22 ديسمبر، 2024 7:34 م

سقط الغيث، فأستبشرنا خيراً، وقلنا لعل هذه القطرات تروي عطش ارضنا، وتنبت الأزهار من جديد، بعد غياب طويل، فيكون هذا العام عام النصر، الفرح، و الزهور.
قطرات نسمعها تتساقط، فتبعث فينا الحياة، فقد سأمنا الموت واشتقنا للحياة.

قطرات تطرق نافذتي، فتدفعني للخروج لأقف تحتها، وارفع يدي الى الأعلى كما الأطفال، لعلي امسك بعض القطرات.

نعم هذه المرة أصوات عالية، وضوء يخطف الأبصار، لكنه يختلف عن تلك الأصوات التي تعودنا سماعها منذ سنين، او اضواء الأنفجارات التي لم تفارقنا طوال السنين العجاف ، انها اصوات واضواء تأتي بأمر من رب هذا الكون ، الذي لا يظلم عنده احد

تغيرت رائحة الأرض، فراح عبيرها يشدوا في كل مكان، بعد اعوام من رائحة الدم التي تزكم الأنوف.

تذكرنا اناشيد الطفولة التي كنا نرددها
مطر مطر مطر في النعمة أنهمر

أنه المطر الذي اشتقنا اليه، كأشتياق الصائم في شهر تموز للماء
تأملنا خيراً، وقلنا بهذه القطرات، تغسل ارضنا من الدماء، ويختلط عطاء الله بعطاء الشهداء، فتنبعث حياة جديدة، لبلد تعود ان تسقى ارضه بالدم.

قلنا بعد هذا المطر، قد تكتفي ارض السواد منا، وتترك قرابينها التي طالما كانت تطلبها، ودائماً ما كنا نلبي لها ما تطلب.
لكن هيهات ان تقبل، فلا لون غير لون الدم يعجبها، ولا رائحة غير رائحة الموت تتنفسها.

قرروا اعداء الحياة ان يسلبوا فرحتنا، فاستبدلوا قطرات المطر، بقطرات الدم، وان يجعلوا اضواء الأنفجارات بدلاً عن ضوء البرق.

فغدروا كما غدر اجدادهم بأبي عبدالله، وحولوا فرحنا بالمطر، الى حزن وهمس بارد، لا تكاد تسمع منه الأ القبيح.

شباب راح ضحية لمن يأبى ان ينعم العراق بالسلام والحياة، شباب قتل لأنه يريد الحياة، من اشخاص اقل ما يقال عنهم انهم اعداء الحياة

شباب قتل ليزرع بسمة، وشباب يقتل ليصنع دمعة، وشتان بين من يصنع الحياة وبين من يصنع الموت.

ان قتلانا في الجنة، وقتلاهم بالنار، لكن السؤال هنا
الا يستطيع الشاب ان يدخل الجنة دون ان يقتل؟.
الا يستطيع الطفل ان يحضى بدعم ورعاية دون ان يكون ابن شهيد؟.

الا يمكن للزوجة ان توفى جزاء الصابرات، وهي تربي ابناؤها، دون ان تكون زوجة لشهيد؟.
نعم كل ذلك ممكن، وممكن جداً، لكن اعداء الحياة يأبون ذلك

كلمة قالتها سيدة المقاومة منذ اكثر من الف وثلاثمائة عام، وما زال صداها يرهق اذان الظلمة، ويقلق نومهم
( اسعى سعيك، وكد كيدك، فوالله لن تمحوا ذكرنا)
وهي حتماً لا تقصد ال البيت وحدهم، انما تقصد جميع من يسلك طريقهم الى يوم القيامة.

فناموا قريري العين أيها الشهداء، فقد التحقتم بسيد الشهداء.
اما انت أيها العراق العظيم، نستحلفك بالأنبياء الذين دفنوا فيك، والأئمة الذين سفك دمهم على ترابك
الأ كففت يدك عن شبابنا، لقد ارهقتهم واتعبتهم، وما زلت تصرخ هل من مزيد، فقد اعطينا بما فيه الكفاية، ولم يعد بالوسع أن نعط اكثر
اترك دمنا، و ارتوي من قطرات المطر.
فلم يعد هناك المزيد