22 نوفمبر، 2024 7:03 م
Search
Close this search box.

هل ينظف اوباما قذارة بوش في العراق

هل ينظف اوباما قذارة بوش في العراق

ان تولي باراك حسين اوباما رئاسة الولايات المتحدة مطلع عام 2009 كأول رئيس اسود في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ، لم ياتي من رغبة الحضارة الغربية في تقبل الاختلاف ، وانما دفعتهم الى ذلك الحاجة الماسة للظهور بمظهر المتحضر، لاسيما بعد ان اكتشف العالم فظاعة القطبية الواحدة واستفراد الولايات المتحدة بمصير العالم ، وهو امر لايختلف كثيرا عن الدكتاتورية الفردية، حيث الفارق في الدرجة لا في النوع. لذا فقد كانت الحاجة ملحة لتقديم وجه جديد اكثر نظافة ومقبولية امام العالم، مع السعي للابقاء على جوهر النظام الراسمالي. واليوم تيقن العالم عموما وفي العراق خصوصا من ان مساؤى بوش لاتختلف عن مساؤى صدام في النوع بل في مقاييس سوء الادارة بكل ماتحمله الكلمة من معاني الفساد وتفرعاتها. فالجميع بشر ومتساوون في حسناتهم وسيئاتهم، في نظافتهم وقذارتهم، والفرق غير جدير بالاعتبار كثيرا. لذا فقد جاء احلال اوباما بعد بوش لاعتبارات عديدة اهمها:-                                                                                
1. ضياع هيبة الولايات المتحدة الامريكية في العالم نتجة حروب مطلع الالفية الثالثة في كل من افغانستان والعراق، ومانتج عنها من كوارث ومآسي بخلاف كل الوعود والتوقعات. وجاءت حادثة رشق الصحفي العراقي للرئيس الامريكي جورج بوش في كانون الاول/ديسمبر 2008، لتنبه الادارة الامريكية وحكومة الظل بان احتقان العالم كبير من جراء سوء الادارة الامريكية في مختلف بقاع العالم، مما قاد الى استنتاج بسيط مفاده ان امريكا لم تتغير كثيرا في الجوهر ومازالت تعمل بعقلية حرب فيتنام لعام 1965. ان تلك الحادثة البسيطة التي افرحت الكثير في العالم وحتى من بعض الامريكيين الذين التقيتهم شخصيا، كان لها اثرا كبيرا فيما بعد، فهي اشبه بحادثة الطفل الذي صرخ بان الامبراطور عاري بعد ان عجز الكبار عن ذلك، كما في الحكمة الصينية. ومن المعلوم ان بصقة ضعيف في وجه قوي ابلغ دلالة واثرا من كل ظلم القوي وجوره، فافاقت الادارة الامريكية على طرقات الصحفي العراقي، فقررت ايجاد حل يبدو جذريا لتحسين وتلميع صورة الولايات المتحة في العالم، بعد ان اضاعتها ادارة بوش، ومازالت نتائجها الكارثية مستمرة الفصول حتى اللحظة. فالماساة اقل مايمكن ان توصف به احوال الدول التي دخلتها امريكا. وكما قال المفكر العربي الدكتور يوسف زيدان: ” ومن وجوه الكوميديا السوداء، ان امريكا لم تمسّ مكانا في العالم خلال الخمسين سنة الماضية، او تتماس معه، الا وانتشر فيه الخراب والالم والمعاناة الفادحة: فيتنام، كوبا، الصومال، افغانستان، العراق، ليبيا.”                                                                                
2. تصحيح اخطاء ادارة بوش السابقة الكارثية, والتي اتضح ان الهدف الاستراتيجي منها هو سرقة ثروات العراق وفي مقدمتها النفط, ولانعلم ماذا كانت ضالعة في تسويق مخدرات افغانستان ايضا,  معتمدة على تكتيك المبرر الدرامي للحبكة الروائية الامريكية التي تمثلت في تسليم ابن لادن في افغانستان, واسلحة الدمار الشامل في العراق, والملف النووي الايراني الان, ومستندة الى حجة تدمير تماثيل بوذا في افغانستان, وضرب حلبجة بالسلاح الكيمياوي في العراق, ومستعينة بادوات محلية مثل المقيمين في الولايات المتحة الامريكية من اصول عراقية, في ظل غياب حسهم الوطني وانتمائهم القومي, مع دعم عسكري امريكي،  واشراف سياسي من خلال سفارتها في البلد. كل ذلك تحت مسمى مكافحة الارهاب, والذي بدأت تتضح معالمه بانه صناعة امريكية بامتياز. فمعظم رموزه ممن رضعوا من الحليب الامريكي ابتداء بابن لادن وانتهاءا بالخليفة ابوبكر البغدادي الذي كان مسجونا لدى الامريكان طيلة خمس سنوات في سجن بوكا في العراق.                                                                                                 
3. السعي لغلق الملفات المفتوحة ضد الولايات المتحدة  والتي تثير انتقادات كثيرة ضد سياستها داخل الولايات التحدة وخارجها, مثل ملف غوانتانامو, وملف القوات الامريكية في العراق, وملف سجن ابوغريب, وملفات الفضائح في ويكليكس, وملف التجسس على الحلفاء الغربيين، وما الى ذلك. على الرغم من ان اوباما لم ينجح في غلق غوانتانامو رغم وعده بذلك, الا انه اوفى بوعده في سحب قواته من العراق نهاية عام 2010. وظهرت الان ملف جديد الا وهو ملف الاقليات في العراق كالمسيحيين واليزيديين, مما زاد من قتامة صورة الولايات المتحدة وعقد مهمة اصلاح الخراب الامريكي في العراق بشكل كبير وغير متوقع.         
4. واخيرا، يبقى ملف عملاء امريكا في الدول التي نقلت اليها الديمقراطية الامريكية, والتي يمكن تسميتها
بدول التحرير الموهوم والديقراطية الزائفة, فقد غدا العراق ساحة المواجهة عندما طالب العراقييون بالتغيير معولين على انتخابات نيسان 2014, في حين جاءت النتائج خلاف ذلك, مما ولد احتقان شديد في العراق , قاد الى انهيار السلطة وسقوط ثلث العراق بيد الارهابيين. مما اضطر اوباما الى ان يتخذ موقفا حازما فاعلن في 13/6/2014 بانه لن يرسل قواته لدعم سلطة لاتمثل جميع العراقيين. وهذا ما قاد الى شدّ وجذب بين الاخوة الاعداء امريكا وايران وحلفاءهما في العراق انتقلت الى طاولة المفاوضات النووية بينهما, لتأتي الرسالة حازمة من واشنطن بان على حليف ايران الرئيسي نوري المالكي ان يسلم السلطة مرغما ليعلن في الساعة 11 ليلا في 51/8/2014 انصياعه للقرار الامريكي، مما يشكل بادرة اولى لاعادة القطار العراقي على السكة الصحيحة, ولكن مازال الكثيرون مثله بحاجة لاتخاذ نفس الموقف او سيلاقون النتائج التي هددتهم بها كوندليزا رايس عام 2007 عندما قالت باننا لو تركناكم لعلقوكم العراقيون على اعمدة الكهرباء في شوارع بغداد.                                                                                                  
نأمل ان يتمكن اوباما من ازالة مخلفات بوش في العراق فالمشكلة لاتنحصر بالمالكي وحده بل كان جزء من منظومة سيئة بحاجة لاصلاح كامل, خاصة وان اصول اوباما المسلمة قد علمّته ان الاعمال بالتمام.

أحدث المقالات