22 ديسمبر، 2024 8:48 م

هل يُمكننا الحديث عن وطنيّة التعليم العالي العراقي

هل يُمكننا الحديث عن وطنيّة التعليم العالي العراقي

في ظل تحوّل وِزارة التعليم العالي وجامِعاتِها إلى دكاكين للأحزاب الطائِفيّة والعرقيّة؟!..

عندما نلقي نظرة على القرارات الأخِيرة التي تم اتّخاذِها من قبل وزارة التعليم العالي العِراقي نستطيع التوصّل إلى قناعة مفادها أنّ الوِزارة لازالت تُعاني من تخبّط وعدم وُجُود خُطة وسِياسة تعليميّة واضِحة لها في مُواجهة الانحِرافات التي عصفت بهيكليّة القيادات التعليميّة العامِلة فيها والتي تحوّلت من قيادات تعليميّة إلى قيادات سِياسيّة تعليميّة لا تُجيد وضع خُطّط تعليميّة تُترجم على أرض الواقع ولا تُجيد التّعامُل مع مُتطلبات الجامِعات من الكوادِر العلميّة للنُهوض بِها وطنيّاً بل صارت همّها الأول والأخير تحويل الجامِعات وكُلياتِها وأقسامِها المُختلِفة إلى دكاكِين سِياسيّة وفقاً للمعيار الطائفي والعرقي والحزبي وخيرُ مِثال على ذلِك التقسيم الإداري في جامِعة كركوك تتم وفق المِعيار العرقي للأحزاب السياسيّة فرئيس الجامعة من القومية التُركُمانيّة وله مُساعدين أحدهما عربي والآخر كردي والأدوار تتغيّر نُزولاً إلى عمادات الكُلِيات ورؤساء أقسامِها وأما في الجامِعات العراقيّة الموجودة في العاصِمة بغداد تتوزع المناصِب الإداريّة فيها عكس جامعة كركوك وفق المِعيار الطائفي للأحزاب السياسيّة عربي سُني وعربي شيعي وفي جنوب العراق التي يقطُنها الأكثريّة الشيعيّة تتوزع في جامِعاتِها المناصب الإدارية وِفق مِعيار الإنتِماء للأحزاب الشيعيّة لكون مُعظم العاملين في الجامِعات من الطائِفة الشيعيّة ونُوّاب الشعب في البرلمان العراقي يتحدّثون عن انجازات السيد وزير التعليم العالي قصي السهيل الذي فضّل في الآونة الأخيرة كفة مصالح الطلبةِ على مصالح الاساتِذة الجامعيين لكونِهم البقرة الحلُوبة في الانتخابات- ونحنُ هُنا لسنا ضد مصالِح الطلبة بل نحن مع الطالب ومع الوِزارة في حالة اتخاذها قرارات ذو التوجّه التّعليمي وليس ذو التوجّه الحِزبي- أي ترجيح الكفة الرقميّة للطالب على الجودة العلميّة للأستاذ وهو ما يتعارض مع ثلاثة خطوات أقدمت عليها وِزارة التعليم العالي في الفترة الأخيرة الخُطوة الأولى تتمثلُ في اطلاق استمارة التعينات لحملة الشهادات العُليا والخُطوة الثانيّة تتمثلُ في فصل الدِراسات الصباحيّة عن الدِراسات المسائيّة لتوظيف الكفاءات العلميّة كعُقود والخطوة الثالِثة تتمثلُ في إرسال كتاب رسمي إلى مُلحقياتِها الثقافيّة الموجودة في الخارج لتشجيعِها الحاملين للألقاب العلميّة والعاملين في الجامِعات الاجنبيّة على العودة إلى العراق والعمل في جامِعاتها المُختلِفة -رقم الكِتاب وعددِها موجود في الموقع الرسمي للمُلحقيّة الثقافيّة في أنقرة- فالخطوة الأولى تتعارضُ مع الخُطوة الثانيّة لِكون وِزارة التعليم في خُطوتها الأولى تُشجع الكفاءات العِلميّة للتقديم على الملاك الدائِم للجامِعات وفي خُطوتها الثانيّة تُشجع نفس الكفاءات العلميّة على التعاقُد مع الجامِعات في الدِراسات المسائيّة وفي خُطوتها الثالِثة تُشجّع الكفاءات العلميّة العِراقيّة العامِلة في جامِعات الخارج على العودة إلى أرض الوطن والعمل في جامِعاتِها ونحن مُتأكِدون أنّ هذه الكفاءات سوف لن تعود وبتفعيل الخطوة الأولى لا الثانيّة سيتم معها سد النقص الحاصل في الدِراسات الصباحيّة والمسائيّة معاً وبالتالي الاستِغناء عن الخُطوة الثالِثة تحت عِنوان بديلنا جاهز لحلِ مُشكِلة الكفاءات العلميّة.