23 ديسمبر، 2024 11:13 م

هل يَصلـُح ُ الزاد إذا المِلحُ فسد ؟

هل يَصلـُح ُ الزاد إذا المِلحُ فسد ؟

في مؤتمر صحفي عقد بتأريخ 16/9 أدلى نائب رئيس جمهورية العراق بتصريح مفاده أن معدل صادرات العراق من النفط هو ثلاثة ملايين برميل يومياً وفي حال وصول صادرات العراق في المستقبل إلى معدل ستة ملايين برميل يومياً فإن خزين العراق النفطي يكفي لما بعد (165) مئة وخمسة وستون عاماً قادما  ، علماً أن معدل سعر البرميل الواحد حالياً هو 120 دولار ما يعني أننا سنعيشُ حياة رغيدة اليوم وحتى قرنين قادمين من الزمن .
كان هذا جانبٌ يسير مما تضمنه تصريحُ الخزاعي في معرض ترويجه لوثيقة الشرف المزمع توقيعها والتي أعلن رئيس وزراء العراق الأسبق أياد علاوي بنص قوله ( أننا لسنا معنيين بها ) ..؟؟؟
والآن دعوني انقل لكم لسان حال الشعب في الأمر : أما علمتم يا ساستنا أن من يحكم العراق فقد ملك الجهات الأربعة ولكن ترسخت القناعة التي لا يشوبها الشك ، لو كان عدد صادرات العراق من النفط أضعاف مضاعفة لهذا الرقم ولو بلغ سعر البرميل الواحد أرقاما مهولة من الدولارات فيستمر الفقر المدقع للشعب يقابله الثراء الفاحش لمن نصبهم القدر على حين غرة وفي غفلة من الزمن على مقدرات الشعب المبتلى والأدهى من هذا أن آلة القتل والتفجير والإعتقال والتهجير لن تتوقف ولن تكل أو تمل والخاسرُ الأكبرُ في هذه المعادلة هو شعب العراق ..؟؟ فديمومة السلطة مرهون بإختلاق الأزمات وإفتعالها وتأجيج الفتن وبث روح الفرقة والعزف على أوراق التشرذم ..؟؟
أما علمتم أن من يتفوه بكلمة تحمل سمة التحريض يكون كمن يُلقى حجراُ في بركة ماء سرعان ما تتشكل إثرها أطواقٌ ودوائر تكبر وتكبر لتنعكس ابعادُ تلك الكلمة على أرض الواقع وتترجم بأحزمة ناسفة وعجلات مفخخة وعبوات لاصقة وأخرى قافزة وكواتم قاتلة وإطاراتِ حارقة ومناشير ناحرة والكل ومن جميع الأطراف والأطياف يكبر ويهلل إثر فعلته ويرفع صوته بالصلاة على محمد وآل محمد (المبعوث رحمة للعالمين …) ليخيم شبح الموت برائحته التي تزكم الأنوف فالموت لا يفرق بين شيعي وسني ولا بين مسلم وغيره كما أنتم تفعلون يا ساستنا ، ويقيناً أن الخاسر الأكبر هو شعب العراق المذبوح من الوريد إلى الوريد …
والآن نتوجه بالخطاب إلى ساستنا أما علمتم أنه بفضلكم فقد نشأ جيلين ويزيد ممن رضعوا الطائفية واُشربوها فأصبح أهل السُنة هم الفوبيا التي تؤرق الشيعة ، وأصبح الشيعة هم الغول الذي يقض مضاجع السُنة وفي هذه نجحتم فهنيئاً لكم هذا النجاح الباهر المضمخ بالدماء والآهات والعويل الذي خلف ملايين اليتامى ومئات الآلاف من الثكالى والأيامى ، ويقيناً أن من زرع لابد وأن يحين أوان حصاده …
ومما يحزُ في نفوسنا ويجعلنا نبكي بدل الدموع دماً نحن البقية الباقية من الأجيال التي تنتمي إلى (أربعينات ، وخمسينات ، وستينات ، وسبعينات حتى ثمانينات القرن العشرين ) أصبحنا علامة ً فارقة وللأسف في سعينا الحثيث بكل ما نملك من فصاحة لسان وقوة حجة ورباطة جأش وأقلام سخرناها خدمة للعراق وأهله بمجرد أن نذكر أن السُنة والشيعة يجسدهما نهري العراق دجلة والفرات لابد وأن يلتقيان لتكوين حالة جديدة كشط العرب ….. يأتينا الرد الذي يوشك أن يُصيبنا بالإحباط : ( أنكم تنتمون إلى جيلٍ لا زال يعيش أكذوبة العصر الكُبرى القائلة إخوان سنة وشيعة ؟؟؟ وعن أي وطن تتحدثون عن وطن أضحت مقدراته بيد الأعداء وأمسى هذا الوطن ضيعة تابعة ذليلة وشعبٌ مستعبدٌ خانع ….؟؟؟)
لينقلني هذا الرد إلى سؤال لطالما دار في خلدي ما سرُ الضياع وسنين التيه التي عاناها بنو إسرائيل طيلة أربعين سنة في الصحراء ومعهم نبي الله ورسوله وكليمه موسى (عليه وعلى محمد وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته أفضل الصلاة وأتم التسليم )  فيتبادر إلى ذهني أن سر الأربعين سنة هو انتهاء جيل كامل ليبدأ عهد ُ جيل جديد خلع عنه رداء الذل والإمتهان والعبودية التي ألبسها فرعون لبني إسرائيل …
فهل سيستقيم حالنا نحنُ أهلُ العراق حيث لا (محمدٌ) يوحدنا وكلٌ يدعي وصلاُ بليلى …..أم هي سُنه الله في بني إسرائيل ستحل علينا ؟؟؟ وهل سيستقيم الأمر بعد انقضاء جلينا  والجيل الذي سيليه وربما الذي بعده …
اللهم إنا نبرأ إليك من كُل قطرةِ دمٍ تسفك …
ونبرأ إليك من كُل روح تُزهق ….
اللهم إحفظ العراق وأهل العراق ….
اللهم هيئ للعراق من يأخذ بيده إلى بر الأمان …