت أمريكا العسكري في المعركة، فيقتلع داعش من جذورها، ويريح ويستريح؟
أما عن طرد الأجانب غير الشرعيين فالمقيم في أمريكا أكثر من المقيم خارجها يعرف أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعمد كل عام أو عامين على تسوية أوضاع المخالفين لشروط الإقامة، وتمنح البطاقة الخضراء لمن يثبت أن سجله خالٍ من أية جريمة يعاقب عليها القانون، بغض النظر عن دينه وجنسه ولونه والبلد الآتي منه. وإدارة ترامب لن تفعل إلا ما دأبت على فعله الإدارات السابقة. والذي سيتم طرده، بعد ذلك، لابد أن يكون ضيفا لم يحترم ما للضيافة من قواعد وأصول، ويستاهل الطرد، ولن يُغضب أحدا منا ذلك، أو يُضره بشيء.
وهنا يأتي الحديث عن سفارة أمريكا، وعن القدس. فقد اعتدنا على أن جميع الإدارات المتعاقبة كانت تعد بذلك، قبل تسلمها السلطة، ثم لا تفعل ذلك. وحتى لو فعلها ترامب، وقد يفعلها، فذلك لن ينزع هوية القدس العربية، ولن يسقطها من الحل الذي لا حل سواه، وهو حل الدولتين. فمهما كابر نتياهو، ومهما بالغ ترامب في مغازلة اليهود الأمريكيين المتنفذين، فلن يستطيع أي منهم، أن يمنع النهر من الجريان إلى مصبه الأخير. مع الأخذ بالاعتبار أن الإدارات الأمريكية، كلها، إسرائيليةُ الهوى والهوية والمصلحة، أينما كانت سفارتها. ولا يُنكر ذلك إلا من يدفن رأسه في الرمال.
أما سماح الفاشل المتكاسل المتخاذل الرئيس الراحل باراك أوباما بصدور قرار مجلس الأن الدولي ضد الاستيطان فلم يكن إقرارا بحق، ولا صحوة ضمير، ولكنه كان مشاكسة وتصفية حساب سياسي مصلحي ورصاصة وداع لنتياهو. فهو يعلم بأن إدارة ترامب، وأية إدارة أمريكية أخرى، لن تحترم ذلك القرار، ولا المجلس الذي أصدره، حالـُها فيه كحالها في مئات القرارات الدولية المشابهة التي لم تضعها أمريكا على رفوفها العالية، بل رمتها في سلال الورق المعدوم.
الشيء الواحد الذي نتمنى أن يصدق ترامب ووزراؤه ومستشاروه في تنفيذه، وعلى الفور، هو إقامة مناطق آمنة في سوريا، بالتوافق مع (حبيبه) ومَثـَله الأعلى، بوتين، وإنهاء العبث الإيراني بسوريا والمنطقة. وفي هذه النقطة بالذات لا أحد يتوقع أن تتأخر دول الخليج الغنية، متطوعة، عن دعم هذا الحل.
وأخيرا، لو قام ترامب، فعلا، وليس قولا فقط، بلجم النظام الإيراني العدواني الرجعي السلفي التكفيري الوهابي الإخواني، وأعاد للمنطقة أمنَها واستقرارها، هل بيننا من يعترض؟ وهل منا من يرفض أن يزغرد له لا عليه؟؟