18 ديسمبر، 2024 7:22 م

هل يُمسك عبد المهدي بهذين المفتاحين؟

هل يُمسك عبد المهدي بهذين المفتاحين؟

هذا منهاج حكومي جيّد وربما ممتاز… إلى درجة أن الحكومة الجديدة إذا ما استطاعت تطبيق نصفه فقط في أربع سنوات، هو كل عمرها، فإنها ستكون قد حققت للعراق والعراقيين المُعجزة المنتظرة منذ خمس عشرة سنة.
نعم، بنصف هذا المنهاج لن يكون هناك ضوء في نهاية النفق حسب، إنّما سيغرق النفق من أوله الى آخره بالضوء الباهر، ولا يعود ثمة نفق في الأساس.
كلّ شيء مدروس ومرتّب ومصنّف ومجدول على نحو صحيح تقريباً في هذا المنهاج .. ولكن، مَنْ سيضمن وكيف سيضمن أن يتحوّل القول إلى فعل؟.. هذه هي المسألة، بل المعضلة.
منهاج حكومة عادل عبد المهدي ليس فريداً ولا هو الأول من نوعه.. لدينا ثلاثة مناهج حكومية سابقة لا تختلف إلا قليلاً عن المنهاج الجديد، وهي كانت جيدة أيضاً في وقتها، لكن لا حكومة نوري المالكي الأولى حقّقت نصف منهاجها في أربع سنوات ولا حكومة المالكي الثانية فعلت ذلك، بل كانت حصيلة تلكما الحكومتين سلسلة من الكوارث الوطنية، بينها تفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في الدولة والمجتمع طولاً وعرضاً وعمقاً، والاحتلال الداعشي لثلث مساحة البلاد وصولاً الى مشارف العاصمة بغداد. ولم تختلف حصيلة حكومة الخلف، حيدر العبادي، كثيراً إلا في حدود تحرير الأرض من “دولة” داعش، من دون القضاء تماماً على خطره الذي لم يزل مُطلّاً برأسه حتى أنّ الحكومة الجديدة المنتظرة وضعت “محاربة الإرهاب” ضمن أولوياتها ، متعهدة بـ ” تكثيف الجهود الرامية لاستئصال خلايا الإرهاب ومنع عودته بأي عنوان أو شكل أو اسم. ولهذا الغرض إيلاء أهمية خاصة للاستمرار في بناء القوات المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة وبقية القوى المتصدية للإرهاب”.
على الدوام كان الكلام، في المناهج الحكوميّة منذ 2006، جميلاً ومنمّقاً ومرتّباً ومصنّفاً ومجدولاً، لكن عند التطبيق يُطاح بهذا كله وينصرف أهل الحكومة عن منهاجهم إلى شؤونهم الخاصة والحزبية والى امتيازاتهم وفسادهم فيما يبقى الشعب، هدف المنهاج الحكومي وغايته، في حال تشبه حال البطة السوداء وأبنائها.
بين كل الأولويات الموضوعة في منهاج الحكومة الجديدة أظنّ أنّ ما ينبغي وضعه نصب الأعين والشروع به منذ أول يوم تتولّى فيه الحكومة الجديدة مسؤولياتها، تأكيد سلطة القانون، ومكافحة الفساد الإداري والمالي.
مفتاح تأكيد سلطة القانون فرض الاحترام التام والكامل لنظام المرور. عدم احترام نظام المرور الذي يتعامل مع الناس كلهم على مدار الساعة، يعني عدم احترام الدولة بكل سلطاتها وهيئاتها وأنظمتها وقوانينها، ويعني سقوط هيبتها ، وإذا ما فقدت الدولة احترامها وخسرت هيبتها لن يكون في وسعها فعل أي شيء، بل إنها ستغري المزيد من الخارجين على القانون بالتجاوز عليها وعلى حقوق الناس.
أما مفتاح مكافحة الفساد الإداري والمالي فيكمن في فتح ملفات الفساد الكبيرة المؤجّلة التي ترتبط بكبار الفاسدين (كبار المسؤولين). ما لم يرَ الفاسدون والمفسدون بأمّ العين أنه ما مِن أحد فوق القانون لن يكون ثمة شيء اسمه مكافحة الفساد من الآن الى الأبد.
بالطبع هذا كلّه يتعيّن أن يقترن بتوزيرالأشخاص المناسبين، النزيهين والأكفاء والخبراء.
إذا لم يُمسك رئيس الوزراء الجديد بهذين المفتاحين منذ يومه الأول لا ينبغي له أن يُجهد نفسه في أي شيء آخر.